ندوة بعنوان “الأطماع التركية في المنطقة العربية” من تنظيم لجنة الدفاع عن القضية الأرمنية في لبنان

أقامت لجنة الدفاع عن القضية الأرمنية في لبنان لحزب الطاشناك ندوة بعنوان “الأطماع التركية في المنطقة العربية” في فندق الحبتور شارك فيها النائب الدكتور فريد الخازن، الوزير السابق الدكتور دميانوس قطار والكاتب الصحافي الدكتور محمد نور الدين وأدارها الدكتور جان كوكجيان.

وحضر الندوة مطران الأرمن الارثوذكس كيغام خاتشيريان، ممثل بطريرك الارمن الكاثوليك نرسيس بدروس التاسع عشر المطران جان تيروزيان، القس بول هايدوستيان، ممثل بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام المطران ميشال ابريس، ممثل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان الشيخ يوسف رغدى، ممثل المطران بولس مطر الأب جورج فارس، إضافة الى عدد من الوزراء والنواب وممثلي الاحزاب والشخصيات والهيئات السياسية والاجتماعية.

وألقى فاتشيه زادوريان كلمة اللجنة فقال “شهدت السنوات القليلة الماضية حضورا ً متزايدا ً للدولة التركية على الساحات العربية، والاسلامية، والشرق اوسطية بشكل عام. وقد اتخذ هذا الحضور اوجهاً اقتصادية، وثقافية، وسياسية، وحتى عسكرية”.

وأضاف ” اقتصاديا ً، شهدنا في العقود الماضية إغراقا ً للأسواق الشرق أوسطية بالمنتجات التركية، محمية باتفاقات تجارية مجحفة بحق القطاعات المنتجة المحلية. وعلى المستوى السياسي، فبعد محاولات حجز دور بين ايران والغرب، وبين سوريا واسرائيل، والمواقف الكلامية والمسرحية من اسرائيل بموازاة التعاون العسكري معها، بعد هذه المحاولات، بلغ التغلغل السياسي ذروته. كما كشف وجهه الحقيقي وتقلباته الانتهازية في فترة ما سمي ب”الربيع العربي”. وفي المجال العسكري، تراوح الحضور التركي بين المشاركة في ال”يونيفيل”، والغزوات المتتالية للعراق، والمشاركة في العمليات الاجنبية في سوريا. وفي مقابل كل ذلك، تباينت المواقف من الحضور التركي ما بين مرحّب ومهلّل ومشكّك ومعارض ومستنكر للتقلّبات الانتهازية والمناورات الاستغلالية والممارسات الفوقية الاملائية التي نضحت بالنوايا التي اكدتها انقرة لجهة قيامة عثمانية جديدة”.

ثم تحدث النائب فريد الخازن عن “السياسة الخارجية التركية في ظل التحولات العربية في المنطقة ” فقال “أن السياسة الخارجية التركية عنوانها واحد وهو دور فاعل لدولة كبرى في الشرق الأوسط تنافسها إيران التي ترى أيضا أنها دولة كبرى في محيطه ، وقبلها مصر وكذلك اسرائيل بأهداف مختلفة ، وسوريا التي كانت المدخل لدخول تركيا مجددا ً الى العالم العربي”، مشيرا إلى أن “السياسة الخارجية التركية ارتكزت على قراءة جديدة لموقف تركيا في عالم عربي متراجع وعالم اسلامي مأزوم، وذهب وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إلى حد التأكيد على أن تركيا قادرة على الوصول إلى صفر مشكلات مع الخارج دون غياب الهدف الاساسي أي الدخول في الاتحاد الاوروبي”.

ولفت إلى أن “اعتراف تركيا باسرائيل أهّلها للعب دور الوسيط بين اسرائيل والعرب الأمر الذي انتهى بعد أحداث “سفينة مرمرة”، معتبرا أن “الأزمة السورية شكلت فرصة تاريخية لتركيا للعب دور كبير في المنطقة فراهنت على سقوط النظام السوري وكانت السباقة في احتضان المعارضة السورية والجيش السوري الحر ولكنها اليوم غير قادرة على التدخل العسكري وغير قادرة على تأمين ممرات انسانية”.

