برئاسة كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس آرام الأول ندوة عن “مجلس كنائس الشرق الأوسط” وإطلاق هيئته الجديدة

عقدت ندوة ظهر اليوم، في بطريركية الارمن الارثوذكس في انطلياس، بعنوان: “مجلس كنائس الشرق الأوسط… تعاون بين الكنائس: اتحاد وشهادة”، وأطلقت خلاله الهيئة الجديدة لمجلس كنائس الشرق الأوسط، بدعوة من رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر.

شارك في الندوة بطريرك الأرمن الأرثوذكس أرام الأول كيشيشيان، بطريرك السريان الانطاكي اغناطيوس يوسف الثالث يونان، مطران السريان الارثوذكس جورج صليبا، المطران كوستا كيال، القس حبيب بدر عن العائلة الانجيلية، والأمين العام الجديد للمجلس الاب الدكتور بول روحانا.

أدار الندوة مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الخوري عبده أبو كسم واستهلها بالقول: “إن مجلس كنائس الشرق الأوسط علامة فارقة في حركة الكنيسة على امتداد المشرق المسيحي، وهو علامة اتحاد في سبيل عيش كلمة الله المرتكزة على عيش المحبة ونشرها في زمن من الأزمنة الصعبة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط”.

وشدد على “الشهادة التي تتجلى في اتحاد هذه الكنائس”، معتبرا “أن المجلس هو الممثل الرسمي للكنائس المشرقية، وعليه أن يلعب دورا مميزا في تثبيت المسيحيين في أرضهم والحد من هجرتهم”.

كيشيشيان
ثم تحدث البطريرك كيشيشيان فقال: “إن الكنيسة الأرمنية مسكونية بامتياز، وهي تلتزم العمل الاجتماعي ومنفتحة على الجميع بالحوار. وإن مجلس كنائس الشرق الأوسط هو المكان الذي يتجلى فيه التزام كنائسنا”.

وأشار إلى “بدء مرحلة جديدة من الشهادة”، مشددا على “التعاون والتماهي بين المجلس والكنائس”.

وتناول أولويات المجلس، “وفي مقدمها وحدة المسيحيين التي تتجاوز مسألة العقيدة إلى العمل معا، والصلاة معا لجعل هذه الوحدة مرئية وملموسة”، وقال: “ثاني أولوياتنا هي مسألة التربية حيث أن تنشئة شعبنا، خصوصا في المدارس، هو أحد أبعاد رسالة الكنيسة. وثالثها، العمل الاجتماعي، حيث أن الكنيسة هي التزام رسولي يتجلى عمليا بالعمل. وإننا نعطي العلاقات مع الكنائس في بلاد الانتشار الأهمية الكبرى، لاسيما من حيث التنسيق المنظم والمفعل مع المؤمنين، أبناء الجاليات في الخارج”.

وشدد على “ضرورة إعادة تنظيم العلاقات مع كنائس الغرب وتفعيلها، لاسيما في الإطار الاجتماعي”، وقال: “إننا نواجه مصاعب وهموما وتحديات لا تستطيع الكنيسة التفرج عليها، نظرا لالتزامها العمل الرسولي. وإن إعادة الحرية والكرامة وحقوق الإنسان لأصحابها هي دعوة الكنيسة. وعلى المجلس أن يؤدي دورا كبيرا في هذا السياق لأن القيم الانسانية هي في قلب التزامنا المسيحي”.

مطر
وألقى المطران مطر كلمة قال فيها: “امضيت في المجلس 16 سنة، بعدما كان لي شرف القيام مقام مثلث الرحمة المطران يوسف الخوري، أول رئيس كاثوليكي على هذا المجلس منذ عام 1992. وبعد ذلك، تسلمت مسؤولياتي في لجنته التنفيذية، ومنذ 4 سنوات كنت أحد رؤساء هذا المجلس”. أضاف: “ليس صعبا علي التحدث عن هذا المجلس، فهو باق في قلبي وضميري وصلاتي. وبصفتي رئيسا للجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، أردت أن نفسح المجال ليعرف اللبنانيون أكثر عن هذا المجلس، لكي يحبوه أكثر، ويعملوا من أجله. وليس أهل لبنان فحسب، بل كل أهلنا في الشرق الأوسط. وإن جلستنا اليوم هي للتحدث عن مسؤوليات المجلس والانتظارات، وهو يضم مجمل كنائس الشرق الأوسط. كما أنه الجسم الوحيد الذي يضم كل هذه الكنائس مجتمعة بصورة رسمية”.

