أصداء صحيفة السفير حول قانون إنكار الإبادة الأرمنية

البرلمان الفرنسي يقر قانون إنكار الإبادة الأرمنية
أردوغـان يضيـف فرنسـا إلى مسلسـل العقـوبات

تحت عنوان (البرلمان الفرنسي يقر قانون إنكار الإبادة الأرمنية – أردوغـان يضيـف فرنسـا إلى مسلسـل العقـوبات) كتب محمد نور الدين:

تعرضت دبلوماسية «تصفير المشكلات» التركية الى ضربة أخرى جاءت هذه المرة من حليفتها المستجدة فرنسا حيث حصل ما كان متوقعا وأقر البرلمان الفرنسي مشروع قانون يعاقب كل من ينكر وجود «إبادة» بحق الأرمن في العام 1915 بالسجن سنة ودفع غرامة قيمتها 45 ألف يورو.


وسرعان ما قابل رئيس الحكومة التركية الخطوة الفرنسية بإعلان رزمة أولى من العقوبات على فرنسا تمثلت في تعليق العلاقات السياسية والعسكرية والفعاليات الاقتصادية في تذكير بـ«مسلسلات» العقوبات الذي دأبت حكومة حزب العدالة والتنمية على انتهاجه من اسرائيل الى سوريا واليوم الى فرنسا.

وفي التفاصيل التقنية ان البرلمان الفرنسي انعقد أمس بحضور عدد قليل من النواب لم يتجاوز السبعين نائبا من أصل 577 نائبا ووافق على مشروع معاقبة منكري الإبادة بغالبية الحضور.
حصل المتوقع لأن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بخلاف المرات السابقة كان متحمسا للقانون لحسابات سياسية واضحة وهي كسب ود اصوات نصف مليون ناخب ارمني في انتخابات الرئاسة الفرنسية في الربيع المقبل. وبلغت درجة اصرار ساركوزي على تمرير المشروع حد الامتناع عن الرد على محاولات الرئيس عبد الله غول الاتصال به على مدى يومين كاملين.

ورغم الوفد الذي أرسلته تركيا الى فرنسا لإقناع النواب الفرنسيين بعدم المضي في المشروع ورغم التحذيرات التركية المتكررة حول عواقب تمرير القانون على العلاقات الاقتصادية وغير الاقتصادية بين البلدين فقد وافق البرلمان الفرنسي على القانون.
لكن ذلك ليس نهاية المطاف بالنسبة للقانون اذ عليه ان يمر بمحطتين لكي يصبح نافذا. أي ان المعركة التركية لإسقاط القانون لم تنته بعد الى الفشل.

ذلك ان مشروع قانون مماثلا لمعاقبة منكري الإبادة قد مر في البرلمان الفرنسي في العام 2001 لكن ساركوزي نفسه استخدم صلاحياته لمنع وصول القانون الى مجلس الشيوخ فسقط تلقائيا.

اليوم يحتاج القانون الجديد الى مصادقة مجلس الشيوخ. ومن ثم تصديق رئيس الجمهورية.
يأمل الأتراك ان يسقط المشروع في مجلس الشيوخ يحدوهم في ذلك الضغوط التي يمارسونها على فرنسا ولا سيما على الصعيد الاقتصادي، وتذكير الفرنسيين ان حصتهم في المناقصات التركية لن تكون مضمونة وهي مناقصات كبيرة على صعيد الطاقة وشراء الطائرات المدنية خصوصا.

ويذكّر الأتراك الفرنسيين انه إذا كان هناك من نصف مليون ناخب أرمني فهناك أيضا نصف مليون ناخب تركي.

ويتشجع الأتراك من أن عدد النواب الذين حضروا جلسة البرلمان كان قليلا جدا وهو مؤشر على ان القانون قد لا يمر لاحقا وان الضغوط التركية قد أثمرت ويستشهدون بغياب وزير الخارجية ألان جوبيه عن الجلسة كعلامة انقسام فرنسي بهذا الخصوص.
ويدرك الأتراك جيدا ان اية عقوبات اقتصادية على فرنسا لن تفيد تركيا وستضر باقتصاد البلدين. ذلك ان حجم التجارة بين البلدين يقارب العشرة مليارات يورو تشكل صادرات تركيا منها أربعة مليارات. وهو حجم تجارة كبير يضاف اليه ان نصف تجارة تركيا الحالية مع الاتحاد الأوروبي. كما ان استثمارات فرنسا كبيرة في تركيا حيث توجد ألفا شركة فرنسية تشغّل اكثر من خمسين ألف عامل تركي.

