بعد تراجعه عن فرض عقوبات على إسرائيل.. أردوغان يهدد بمعاقبة فرنسا بسبب إقرارها قانون تجريم إنكار إبادة الأرمن

جاءت تهديدات رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان باتخاذ عقوبات ضد فرنسا بسبب إقرار برلمانها مشروع قانون تجريم إنكار إبادة الأرمن لتعيد إلى الأذهان تصريحاته التي أعلنها ضد الكيان الصهيوني غداة مقتل 9 مواطنين أتراك في هجوم نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي على أسطول الحرية المتجه إلى غزة عام 2010.

وفي هذا السياق يرى مراقبون أن عدم اكتراث المسؤولين الفرنسيين بهذه التصريحات يعود إلى عدم اقتناعهم بجدية هذه التهديدات انطلاقا من تراجع حكومة أردوغان عن مواقفها إزاء جريمة الاحتلال الإسرائيلي وهجومه على أسطول الحرية حيث تؤكد بيانات وإحصائيات تركية نشرتها وكالة اخلاص التركية أن حجم التبادل التجاري مع اسرائيل بلغ أكثر من أربعة مليارات دولار خلال العام الماضي رغم الادعاء بوجود أزمة سياسية عميقة بين الجانبين.

ويؤكد المحللون والخبراء أن زيادة حجم التبادل التجاري خلال عام 2011 بنسبة تعد الأكبر منذ خمسة أعوام توءكد أن أردوغان وأعضاء حكومته لم يكونوا جادين في إجراءاتهم العقابية ضد الكيان الإسرائيلي والتي وصلت إلى درجة التهديد بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي واشتراطهم تقديم الاعتذار رسيما من الشعب التركي من أجل الحفاظ على العلاقات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

ومن هذا المنطلق يكاد يكون هناك إجماع على أن تصريحات أردوغان ضد فرنسا ستكون تكرارا لسيناريو تصريحاته ضد إسرائيل التي سرعان ما خبت وغابت وعادت العلاقات الإسرائيلية التركية إلى مسارها الطبيعي وبدأت تتحدث وسائل إعلام إسرائيلية عن قرار أصدرته حكومة أردوغان يقضي بتعليق الإجراءات القضائية ضد الجنود الإسرائيليين المتورطين في قضية سفينة مرمرة.

ففي هذا السياق نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت قبل عدة أيام عن مصادر في وزارة الخارجية الأمريكية أن النيابة العامة في تركيا قدمت هذا التنازل دون اعتذار أو تعويضات على خلفية المساعي الأمريكية لتدفئة العلاقات بين البلدين الأمر الذي نفته الخارجية التركية في وقت لاحق دون أن تنفي الأنباء التي تداولتها الصحف الإسرائيلية مؤخرا عن عزم تركيا الاشتراك في مهرجان السياحة الذي سيقام في تل أبيب الشهر المقبل.

ولم يجد أردوغان حرجا في إطلاق تهديدات وتصريحات ترفض التدخل في شؤون بلاده في الوقت الذي حول فيه تركيا إلى دولة أزمة في المنطقة بسبب تدخلاته في شؤون الدول كان آخرها ما أطلقه من تصريحات وتحذيرات من مخاطر اندلاع حرب طائفية في العراق هذه التصريحات التي رأت الحكومة العراقية ومختلف أطياف الشعب العراقي أنها استفزازية وتدخل في الشؤون الداخلية العراقية.

ويتساءل مراقبون كيف تحول أردوغان إلى مدافع عن حقوق الإنسان في الوقت الذي يهدد فيه بفرض عقوبات على دولة بمجرد أنها أقرت مشروع قانون يجرم إنكار أبادة 5ر1 مليون شخص من قبل السلطات العثمانية في الأناضول بين عامي 1915 و1917 معتبرا أن هذا الرقم مبالغ فيه وأن عدد الأرمن الذين قضوا على يد أجداده العثمانيين يبلغ نحو500 ألف شخص فقط الأمر الذي يرى فيه مجرد مجزرة ولا يصل إلى مصاف الإبادة بحسب تعبيره.

وبالمحصلة يرى متابعون للشأن التركي أن العلاقات الفرنسية التركية ستعود إلى وضعها الطبيعي عاجلا أم آجلا لأن تصريحات أردوغان ليست إلا محاولة للظهور أمام أنصاره بصورة المدافع عن التاريخ التركي معتبرين في الوقت نفسه أن دعم الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي لإقرار قانون تجريم إنكار إبادة الأرمن يرمي بشكل أو بآخر إلى استمالة الاصوات الارمنية في الانتخابات الفرنسية المقررة في أيار القادم.

دمشق- سانا

Share This