قصائد للشاعر الأرمني هامو ساهيان

ترجمة: مهران ميناسيان

هامو ساهيان

Hamo_Sahianاسمه الحقيقي هيماياك كريكوريان. من مواليد العام 1914 في قرية لور جنوبي أرمينية.

بعد تلقي تعليمه الإبتدائي تابع دراسته العليا إلى أن حصل على شهادة علم التربية، ثمَّ  شارك في الحرب العالمية الثانية. عمل سنوات طويلة في مجال تحرير الصحف والمجلاًّت،

فأصبح رئيس تحرير “الجريدة الأدبيَّة” الناطقة باسم اتحاد الكتَّاب في أرمينية.

تُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات، وحصل العديد من الجوائز الأدبية.

من دواوينه العديدة نذكر:
“على حافة نهر فورودان”، يريفان، 1946.
“قبل الغروب”، يريفان، 1964.
“أغنية الصخور الجبلية”، يريفان، 1968.
“سنواتي”، يريفان، 1970.
“افتح يا سمسم”، يريفان، 1972.

ترجم أيضاً عدة كتب أدبية عن الروسبَّة إلى الأرمنيَّة.

توفي ساهيان في العام 1993.

ارتبطت أعماله الشعرية بالطبيعة الخلاَّبة لوطنه وبمسقط رأسه، فكتب الكثير الكثير عن الجبال والوديان، عن الأحجار والأنهار، عن الأشجار والحيوانات والطيور، حتى إنك عندما تقرأ قصائده يخامرك شعور بأنَّك تعيش في قلب الطبيعة، وأنت جزء منها كشاعرنا الملتحم بها أبداً.

* * *

سنواتي

سنواتي، سنواتي،
أين ظلت سنواتي ؟
سنواتي الخضر والحمر،
سنواتي السود والبيض،
سنواتي الباردة والحارة،
سنواتي الملتوية والمستقيمة،
سنواتي، سنواتي…

إلى أين رحلت سنواتي البائسة،
سنواتي ذوات الأرجل الحافية،
سنواتي ذوات الأجنحة وذوات الأجنحة المتكسِّرة،
أين ظلَّت
سنواتي المليئة بالحب،
سنواتي النشيطة كنشاط الخيول ؟

كم من الآلام سبَّبت لي !
وكم من الآلام أخذت مني !
كم من السواد وهبتني سنواتي،
سنواتي، سنواتي…
كم أخذت معها من كلمات لم ألفظها !
وكم من الحب الذي لم أفصح عنه
أخذته معها سنواتي، سنواتي.

إلى أين رحلت وكيف مرَّت
سنواتي التي كانت تهيج الحجارة
وتشرب السماء ؟
وكم جاءت على عجل سنواتي ذوات العكازين،
سنواتي التي تشبه الشهب.
حبَّذا لو تجمَّعت سنواتي يوماًً،
حبَّذا لو عادت
وبكت على رفاتي،
سنواتي السعيدة والحزينة،
سنواتي الخضر والحمر،
سنواتي السود والبيض،
كل السنوات التي عشتها،
سنواتي، سنواتي…

* * *

إن حدث فجأة
أن عدت طفلاً من جديد،
أو عدت شاباً من جديد،
ومهما رعدَ الغيم
ومهما شقَّ أنفاسه
سأضع تحت رأسي كمخدَّة
صخور أعالي الجبال،
وأستيقظ باكراً مع طلوع النور
ثم أرتدي الألبسة المغزولة
وأهبط إلى أقبية الضمير-
أهبط إلى بيتنا في وادي دادان…
وأترك أبوابه مفتوحة على مصراعيها:
من أراد فليأتِ ويأخذ معه الضمير
كي يبقى طفلاً في روحه،
ويبقى شاباً كذلك.
أستيقظت، فقال لي النور:
– ليتحقَّق حلمكَ.

* * *

حبَّذا لو وجدت حجراً من أحجار بيتنا
لأجلس عليه
وأروي له قصة حياتي،
قصة حياة مرَّت بلا بيت.

أروي له كم عانيت الأمرِّين
في هذا العالم،
وكم من الأحجار تفتَّت
تحت رأسي.

حبَّذا لو أسمع حكمتها
للمرة الأخيرة،
أسمعها وأموت عليها
هي التي تفوح منها رائحة أسلافي.

* * *

أنا ضميركم، لا تخدعوني،
أنا أجنحتكم، لا تقيِّدوني،
أنا شرايينكم، لا تقطعوني،
أنا دمكم، لا تهدروني.

* * *

إنَّني أشبه اللغز

إنَّني أشبه اللغز،
أنا الذي غنَّى في أعراس الآخرين
بلا مقابل،
لكنه لم يحتفل بعرسه.
أنا الذي عاش في بيته كشريد،
أنا الذي ظلَّ يقظاً في نومه،
أنا الذي لم يستطع أن يستردَّ
ما أعطاه للآخرين،
أنا الذي قُتل ولم يمت.
أنا الذي لا وجود له،
أنا الذي… سيأتي
……………
فأنا… أشبه اللغز.

* * *

ليس هناك من يقطف ثماركِ

ليس هناك من يقطف ثماركِ، أيتها الشجيرة،
يا شجيرة الورد البرّي،
ليس هناك من يحافظ على شرفكِ، أيتها الشجيرة الجبلية،
أيَّتها الشجيرة الطيبة.
يقولون ليس هناك من يبحث
عن رقَّتك الشائكة
ولا من يبحث عنكِ أو يحتضنك ليدفأ،
أيتها الشجيرة،
يا شجيرة الورد البرّي المنتصبة على الصخر.

ليس هناك من ينظر إلى وجهك، أيتها الشجيرة الجبليَّة،
يا شجيرة الورد البرّي،
فلتحرقك نارك هكذا، فلتحرقك نار شهواتك.
أنتِ المنتصبة هكذا على مرتفعك
وحيدة، مفردة…
أنتِ الأرملة المهجورة في هذا الزمن المدلّل،
أيتها الشجيرة،
يا شجيرة الورد البرّي…

* * *

سيأتي الخريف ثانية،
وسيرحل طائر الرهو إلى الجنوب من جديد
عابراً من فوق رأسكِ…
وأنتِ، أيتها الشجرة،
يا شجرة الدلب، ستبقين معي ثانية.
ستمضي هذه الأيام
وستكون في حكم الماضي، الماضي الغابر،
وستأتي سنوات من جديد
ومن فوق رأسك
سيرحل طائر الرهو إلى الشمال ربيعاً
وسيعود منه إلى الجنوب في الخريف…
وأنتِ يا شجرة الدلب، يا شجرتي،
كيف ستبقين بدوني ؟

* * *

تأخَّرت السنونو،
ترى ماذا حلَّ بها ؟
ربما أخذتها الرياح
إلى جهات أخرى.
أو ربما رحلت
إلى اللانهايات،
وبقيت في مدارات نجمتنا،
نجمتنا نحن التي خُلقت حديثاً.
أو ربَّما – من يدري – قد غيَّرت مسارها
ورحلت إلى القمر
على خطى أحلامنا.
وربَّما كانت أشعة الشمس في عيونها
واجتازت سبع سموات
ورحلت إلى المرِّيخ،
معتقدة أن الإنسان
قد نقل الربيع إلى هناك.
تأخَّرت السنونو،
ترى ماذا حلَّ بها ؟

* * *

Share This