وعلى هذا لا يتوقع ان تلجأ تركيا الى عقوبات اقتصادية مؤثرة. وإذا كان من تدابير معينة فهي ستكون سياسية مثل سحب السفير وهو الأمر الذي حصل وأعلنه اردوغان فعلا وذلك في انتظار ما اذا كان القانون سيستكمل دورته التشريعية أم لا. وهي ليست المرة الأولى التي ترفع تركيا الصوت ومن ثم تعود المياه الى مجاريها. اذ حصل الأمر نفسه مع الولايات المتحدة قبل سنة ونيف فقط مع اعتراف لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس بحصول إبادة في العام 1915. وسحبت تركيا سفيرها من واشنطن ثم أعادته. ومع فرنسا بالذات فعلت تركيا الشيء ذاته بعد اعتراف فرنسا بالإبادة عام 2001 ومن ثم كأن شيئا لم يكن.
وفي عودة الى مواقف اردوغان التي اعلنها في مؤتمر صحافي عقب انتهاء محادثاته مع ضيفه الرئيس الأوكراني فكتور يانوكوفيتش، دان رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان موافقة البرلمان الفرنسي على القانون وقال انه يسيء الى فرنسا نفسها قبل ان يسيء الى تركيا، مضيفا ان الحرية التي هي اهم رمز للثورة الفرنسية «سقطت تحت الأقدام» وقال ان فرنسا بعد اليوم ليست فرنسا فولتير ومونتسكيو. وقال انه من المؤسف ان يبادر ساركوزي الى خطوة من أجل حفنة من الأصوات. واتهم اردوغان ساركوزي بأنه يستغل الكراهية ضد الأتراك والتخويف من الاسلام لكي يمرر اهدافا شخصية. وقال ان ما جرى يشكل قلقا على القيم الفرنسية والأوروبية.

وقال اردوغان ان تركيا سوف تشرح للعالم وأفريقيا المجازر والإبادات الفرنسية في افريقيا والعالم. وقال انه لا توجد في تركيا إبادة. يعيش اليوم في تركيا اكثر من 140 ألف أرمني. وقال ان تركيا بلد تسامح اذ استقبل عشرات الآلاف من اليهود الهاربين من الأندلس.

وأعلن اردوغان عن تعليق العلاقات السياسية والعسكرية مع فرنسا كما ان تركيا لن تشارك في اية مشاورات اوروبية تكون فيها فرنسا طرفا. ووصف اردوغان هذه العقوبات بأنها مرحلة أولى ستتبعها مرحلة ثانية وفقا للتطورات.

وقال اردوغان «نحن نفتخر بتاريخنا ولا يوجد اية حادثة فيه تشكل حرجا لنا وجميع الأحداث فيه نحاول مواجهتها وتسليط الضوء عليها. ولقد فتحنا كل وثائق الارشيف التركي فمن أراد النظر فليأت الى هنا. التاريخ لا يكتب بالتصويت في البرلمانات. التاريخ يزيّف في البرلمانات.

ومن يزيّف التاريخ لا يغفر له. وباستثناء حزب السلام والديموقراطية الكردي فقد ندد جميع المسؤولين واحزاب المعارضة التركية بالقانون الفرنسي.

Your browser may not support display of this image. Your browser may not support display of this image. Your browser may not support display of this image.

وفي نفس الموضوع، كتب محمد نور الدين مركزاً على ردة فعل تركيا وأصداء الصجافة التركية مقالاً بعنوان Your browser may not support display of this image. Your browser may not support display of this image. Your browser may not support display of this image. (أردوغان يتهم فرنسا «بإبادة» الجزائريين / أنقـرة مرتبكـة تجـاه باريـس: العقوبـات تؤذيـها أيضـاً)، جاء فيها:

على الرغم من حدة ردة فعل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان على تشريع البرلمان الفرنسي قانون تجريم إنكار «الإبادة» الارمنية، وردود فعل الصحافة التركية الغاضبة، غير أن العديد من الأصوات بدأت ترتفع محذرة من ذهاب العلاقات بين البلدين إلى نقطة القطيعة التي لا تفيد أيا منهما.

وجاء في بعض عناوين الصحف التركية أمس: أنظر ساركو نحن هذا (أقشام)، لن تفيد ردود الفعل (بركون)، صفعة من ثمانية انذارات (بوكين)، منع بـ44 صوتا (جمهورييت)، المرأة التي أهانت التاريخ (غونش)، السفلة (اورطا دوغو)، لي ميزيرابل (أي البوساء في صحيفة راديكال)، 45 معتوها (سوزجي)، الأبواب أغلقت (ستار)، الثمن سيكون باهظا (ميللييت)، السيوف سلّت (يني مساج).

وهاجم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان فرنسا بشدة واتهمها «بالإبادة» في الجزائر. وقال، في محاضرة في اسطنبول، «إن نسبة الجزائريين الذين ذبحهم الفرنسيون تقدر بنحو 15 في المئة اعتبارا من 1945. انها ابادة». واضاف «اذا كان الرئيس الفرنسي (نيكولا ساركوزي) لم يعلم بحصول ابادة فليسأل والده بال ساركوزي الذي خدم في القوات الاجنبية في الجزائر خلال الاربعينيات. وتابع تعرض الجزائريون الى عمليات حرق جماعي في الافران والى اضطهاد بلا رحمة.

