الموت الرحيم

تعتبر كلمة Euthanasia واحدة من آلاف الكلمات التي يحكُّ المستفيدون، من مزايا “مركز تعريب العلوم الطبية، مجلة تعريب الطب”، رؤوسهم لإيجاد أو اكتشاف مرادف لها في اللغة العربية، وكأن مشكلة الطب لدينا لغوية، وليست مشكلة أداء وخبرة ومعرفة وإخلاص، علما بأن هذا المركز «كوّش» على خيراته وزير صحة سابق، وجماعته، منذ سنوات، ولم يعرف، من واقع اتصالاتي مع عدد من خيرة الأطباء، أن أحدا استفاد منه، غير المسيطرين عليه، فالطبيب الذي يحترم نفسه يعرف أين يجد المعلومة التي يريد!

ولكن هذا ليس موضوع مقالنا، فما نريد الكتابة عنه هو «الموت الرحيم» أو Euthanasia التي تعني التدخل الطوعي لإنهاء حياة مريض بغرض تخفيف آلامه، أو التدخل الطبي لإنهاء حياة مريض بناء على رغبته! وهذا النوع من إنهاء الحياة تقرّه الكثير من شرائع الدول الغربية، وأول من جرّب هذه الطريقة من الموت الطوعي هو الامبراطور اليوناني أغسطس، الذي اختار التخلص من آلامه بين ذراعي زوجته! ويعرف قاموس اكسفورد “اليوثانازيا” بـ: “تخلص من يعاني من أوجاع لا تطاق من حياته بغير ألم”.

وأشهر من مارس هذا النوع من القتل الرحيم الدكتور جاك كيفوركيان، الأميركي، والمولود من أبوين أرمنيين، الذي توفي قبل ستة اشهر، بعد أن قضى آخر ايامه في مساعدة الكثير من المصابين بأمراض عضال ومزمنة في التخلص من حياتهم. وقد تعرض للسجن أكثر من مرة، وكان آخرها عام 1999 عندما حكم عليه بـ 25 سنة، ولكن اطلق سراحه بعد 8 سنوات، شريطة امتناعه عن تقديم اي نصيحة أو مساعدة لأحد في كيفية التخلص من حياته، ولكن هذا لم يمنعه من إيصال رسالته الإنسانية للكثيرين. ويذكر أن والد جاك هاجر إلى أميركا من أرزروم، تركيا. كما هاجرت والدته في الفترة نفسها، هربا من المذابح التي تعرض لها الأرمن في تركيا عام 1915، والتقى الاثنان في ارض الحلم والأمل، وكان جاك أوسط أبنائهم، وكان مميزا في دراسته وتخرج طبيبا عام 1945، وعلم نفسه اليابانية والألمانية، ونشر في عام 1988 سلسلة من رسائله الطبية عن اليوثانازيا بالألمانية في الدورية العلمية “الدواء والعدل”.

أكتب هذا المقال لعلمي بوجود الكثير من المصابين بامراض خطيرة بيننا، وتسبب لهم الكثير من الألم ويرغبون في التخلص من حياتهم بمشيئتهم، وهم بكامل الأهلية، ولكنهم بحاجة لمن يمد لهم يد العون، ولكن بسبب قصور القوانين المتعلقة بهذا الأمر، فإن الأطباء المؤمنين بهذا الأسلوب من الموت الرحيم عاجزون عن فعل شيء، وليس هناك أمل في صدور قانون لمعالجة مثل هذه الأمور، لأن نسبة كبيرة من مشرعينا لا يزالون مشغولين بعدّ المبالغ الضخمة التي حصلوا عليها، نتيجة مواقفهم غير المشرفة في مجلس الأمة!

أحمد الصراف

القبس

Share This