ولفت إلى أن “التهويل باستعمال القوة حرّك قوة إيران الحليفة لسوريا وأصبحت تركيا تعاني من مشكلات مع ايران وروسيا وسوريا واسرائيل”، مشيرا إلى أن “الثابت الاساسي في سياستها الخارجية هو موقعها في الحلف الأطلسي أما المتحرك فهو الانتقال من صفر مشكلات إلى صفر علاقات مع الجوار، مشيراً الى ان “تركيا التي دخلت العالم العربي عن طريق سوريا  ستخرج من هذا العالم عن طريق سوريا ايضاً”.  وكذلك عرض النائب الخازن اهم العوامل في نجاح وفشل السياسة الخارجية التركية حيث كانت القضية الأرمنية حاضرة ايضا ً كمؤشر لفشل سياسة الخارجية والداخلية لتركيا”.

بعد ذلك تناول الدكتور محمد نور الدين موضوع “تركيا في تحولاتها الداخلية” فقال ” تركيا لم تعرف منذ العام 1960 سوى حكومات مدنية خاضعة للوصاية العسكرية، للمرة الأولى في التاريخ التركي الحديث تنجح سلطة حزب العدالة والتنمية في استئصال الذراع العسكرية من الحياة السياسية وإخضاع السلطة العسكرية للقرار السياسي. لكن ما يجدر التوقف عنده هنا هو ان إضعاف الجيش وتعزيز النزعة المدنية على حساب النزعة العسكرية لم يأت نتيجة الديناميات الداخلية التركية بل كان هناك عاملان حاسمان أفضيا الى هذه النتيجة. الأول ان الولايات المتحدة انزعجت كثيرا من موقف الجيش التركي في عدم الحماسة للمشاركة في غزو العراق. العامل الثاني هو ان الادارة الأميركية في عهد جورج دبليو بوش كانت قد خرجت بعد حدث 11 أيلول لتخوض حربين على دولتين مسلمتين هما افغانستان والعراق. العامل الثالث يتصل بمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي قوامه تسعير الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة من جهة وإنهاء ما يسمى بالخطر الايراني على اسرائيل.وهنا بينت التطورات ان لتركيا دورا مركزيا فيه كسلطة اسلامية لمواجهة النفوذ الايراني من خلال محاولة اسقاط النظام في سوريا كمدخل  اساسي لإضعاف ايران، ومن خلال نصب الدرع الصاروخي في تركيا لإضعاف ايران وروسيا معا بما يخدم مشروع الشرق الأوسط الكبير وهذا كان يتطلب حماية سلطة حزب العدالة والتنمية من أي مغامرة تقوم بها المؤسسة العسكرية . وتحدث ايضا ً عن اشتداد النزعة القومية.

وقال ” ان اعتراف اردوغان بالقضية الكردية ثم تراجعه عنها وتصعيد حملاته العسكرية ضد الأكراد يجعله لا يختلف بشيء في الموضوع الكردي عن اسلافه. ومن عوارض النزعة القومية المتواصلة هو الموقف من الوجود الأرمني في تركيا.وإذا كان الموقف من مسألة الإبادة الأرمنية بات تقليديا فإن الموقف من قضية اغتيال الصحافي الأرمني هرانت دينك في العام 2007 كان نافرا لجهة طمس القضاء التركي الذي يقع الان تحت وصاية سلطة العدالة والتنمية لهوية الجهة التي قتلت دينك واعتبار ان الجاني قام بذلك بمفرده ولا ينتمي الى اي منظمة رغم ان الدلائل تشير الى تورط جهات امنية داخل الدولة بالجريمة وقد اعتبر كتّاب بارزون مثل محمد علي بيراند وجنكيز تشاندار قرار القضاء بأنه مجزرة للعدالة وقتل لدينك مرة ثانية.وبالتالي لم تكن لدى سلطة العدالة والتنمية أية جرأة في تصفية الحسابات مع الإرث القومي العنصري المتشدد ضد الأرمن ولو في قضية شخص مثل هرانت دينك. ولا ينفصل تصاعد النزعة الدينية لدى سلطة العدالة والتنمية عن استمرار موقفها المعارض لتلبية الشروط الأوروبية بشأن العديد من القضايا ذات الطابع الديني المسيحي مثل وضع البطريركية الاورثوذكسية والمسألة الارمنية.