من جانبه قال ساركوزي، في براغ حيث شارك في جنازة الرئيس التشيكي السابق فاتسلاف هافل، «انا احترم قناعات اصدقائنا الاتراك، انه بلد كبير، وحضارة كبيرة، وعليهم احترام قناعاتنا». واضاف ان فرنسا لا تلقن احدا دروسا لكنها لن تقبل ان تلقن دروسا.
وفي التعليقات، قال سامي كوهين في صحيفة «ميللييت» إن التصويت في البرلمان الفرنسي كان فضيحة، لأن الحاضرين من النواب لم يتجاوزوا العشرة في المئة. لكن ما حصل كان متوقعا، وبذلك تدخل العلاقات التركية الفرنسية في مرحلة جديدة لا يعرف إلى أين ستوصل، معتبرا ان المواقف الفرنسية والتركية، والتي صدرت عن وعي كامل، تظهر بأن مرحلة من التوتر والهوة ستكون أمامهم.

وقال كوهين انه لم يكن أمام تركيا سوى أن تتخذ سلسلة من العقوبات ردا على القرار. وأضاف إن «الطرفين مشغولان الآن بحساب الأضرار التي ستصيب كلا منهما، وكل منهما يزعم أن الآخر سيكون الأكثر تضررا. ولكن من الواضـــح أن كلا الطـــرفين سيخرج متضررا، فلا القــرار الفرنسي سيغــيّر الموقــف التركي، ولا العقوبات التركية ستــخنق المصــالح الفرنسية.

ويقول الكاتب إن ردة الفعل التركية على القرار خلقت عدم ثقة عاليا بين الطرفين. وإذ يشير إلى أن كل الأحزاب الفرنسية أيدت القرار فإن «عامل ساركوزي» يبقى الحاسم هذه المرة، لأنه يريد تحسين وضعه في انتخابات الرئاسة في نيسان المقبل بعد تراجعه في استطلاعات الرأي.

ويرى الكاتب أن الفرصة مع ذلك لا تزال متاحة لترميم العلاقات من خلال عدم إيصال القانون إلى مجلس الشيوخ أو رفضه داخل مجلس الشيوخ. وفي حال لم يحدث ذلك، وتم تشريع القانون نهائيا فإن الضحية الأكبر ستكون الصداقة والشراكة التركية ـ الفرنسية وسيكون الطرفان خاسرين فيها.

ويكتب محمد علي بيراند في «حرييت» قائلا إن على ساركوزي أن يخجل من مثل هذا القانون، لكنه يدعو الحكومة التركية إلى التحرك بطريقة مختلفة، موضحا ان العقوبات على فرنسا ودعوات المقاطعة لن تفيد تركيا. ويتساءل «لماذا نعاقب انفسنا؟. فإغلاق شركة رينو الفرنسية في تركيا ستؤذي تركيا وليس فرنسا. ولماذا نضحّي بـ13 مليار يورو حجم التجارة بين البلدين.

كذلك يدعو بيراند 170 ألف مواطن فرنسي من أصل تركي إلى الطعن أمام المحكمة الدستورية، واعتبار القانون مخالفا للدستور الفرنسي. لكنه يدعو أنقرة أيضا إلى محاسبة نفسها على تاريخها، ولا سيما أن الذكرى المئوية «للإبادة» تقترب في العام 2015. وقال إن سياسة ردة الفعل والتهديد ونشر الوثائق قد انتهت وباتت قديمة، وعلى تركيا أن تقارب المسألة بطريقة مختلفة معترفا أن الأرمن أقنعوا الرأي العام العالمي بحججهم و«نحن لم نفعل شيئا». ودعت صحيفة «بركون» إلى عدم التعويل على ردود الفعل التركية، لأن أنقرة ليست في موقع قوي إذ أن أي تشريع في البرلمان التركي للاعتراف بالإبادة الفرنسية في الجزائر لن تفيد، حيث أن رئيس الوزراء التركي السابق عدنان مندريس كان حينها يقف إلى جانب الاحتلال الفرنسي في الجزائر وعارض استقلال الجزائر في الأمم المتحدة.
من جهته قال رئيس اتحاد المستثمرين في الفنادق السياحية تيمور بايندير إن التوتر قد ينعكس سلبا على السياحة التركية. وأوضح أن عدد السياح الفرنسيون إلى تركيا في العام 2011 وحتى نهاية تشرين الثاني بلغ مليونا و 44 ألف سائح، بينما كان في العام الماضي في الفترة نفسها 850 ألفا. وقال إن «مثل هذه الأحداث غالبا ما تنعكس سلبا على السياحة. على سبيل المثال كان يأتي إلى تركيا 600 ألف سائح إسرائيلي، واليوم لا يوجد أي سائح. وكان يأتي من سوريا مليون سائح. الآن لا احد». وفي الأساس توجد أزمة في أوروبا لذا فإن بايندير يتوقع أن يكون العام 2012 صعبا على صعيد السياحة، إذ سيتردد السياح الفرنسيين في القدوم إلى بلد قد يدخل بين الدول التي يمكن أن يواجه السائح فيها مشكلات.

محمد نور الدين

السفير


Share This