وتابع: “إن المجلس هو بيت جميع المسيحيين، إذ نلتقي من مصر والأرض المقدسة والعراق وسوريا ولبنان وقبرص لنتحاور ونتعاون على مستوى الحوار الايماني ولنقترب أكثر من بعضنا البعض، وكلنا من ربنا يسوع المسيح”. وأردف: “نشدد على التعاون من خلال المجلس على نشر الروح المسكونية عبر تربية الأجيال على هذه الروح، وعمل الخير لتكون لنا شهادة واحدة، وليكون لنا إعلام مسيحي من أجل أن نثبت حضورنا ورسالتنا”.

وتحدث عن عائلات المجلس وعددها، وقال: “إن عائلات المجلس هي الشرقية القديمة، الأرمن الأرثوذكس، السريان الأرثوذكس، الأقباط الأكبر عددا والأكثر جهادا، العائلة الأرثوذكسية والتي تضم 4 بطريركيات: انطاكية، اورشليم، الاسكندرية وأسقفية قبرص، العائلة الانجيلية، والعائلة الكاثوليكية التي دخلت المجلس منذ 20 سنة”. أضاف: “في كل العالم لا تشارك الكنيسة الكاثوليكية في أي عمل مع الكنائس الأخرى. وإننا نفتخر بأننا بدأنا هذا النشاط في الشرق الأوسط”. وأشار إلى “توصية الفاتيكان في المحافظة على هذا العمل”، وقال: “نتمنى أن يبقى المجلس علامة فارقة لتعاون جميع المسيحيين لنكون معا. فإما أن نكون معا أو ألا نكون. وليس لنا أن نكون معا منعزلين عن غيرنا، نحن لا نسعى إلى المحافظة على ذواتنا بمعزل عن الآخرين، ولا نريد مصيرا خاصا بنا غير مصير الآخرين. وليس المطلوب أن نهاجر لأن الله وضعنا في هذه الارض حملة رسالة، لا أن نذوب ونصبح لا شيء، بل أن نكون مع بقية الإخوة حاضرين ومشاركين في المصير الواحد والهم الواحد ليكون لنا مستقبل واحد”.

يونان
وتحدث البطريرك يونان فقال: “نلتقي اليوم لنلقي الضوء على وجودنا وحضورنا وعضويتنا في مجلس كنائس الشرق الاوسط، عارضين وضعه الراهن، وآفاق عمله مستقبلا. إن المجلس هيئة مسيحية تضم العائلات الكنسية الأربع في الشرق الأوسط. لذلك، رسالته فريدة في تعزيز التلاقي بين الكنائس في شرقنا الحبيب، مما يسهم في توحيد الصف وتحقيق الوحدة”. أضاف: “إننا أمام مسؤولية المحافظة على الحضور المسيحي في الشرق المتخبط، بتوحيد الكلمة والجهود واعلاء الصوت في الدفاع عن الكرامة الانسانية لجميع المواطنين”.

وعبر عن تأثره بزيارتين قام بهما إحداهما بجانب البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي لبغداد، والثانية لماردين في تركيا، أرض الآباء والاجداد حيث كاد الوجود المسيحي أن يزول”. وشدد على “وجوب تقوية أواصر الوحدة بين المسيحيين، كي تأتي شهادتنا لإنجيل المحبة بالصدق والأمانة”. وتحدث عن أبرز أعمال المجلس، مذكرا ب”اللقاءات والمؤتمرات التي أقامها دعما للحوار المسيحي – الاسلامي الهادف الى قبول الآخر”، مشددا على “العمل المشترك في سبيل الخدمة الانسانية وتحقيق العدالة والدفاع عن حقوق الإنسان”. ولفت إلى “أن نشاطات المجلس تمر في فترات ركود وانتعاش”، مشددا على “ضرورة توحيد الجهود لتوفير الخدمة للعمل المسكوني وتأمين السيولة اللازمة والدعم المالي ليتمكن الامين العام الجديد وجميع العاملين معه من تهيئة البرامج المفيدة والجاذبة للشركاء”.

