أرمينيا بلد الأجداد.. لبنان نهائي.. وبرج حمود “حلوة”

بين حدي نصب ضحايا المجزرة الأرمنية و«كاتدرائية السيدة»، وهي اول كنيسة شيّدت في السنة الاولى من القرن الرابع في اول دولة تعترف بالمسيحية دينا لها، وهي ارمينيا التاريخية طبعا، وليست الحالية، وقف الوزراء والنواب الارمن اللبنانيون يستحضرون معاناة الاجداد الذين هاموا على وجه البسيطة بحثا عن ملجأ يقيهم من الموت المحتم على يد الجلاد الذي لاحقهم اينما ارتحلوا.

في أرمينيا، تلمس كيف ان اللبنانيين الأرمن نجحوا في تنظيم الاختلاف في ما بينهم مستفيدين من عبر الماضي التي توجب عليهم التوحد الدائم برغم خياراتهم السياسية المتناقضة، وانطلاقا من هذا التنوع كان حرص رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على ان يضم الوفد الرسمي الى أرمينيا ممثلي كل الطيف الارمني اللبناني: وزيران وثلاثة نواب لم يستطيعوا اخفاء التأثر الذي بدا جليا على محياهم ساعة وطأت اقدامهم هذا «الجزء من ارض الاجداد» وحين اطل عليهم جبل ارارات بمهابته وشموخه المجلل بالبياض الدائم.

فما الذي قاله هؤلاء اللبنانيون الارمن في ارمينيا لـ«السفير»؟

يقول وزير الدولة بانوس مانوجيان “انا لبناني من اصل ارمني ولكن اصولي ليست من ارمينيا الحالية بل من لواء الاسكندرون او ما كان يسمى بكيليكيا، وأهلي هجروا الى لبنان في ثلاثينيات القرن الماضي، وأرمينيا تبقى وطني بعد لبنان ومع لبنان «اذا بدّك»، شعوري كبير جدا وفرحي عندما شاهدت جبل ارارات”.

اما زميله وزير الصناعة واريج صابونجيان فكان اكثر استفاضة في الكلام حيث اسعفه التعبير للقول “ما تعلمته في المدرسة ومن الاهل والاجداد ان هذا هو بلد الارمن ولكن انا لبناني، وأنا الآن في عداد وفد رسمي وأقوم بواجباتي كلبناني ارمني حيث وقعنا على اتفاقيات تفعّل العلاقات بين البلدين، في الفن والموسيقى والثقافة، كما في المجالات التجارية والصناعية والاستثمارية، وأتمنى ان تأخذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين طريقها الى التنفيذ، كما ان زيارة الرئيس سليمان الى ارمينيا مهمة جدا ونتمنى زيارة قريبة لرئيس ارمينيا الى لبنان لأنها ستكون مفيدة جدا. العاطفة تجاه ارمينيا موجودة وهذا من طبيعة البشر ورسّخ هذا الامر داخلنا عبر دراسة تاريخنا وما نقله الآباء والاجداد الينا. الارمني مخلص لوطنه اينما حلّ، ونحن يهمنا لبنان بأمنه واستقراره واقتصاده وعلاقاته وكمجتمع متنوع وموحد”.

حالة النائب سيرج طور سركيسيان مختلفة لتطابق الاسم مع الرئيس الارميني فكلما كانت تطلق عبارة ثناء للرئيس الأرميني طور سركيسيان كان يعبر بحركة عن امتنانه. الروح المرحة عند هذا النائب الأرمني تجعله خير أنيس لكل من رافقه في رحلة خارجية. يقول “القصة «المهضومة» أن أزور ارمينيا لكي التقي برئيس جمهورية يحمل اسمي، ولكن التخلي عن لبنان صعب مهما كانت ارمينيا جميلة”.

أما النائب اغوب بقرادونيان فلا يغادر وقاره المعهود قائلا «شعوري كلبناني من اصل ارمني انني اساهم في تمتين العلاقات بين دولتين اعتبرهما وطني الام الاول لبنان والثاني ارمينيا، فالعلاقة بين البلدين عضوية وهي علاقة تاريخ مشترك ومأساة مشتركة ومبنية من القلب الى القلب، وعلينا كوزراء ونواب وقيادات تمتين هذه العلاقات وتوحيد الجهود لكي نعطي رسالة مشتركة مهمة للإنسانية والعالم اجمع، لا استطيع المقارنة بين برج حمود ويريفان انا ولدت في لبنان وجذوري لبنانية وأصلي من ارمينيا التاريخية المحتلة من قبل تركيا، ومن المؤكد أنني اتمنى استرجاع الاراضي المحتلة ولكن انا اعيش في وطني لبنان”.

مسك الختام مع النائب جان اوغاسبيان، فيجيب بواقعيته المعروفة «جذورنا ليست ارمينيا الحالية بل التاريخية الموجودة في كيليكيا ما يسمى بلواء الاسكندرون، وهذه الزيارة لها اكثر من معنى والقضية الاساس التي تجمعنا هي حيث وضعنا اكليلا من الزهر على شهداء المجزرة وهذه تعني كل الارمن على مساحة تواجدهم في العالم فهي قضية انسانية كبرى وعلينا الاستمرار جيلا بعد جيل في العمل للتوصل الى الاعتراف التركي بالمجازر وتاليا الاعتراف الدولي بها وهذا ما يجمع كل الارمن».
ساد جو من المرح المختلفين في السياسة والمتوحدين في أن ارمينيا بلد الاجداد ولبنان وطن نهائي… و«برج حمود حلوة مش هيك» على حد تعبير احدهم.

داود رمال

السفير

Share This