تفاصيل للتفاوض مع الأشخاص بحسب ديكور مكاتبهم وألوان لباسهم وطريقة سلامهم

ليون زكي رئيس مجلس الأعمال السوري- الأرميني وعضو مكتب اتحاد غرف التجارة السورية

التفاوض يعتبر بمثابة (حرب فكرية ونفسية وجسدية) ينبغي إتقان مهاراتها لتحقيق المكاسب وتفادياً لأي خسائر (لا يمكن تعويضها).

ودعونا بداية نحدّد أهداف التفاوض الذي ينبغي أن يكون فعالاً ومنتظماً على مستوى الأفراد وفي أي قضية بغض النظر عن المكان، مستشهداً بأحد الاختصاصيين في هذا المجال، ذلك أن المفاوض الذكي (هو الذي يقنع الآخر بأن يتخلى عن الكثير مقابل إعطائه القليل).

اسأل نفسك: ماذا يريد الطرف الآخر من وراء هذا التفاوض، ماهي أهم مطالبه وأولوياته واحتياجاته؟ واسأل نفسك: ما هو الهدف الذي تسعى إليه وما الحد الأدنى المطلوب الذي لا يمكنك تجاوزه؟ واجمع المعلومات وقيّمها من المهم إلى الأهم فالحيوي.

ويستحسن أن يكون التفاوض على أرضك أي في مكتبك أو بيتك، لأنه لدى شعورك في أي لحظة بالإحراج أو الضعف يمكنك قطع الحديث وتشتيت أفكار مفاوضيك بأن تسألهم عن نوعية الشراب الذي يفضلونه، وبعد تقديمه إليهم تبدأ أنت بالحديث من المسألة التي تشعرك بالارتياح والثقة بالنفس لا من النقطة التي قاطعتهم عندها.

أما إذا كنت مضطراً إلى التفاوض في مكتب مفاوضك، فيمكنك المراوغة وإبداء رأيك في ذوقه الخاص باختيار ديكور مكتبه، فإذا كان من محبي الأثاث الخشبي ذي الطراز القديم المحفور فتوقع أن يكون التفاوض معه مثل لعبة الشطرنج التي تستوجب الذكاء والهدوء والمتابعة الدقيقة، وفي حال طغى المعدن والزجاج والكريستال على الديكور فأعلم أن التفاوض معه غير متعب أبداً، لكن لا تخرج من دون أن يوقع على الاتفاق لأنه سيغير رأيه أكثر من 10 مرات وسيتصل بك مستفسراً أكثر من 20 مرة أخرى. أما الصنف الثالث فهو الأثاث العادي الذي ييدل على أن صاحبه واقعي وعملي وقد يحتاج التفاوض معه إلى جولات، مع ضرورة مراعاة عدم الحاجة إلى الاستراحة أو الطعام أو الشرب قبل بدء التفاوض كي لا يستخدم المفاوض ذلك ضدك عبر الضغط عليك ومحاولة المماطلة لتشتيت انتباهك وتركيزك.

الألوان
وفيما يخص دور الألوان في التفاوض، يجب ملاحظة ألوان مكتب أو شركة المفاوض الآخر أو أي دلالة تشير إلى أنه من محبي لون معين حيث يمكنك فهم جزء يسير من شخصيته أو توجهاته، مثلاً باختياره اللون الأبيض عليك الحذر منه لأنه ذكي ومنفتح ويركز على كل التفاصيل، ويمكن نيل إعجابه باستغلال نقطة ضعفه، أما في حال اختياره اللون الأسود فلا تتدخل في أي من خصوصياته لأنه يحب النظام والشعور بالتفوق فلا تكن ضعيفاً أمامه بسبب احترامه للذكاء.

إن اختيار المفاوض اللون الأصفر لفرش مكتبه إشارة إلى أنه هادئ ويؤثر الراحة والاسترخاء والمفاوضات الطويلة، وهنا يجب أن تقدم مادة التفاوض بشكل مختصر وغني، وكذلك الحال يدل اللون الأصفر على ان المفاوض شخص مثالي واسع الخيال، ليملي عليك الأمر طرح أفكارك بشكل عصري والحديث بأسلوب علمي، ويشير اللون البني إلى أن المفاوض شخص قوي يعرف ما يريد ويتمتع بأخلاق عالية وقادر على إدارة ماله وأموال الآخرين، ما يشعرك بالأمان، بينما عليك أن تكون صديقاً للمفاوض وأن تضع كل أوراقك على الطاولة عند اختياره اللون الأخضر لأنه ينبذ المفاجآت، لكن المفاوض الذي يفضل اللون الأزرق حساس يؤثر الصداقة قبل أي ميزة أخرى وعليك تناول الحديث معه بطريقة هادئة”.

التفاوض بمثابة “حرب من دون سلاح، ففي الحرب أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم، لكن في التفاوض يتم الهجوم دون سلاح، ولكي يكون الهجوم ناجحاً يجب أن تقيّم شخصية الطرف الآخر، وأفضل وأسرع طريقة لكشف شخصيته عبر مصافحته، فإذا كانت مصافحته رخوة فأعلم بأنه شخص سلبي. . خجول وانعزالي وشخصية صعبة جداً لا يمكن السيطرة عليها إلا ببعض الصراحة الجارحة، كما عند سؤالنا له عن سبب اصفرار لون وجه أو بانتقادنا الرجفان البادي في يديه، أما إذا كانت طريقة مصافحته قوية فهو شخص جريء يحب المزاح مغامر لا يخشى الخوض في تجارب جديدة ويمكنك عندئذ التعليق على طريقة مرحه”.

