لمن تقرع الأجراس “إبادة الأرمن”

في نيسان من كل عام يحتفل أحفاد القديس ميسروب ماشدوتس بذكرى (الفاجعة الكبرى)، حيث يستذكر الأرمن ومن ورائهم كل الأحرار في العالم هذا الحدث بالمزيد من الألم والحزن والحسرة. في 24 نيسان عام 1915 قامت حكومة الاتحاد والترقي الوريث الشرعي للسلطنة العثمانية  ببدء الإبادة الجماعية النموذجية للأرمن على أراضي أرمينيا الغربية وآسيا الوسطى، حيث تم القبض على صفوة رجال الأرمن وتصفيتهم وتهجير الشعب الأرمني بكامله، ومصادرة أمواله وأملاكه. قتل ممنهج بلا رحمة حتى بالأطفال الرضع، اغتصبت النساء بوحشية أمام الآباء والأمهات، وبقرت بطونهن بحجة البحث عن الذهب المخبأ، وما خفي كان أعظم. وكانت طرق قوافل المهجرين عبر الجبال والوديان والصحارى مليئة بالجثث والهياكل العظمية. قوافل من الأبرياء ينهشهم الجوع والمرض و الخوف. تخطّف الموت غالبيتهم. وقد ذكرت بعض المصادر أن عدد الأرمن على أرض السلطنة العثمانية كان يربو على 2.5 مليون شخص. قتل منهم حوالي 1.5 مليون شخص في هذه الكارثة و الباقي من الناجين لجأ إلى القوقاز والعراق وسوريا ولبنان ومصر.

أفرز مؤتمر سالونيك لحزب الاتحاد والترقي عام 1910 قراراً بحظر الأحزاب السياسية غير التركية والعزم على التخلص من القوميات الغير تركية فكانت الخطوة الأولى في اتجاه المجزرة الكبرى، وبدعم ألماني تم التخطيط لهذه الجريمة. أجل هذا ما قامت به العنصرية الطورانية لأنها أرادتها أرضاً بلا أقوام أخرى، الأتراك فقط . هذا هو فكر تلك القبائل الهمجية التي طرأت على هذه الجغرافيا من أواسط آسيا، اغتصبت وقتلت و هجرت الشعوب بوحشية كما لو كانت لعنة زيوس، فحولتها إلى قطعان من العبيد والقيان والجواري والشهداء. و مازالت حتى اليوم جسماً غريباً في المنطقة تعادي الجميع فمذابح السريان والآشوريين والعرب واليونانيين شاهدة على بربريتهم، ولعل اغتيال الصحفي هرانك دينك أبرز الأرمن الاتراك  يثبت بما لا يرقى للشك أن آلة الإجرام لم ولن تتوقف وذهنية الإرهاب والوحشية ما هي إلا عنواناً لقومية حملت جيناتها تعاليم الشيطان.

“بعد كل ما حدث، من يذكر اليوم الإبادة الأرمنية” هذا ما قاله هتلر لجنوده يحثهم على القتال قبيل الهجوم على بولندا عام 1939 يدعوهم إلى الارتكاب بلا رحمة وعدم الخوف لأن الأتراك قد نجوا بفعلتهم.

عذراً أيها الزعيم، لن ننسى مادام جبل آرارات شامخاً لن ننسى، فللتاريخ وجدان يحاكم الأمم فيوصّف ويفرز ويحاكم بلا شفقة.

مع اقتراب الذكرى المئوية لا زالت هناك بلدان كثيرة لم تعترف بهذه الجريمة, لتبقى وصمة عار على جبين البشرية. ولكن الحق آت لامحالة، فالعدالة الإلهية وعدالة التاريخ لن تسقط هذا الخيار، وستناضل أجيالنا حتى تتم معاقبة هؤلاء المجرمين فترتاح أرواح الشهداء ويرد الاعتبار الأخلاقي لأمة تعرضت لمحاولة إفناء منظم ومدبر. أرادوا صلبها ولكنهم لم يدركوا أن هناك قيامة بعد الصلب.

 

2012-04-21

م . علي الشيخ

http://www.nobles-news.com

Share This