الأرمن .. مسيرة طويلة من الألم والفن والتسامح

نادراً ما قام الأرمن بدور المعتدي، وبدلاً من ذلك برعوا في الزراعة والفنون والحرف والتجارة، وشيدوا صروحاً هندسية فريدة ونحتوا تماثيل بديعة.

القاهرة ـ يعد كتاب “موجز تاريخ الأرمن من العصور القديمة إلى العصر الحديث” سياحة في تاريخ أكثر الشعوب محبة للسلام والفنون وصنع الحضارة، والتعايش الحميم مع كل الحضارات.

صدر الكتاب عن الدار المصرية اللبنانية، بالاشتراك مع جمعية القاهرة الخيرية الأرمنية العامة، ويقع في 480 صفحة من القطع الكبير، وينقسم إلى قسمين كبيرين الأول: بعنوان “من الاستقلال حتى الحكم الأجنبي” والثاني “من الحكم الأجنبي إلى الاستقلال (1500 – 2005)” وهو من تأليف: جورج بورنوتيان، وترجمة: سحر توفيق.

يقول الناشر محمد رشاد: “دعوة لقراءة تاريخ جدير بالقراءة، رغم منعطفاته الشديدة، وتعرجاته الطويلة، التي ضمت جوانحها على انتصارات يسيرة النزر، وإخفاقات يندر أن يحتملها شعب أو جنس”.

فجر تاريخهم، الذي يصل إلى ثلاثة آلاف عام، نادرًا ما قام «الأرمن» بدور المعتدي، وبدلًا من ذلك برعوا في الزراعة والفنون والحرف والتجارة، شيد الأرمن صروحًا هندسية فريدة ونحتوا تماثيل بديعة، وكتبوا مخطوطات مستنيرة وأدبًا، وقدموا عددًا من الأطروحات الفلسفية والقانونية المهمة.

وأسهم الأرمن، بفضل موقعهم ودورهم في التجارة الدولية، في التطور الثقافي والعلمي للشرق والغرب على السواء، ومع ذلك لا نعرف عنهم الكثير، لأن المؤرخين يركزون في أبحاثهم عادة على سجل المعتدين، الذين سيطروا على الأمم الأخرى، ومن ثمَّ ظل الأرمن يحتلون حيزًا أقل في نصوص التاريخ العام، مما يحتله المغول أو غيرهم من مدمري الحضارات.

يؤكد هذا الكتاب أن التاريخ الأرمني يصعب جمعه، فالمصادر المكتوبة قبل اختراع الأبجدية الأرمينية في القرن الخامس الميلادي، تتطلب معرفة باللغات الأرمينية والإغريقية والفارسية الوسيطة والسريانية، أما النصوص اللاحقة على هذا التاريخ فتتطلب معرفة باللغات العربية واللاتينية والجورجية والتركية وغيرها، كما أن ما تعرضت له أرمينية من الغزو المتكرر والزلازل الكثيرة قد تسبب في تدمير أدلة تاريخية بالغة القيمة.

يضاف إلى ذلك تقسيم أرمينية التاريخية بين الدول المجاورة لها جعل الأبحاث مهمة حساسة وصعبة في الغالب، هذا فضلًا عن أن تطبيق الأساليب البحثية الحديثة لدراسة التاريخ الأرمني، لم يحدث إلا مؤخرًا.

تعد أرمينية واحدة من الأمم الصغيرة القليلة التي استطاعت أن تعيش رغم الاعتداءات المتكررة والتدمير والظلم والاضطهاد. وقد وصف الأرمن عبر التاريخ بأنهم قادرون على التكيف، فكيف استطاعوا أن يستمروا في الحياة بينما اختفت أمم أكبر وأكثر قوة؟

ميدل ايست أونلاين

Share This