المجزرة الأرمنية والعلاقات الفرنسية التركية

تدهورت العلاقات القائمة بين أنقرة وباريس جراء مشكلة إبادة الأرمن العرقية في العهد العثماني. فقد أقر مجلس النواب للبرلمان الفرنسي قانونا يعلن إنكارها جريمة بعينها. وبعد ذلك صرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب لإردوغان بأن بلاده أوقفت كل الاتصالات بفرنسا سواء أكانت سياسية أو عسكرية أو اقتصادية. وغادرها اليوم السفير التركي بصورة استعراضية.

اعترفت 20 بلدا ومنظمة دولية بما فيها روسيا والبرلمان الأوروبي بحقيقة المجزرة الأرمنية في تركيا.. أثناء الحرب العالمية الأولى كانت الإمبراطورية العثمانية التي أصبحت تركيا وريثة لها، إلى جانب ألمانيا ضد بريطانيا وفرنسا وروسيا. ولم تفلح سلطاتها في جذب الأرمن إلى جانبها لأنهم أيدوا روسيا. وبعد ذلك بدأت حملة إبادة الأرمن. وبالنتيجة قتل حوالي مليون وخمسمئة شخص أو بالأحرى نصف عدد الأرمن في ذلك الوقت، علما بأن تركيا ترى أن هذه المعطيات مبالغ فيها كثيرا وتؤكد أن كلا الطرفين تكبدا الخسائر آنذاك بسبب انتفاضة الأرمن.

وفيما يخص فرنسا فإنها اعترفت بإبادة الأرمن قبل 10 سنوات. لكن الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الذي ينتسب إليه نيقولا ساركوزي أفشل أول محاولة لإقرار قانون يتعلق بمعاقبة من ينكر حقيقة مجزرة الأرمن. ونرى اليوم أن هذا الحزب بالذات وعلى رأسه الرئيس الفرنسي تقدم بفكرة إقرار القانون. ومن ثم اتهمت أنقرة باريس بأنها تستعين بالتاريخ وتستغله على أعتاب الانتخابات الرئاسية.  ويعتقد يوري روبينسكي مدير مركز الأبحاث الفرنسية لدى أكاديمية العلوم الروسية أن هذا الرأي له ما يبرره. فقال:

دوافع فرنسا السياسية واضحة تماما إذ أن الجالية الأرمنية فيها تضم ما بين 450 و500 ألف شخص ويشغل كثير منهم مواقع مرموقة في المجتمع وأوساط العمل. وهذا ورقة رابحة في الحملة الانتخابية. وبطبيعة الحال تتنافس القوى السياسية الفرنسية على أصوات الأرمن.

تبني مشروع القرار الخاص بنفي حقيقة حدوث الإبادة الأرمنية من شأنه أن يزيد من عدد أصوات الناخبين المؤيدة لنيقولا ساركوزي.

إليكم ما قاله بهذا الخصوص كريكور إيزياكان ممثل الجالية الأرمنية  في البرلمان الفرنسي:

إني أشعر بالرضا التام. وهكذا فلم يكذب أجدادنا الذين شاهدوا المجزرة بأم أعينهم. وبقي بعضهم على قيد الحياة فيما لقي بعضهم الآخر مصرعهم.

هذا وإن اصطياد الأصوات قد يؤدي إلى خسرانها. فقد شهدت المظاهرات التي نظمها الأتراك في باريس أمس بأن الاستياءه من موقف باريس يمكنه أن يجد تأييدا من قبل النازحين من بلدان أخرى.

يقول أحد المشاركين فيها:

إني لا أدري لماذا يتهجمون علينا. فقد وقعت هذه الأحداث منذ زمن بعيد، وتحديدا – قبل حوالي مئة سنة.  وهذه المسألة ما هي سوى سبب لإُثارة التوتر الآن.

مشروع القانون سوف ينظر فيه يوم 5 يناير (كانون الثاني) القادم مجلس الشيوخ الفرنسي الذي يرأسه حاليا الاشتراكيون. وهم الذين اقترحوا إصداره قبل 10 سنوات.

ويتوقع أن يصوت مجلس الشيوخ تأييدا لمعاقبة الذين ينكرون حقيقة مجزرة الأرمن بالسجن لمدة سنة واحدة أو بغرامة قدرها 45 ألف يورو.

23.12.2011

صوت روسيا

http://arabic.ruvr.ru/2011/12/23/62771269.html

Share This