صليبا
من جهته، قال المطران صليبا: “من الضروري في كل حين أن يسمع صوت الكنائس عبر هذا المجلس الذي سماه الخوري ابو كسم والمطران مطر: صوت الكنيسة في الشرق الاوسط”. أضاف: “إن الحركة المسكونية هي إحدى البركات التي اسبغها الله على المسيحية في العالم والشرق الاوسط. ويعود الفضل في تأسيس هذه الحركة الى الكنائس الانجيلية التي توافدت للعمل في الشرق الاوسط كمؤسسات عالمية تبغى جمع الكنائس وتوحيد وجهة نظرها ورسالتها في العالم، كشهادة مسيحية في عالم غير مسيحي، بل من كل الاديان”. وأشار الى “انضمام الكنيسة السريانية الارثوذكسية في مرحلة مبكرة الى مجلس كنائس الشرق الادنى، وتبعتها سائر الكنائس الارثوذكسية في هذا الشرق، انطاكية والاسكندرية واورشليم وقبرص”. أضاف: “تنادينا منذ عام 1971 حتى نؤسس مؤسسة عامة تجمعنا مع الانجيليين لاكمال هذه المبادىء. وفي عام 1974، بدأ المجلس بصيغته الحالية حيث ضم الكنائس الارثوذكسية البيزنطية والارثوذكسية الشرقية والكنائس الانجيلية والانغليكانية، واصبحنا تحت اسم مجلس كنائس الشرق الاوسط. وإن الكنيسة الكاثوليكية كانت تدعى كمراقب للتعبير عن وجهة نظرها. وتوج هذا المسار بانضمامها بصورة رسمية الى المجلس في عام 1990″.

كيال
أما المطران كيال فقال: “مرحلة جديدة لمجلس كنائس الشرق الاوسط تنطلق اليوم لمدة 4 سنوات، وتضم العائلات الكنسية الاربع في الشرق التي تؤمن بالرب يسوع المسيح الها ومخلصا حسب الاناجيل المقدسة، والايمان بالرب يسوع هو اساس الشركة بيننا”.

أضاف: “علينا أن نعمل جميعنا يدا واحدة وقلبا واحدا، لا سيما عندما تتوافر سبل الحوار اللاهوتي. وعلينا أيضا انعاش العلاقات الودية عن طريق رفع الصلوات المشتركة، لا سيما في اسبوع الصلاة من اجل الوحدة، وحدة الكنائس”. وتابع: “في هذه الانطلاقة المتجددة، لا نبدأ من فراغ لأن هناك إرثا مسكونيا كبيرا تركه لنا آباء كثيرون من سائر الكنائس المشرقية. وعلينا متابعة مسيرتهم الفاعلة لتعود الكنائس الى وحدتها الاولى”. وأكد “العمل على تثبيت الثقة المتبادلة بين الشركاء، وتقريب وجهات النظر لتنمية الشراكة بين المسيحيين”، مشددا على “الحاجة الى التوبة الصادقة والتغيير في الذهنية والمسلك”. ونوه بجهود مجلس الكنائس في الدفاع عن حقوق الانسان، مشيرا إلى “مساندة المدافعين عن حقوق المرأة ورفع الظلم والاهانة عنها”. وتحدث عن “تخطي المجلس لهموم البيت المسيحي الى الشركاء الآخرين في لبنان والعالم العربي”، معتبرا “الوجود المسيحي في المشرق عموما ولبنان خصوصا الموضوع الملح”.

بدر
من جهته، قال القس بدر: “لقد أصبح عمر مجلس كنائس الشرق الاوسط سبعا وثلاثين سنة، وما زال حتى اللحظة غير معروف للسواد الاعظم من مسيحيي الشرق الاوسط ومسلميه. في الغرب مجلس كنائس الشرق الاوسط هيئة محترمة الى حد كبير، كلمته مسموعة، وينظر اليه كممثل حقيقي واساسي للغالبية الساحقة من مسيحيي المنطقة وكنائسها، خصوصا لأنه يمثل كل العائلات الكنسية الكبرى في الشرق بما فيها مجموعة الكنائس الكاثولكية. وقد لعب المجلس دورا مهما في الدفاع عن عدد من القضايا العادلة التي عني بها مسيحيو المشرق عبر السنين وما زالوا، بدءا من القضية الفلسطينية ومستقبل القدس، امتدادا الى الغزو الاميركي للعراق، وانتهاء بالحروب المتكررة التي احتلت او انتهكت فيها اراض عربية، خصوصا حرب تموز في لبنان”.