وفي هذا الإطار يمكن أن نفهم  وصف اردوغان من القاهرة للحضارة البيزنطية بأنها “حضارة سوداء”. ولفت “إن اخطر ما يمكن ان تسفر عنه هذه السياسات انها تعزز المناخات الاستقطابية في تركيا وفي المنطقة. ونحن على يقين من أنه إن لم تتجه تركيا الى التصالح مع تاريخها السياسي والديني والقومي والمذهبي فلن تعرف استقرارا ولا تنمية ولا دورا”.

اما الوزير السابق الدكتور دميانوس قطار فتحدث عن “الحدود الاقتصادية للدولة التركية” سائلا “هل النمو الاقتصادي التركي هو نهضة مدعومة في اطار مالي ام هو نهوض للاقتصاد الكلي بشكل مستدام؟”

واشار قطار الى “ان تركيا تقع جغرافيا في تجمع مليار مستهلك موزعة بين 73 مليون في الداخل و250 مليون في الاتحاد الروسي وما حوله، و600 مليون في اوروبا ، لافتا الى ان البضائع التركية قفزت قفزة نوعية من حيث المجهود والجودة الا انها لم تتوصل بعد الى ان تكون مستدامة وفي الوقت عينه لا يمكن اعتبار اقتصاد تركيا وهميا لانه يرتكز على استراتيجيات عدة ابرزها :انفتاح تركيا على 264 منطقة تجارية في العالم وديناميتها في العمل واتباع استراتيجية المؤسسات” .ورأى “ان تركيا ستتكبد خسائر كبيرة جراء السياسات العربية المتبعة واقفال ممرات سوريا كبوابة للعرب عليها .

واشار الى ان 70 بالمئة من استثمارات تركيا هي من اوروبا حتى الآن ،وان التوازن مع الجوار سيضرب عدم التوازن بالاستثمارات العربية والتبادلات، كما ان توقف النمو في اوروبا سيؤدي الى تراجع النمو التركي .ورأى ان التحدي الكبير الذي ينتظر تركيا هو في استطاعتها الاستمرار في النمو لفتح اسواق جديدة”.

ولخص قطار نقاط الضعف ونقاط القوة في الاقتصاد التركي محددا نقاط القوة بالآتي:

دينامية القطاع الخاص، نوعية اليد العاملة، الموقع الاستراتيجي،عدد السكان المتزايد ، مالية عامة مضبوطة وقطاع مصرفي رشيق. اما نقاط الضعف فهي : ضعف الادخار الوطني، الاعتماد الكبير على الاستثمار الخارجي، زيادة الاقراض الخارجي للمؤسسات اي مخاطر سعر الصرف، القضية الكردية هي قضية حساسة في المجتمع الاجتماعي والسياسي، القضية الارمنية وانطباعها على اوروبا، ضعف المفاوضات مع اوروبا وخصوصا بالموقف القبرصي .وتوقع قطار “ان تشهد تركيا عام 2012 انخفاضا في النمو بعد النهضة الكبيرة وهبوطا في  العملة الوطنية لافتا الى ان صورة الاقتصاد التركي ستتضح بعد عامين وسيتبين ما اذا كان نمواً اعجوبياً ام براعة اقتصادية ام ورماً اقتصادياً “.

 

صحافة لبنانية

Share This