أضاف: “كان للمجلس دور مفصلي في حقل الخدمة الاجتماعية والاغاثة واعادة الاعمار سواء أكان في لبنان، بعد حروبه الكثيرة، أم في العراق وغيرهما لجهة مساعدة اللاجئين على اختلاف جنسياتهم في لبنان وسورية ومصر وبعض الدول العربية الأخرى. غير أن المجلس قصر بعض الشيء بحق نفسه، لم يبذل الجهد الكافي للمحافظة على حيويته ومؤسساته، ولم ينتبه كفاية الى ترهل هيكليته. كما أنه أهمل بعض الشيء حسن تنظيمه وترشيد امواله ومصادره البشرية، ولم يعر اهتماما كافيا لبعض من نصائح شركائه الكثر في الخارج وتوجيهاتهم. هذه العوامل، اضافة الى الازمة المالية الحالية التي يمر بها العالم، أدت إلى شح كبير في تمويله، والى تقلص شهادته وخدماته وامكاناته”.

واستعرض “التحديات الواجب الاحاطة بها ومواجهتها، وهي الوحدة بين المسيحيين والحضور المسيحي، لا سيما لجهة تقوية العلاقات مع المسلمين ومواجهة واقع نمو الاصولية السلفية وتحدي نمو الصهيونية ومفهوم الدولة اليهودية”.

روحانا
وتحدث الأب بولس روحانا فقال: “سأعمل على تعزيز هذا الرابط العضوي والمتكامل بين الكنائس والمجلس، فهذا يساعده على القيام بدوره المسكوني الجامع، بقدر ما يلقى دعما فعليا وعلى كل المستويات من الكنائس الأعضاء”. وتابع: “في انطلاقتنا الجديدة والمتجددة اليوم، لا نبدأ من لا شيء والحمد لله. إننا مدينون لإرث مسكوني كبير تركه لنا آباء كثيرون من كنائسنا منذ منتصف القرن الفائت حتى أيامنا. بفضل هؤلاء الشهود على الكنيسة الشركة، نستطيع القول إن إرث الانقسامات، مهما عمقت جذوره، لم يعد كما في الأمس القريب يتحكم بحياة الكنيسة ورسالتها في هذه المنطقة. بفضل هؤلاء الشهود، تعلم كثيرون منا أن يروا في تراثات الكنائس المتنوعة إرثا مشتركا بينها، بقدر ما ترتبط تلك التراثات بوديعة الإيمان بيسوع الفادي والمخلص. بفضل هؤلاء الشهود، كثيرون منا يشعرون اليوم بأن في هويتهم الكنسية الخاصة عناصر وسمات من كل هذه التراثات، وهم على يقين بأنها ملك كنيسة المسيح الواحدة، الجامعة المقدسة والرسولية. معا سنواصل مسيرة التبادل الروحي هذا بين الكنائس من خلال برامج المجلس المتنوعة، من روحية وتربوية وإنسانية واجتماعية وثقافية”.

وختم: “ندعو الحضور وكل المؤمنين إلى أن يصلوا لكل الكنائس ولمجلس كنائس الشرق الأوسط والعاملين فيه، كي نواصل معا، تحت نظر الله، المسيرة المسكونية. ونحن واثقون بأنها قبل كل شيء مسيرة صلاة وتوبة وتغيير ذهنيات في سبيل استعادة أو ترميم الشركة مع الله ومع الآخرين. فاستعادة الشركة ليست بالأمر السهل، فهي مسيرة طويلة ومضنية تتطلب التمرس على المحبة والحوار والتعاون وقبول الآخر والمغفرة وعدم الانجراف إلى الصغائر. استعادة الشركة تتطلب بكل بساطة السير وراء المسيح، حاملين معه صليبنا اليومي على رجاء القيامة، ومستندين على قول الرب يسوع: تشجعوا، أنا معكم، لا تخافوا”.

مصادر لبنانية

Share This