السلام
إن المفاوض في حال استخدامه طريقة مصافحة دون هز اليدين يدل ذلك إلى أنه شخص قوي الشخصية مسيطر على نفسه ثقته في نفسه عمياء، ولكن شخصيته في الواقع ركيكة وتكتيكه في التفاوض يعتمد على المسايرة والإعجاب كشخص، ويمكنك رفض اقتراحاته وطرح اقتراحاتك بطريقة تنال إعجابه، لكنه إذا هزّ يديك بشدة عند مصافحتك له فأعلم أنه يتودد إليك لغاية في نفسه ويرغب في السيطرة عليك . . لذلك قم بتثبيت يدك ولا تسمح له بهزها كثيراً لقطع الطريق عليه، مشيراً إلى المصافحة المصاحبة للابتسامة دليل على أن الشخص الآخر متوتر ومتردد ولديه مشاكل نفسية كبيرة وهو دائم التركيز والاهتمام برأي الآخرين عنه… وهذه نقطة ضعفه، بيد أنه إذا صافحك وعينه تنظر إلى مكان آخر فكناية إلى أنه حذر جداً وأنه يعيش في حال من الشك وعدم اليقين، مما يمكنك أن تقول له أثناء التفاوض مع ابتسامة ودودة جداً بأنه كثير الشك بهدف إرباكه لأنه يعرف هذه الحقيقة ويكره أن يعرفها الآخرون، وإذا صافحك وسأل عن الصحة بشكل لا إرادي فدليل على أنه شخص مهذب ودقيق جداً ويهتم بالتفاصيل غير المهمة.

يمكن استخدام العديد من المفاتيح في فهم شخصية المفاوض. “فعند الجلوس إلى طاولة المفاوضات، احرص على وضع كرسيك في المنتصف وإدارة ظهرك إلى النافذة، وتجنب أنت ومساعدوك حركة اليدين الكثيفة، فهي تعطي الانطباع عن عدم الثقة وعدم القدرة على التعبير، وكل واحد يرفع صوته خلال التفاوض أو أثناء الاجتماع فهو جاهل غير حضاري وحجته ضعيفة ويرغب في السيطرة على الاجتماع من خلال صوته المرتفع فقط وعليك تفادي التفاوض مع مثل هذا الشخص”.

أزل كلمتي الضعف من قاموسك وتدرب على عدم استخدامها وهما كلمتا (لا) للرفض و(نعم) للقبول، واعتمد على الأجوبة الدبلوماسية المطاطة والمفتوحة التي تعكس ثقافتك واطلاعك الواسع مثل قول: هذا غير منطقي.. طلب خارج عن المألوف هذا عملي هذا ممكن إن هذه التفاصيل الصغيرة هي التي سترشدك إلى النجاح.

وبخصوص الزي الذي يرتديه المفاوض، قال زكي: إذا كان المفاوض بلباسه الرسمي الأسود فتوقع منه مفاوضات شاقة لأن أي لون آخر غير الأسود يعني السهولة في التفاوض، وإذا كان الحذاء من النوع الذي يحتوي على رباط فهذا يعني بأن صاحبه دقيق ويعطي نفسه الوقت الكافي للتفكير، وهنا يجب تقسيم العمل إلى مراحل بحيث لا تنتقل إلى المرحلة التالية إلا بعد توثيق الأولى. ومن يرتدي (السبور) أو الجينز، فهذا يعني قدرته الكبيرة على النقاش والمراوغة مما يستوجب الحذر من عدم ثباته في اتخاذ قرارات نهائية.

إن المفاوض الذي يستعمل النظارة ويثبتها على مقدمة الأنف ليغدو دائم النظر من فوق الإطار “فهو شكاك، يملي عليك أن تستفيض له في الشرح، وإذا رفع النظارة فوق شعره وثبتها على رأسه، فيومئ ذلك بأنه مطمئن لك ويشعر بالسيطرة، وبالتالي، يمكنك تمرير بعض البنود وبتواضع ليستمر شعوره بالسلطة وأنه أعلى منك مرتبة (بدنا العنب وليس الناطور)، وبذلك تستطيع الحصول على ما تريد، لكنه إذا أمسك النظارة بيده ووضع طرف الإطار في فمه فيمكن القول إنك نجحت في إقناعه، وعليك توثيق الاتفاق، أما إذا نزع النظارة وطواها ووضعها على الطاولة فهذا يعني أنه اتخذ القرار وأنهى المقابلة من طرفه، ومهما تحدثت فلن يغير قراره”.

مع المدخن

التفاوض الناجح إلى المفاوض المدخن: “فالذي ينفث الدخان إلى الأمام يعني أنه لا زال يفكر ويستمع إلى حديثك ولم يتخذ قراره بعد، ولذلك استغل الفرصة وأطرح أفكارك بهدوء وثقة، وعندما تلاحظ في نهاية الحديث أنه ينفث الدخان إلى الأعلى فدليل على أنه اقتنع وما عليك سوى تثبيت نقاط الاتفاق”. وإذا نفث الدخان إلى الأسفل في نهاية الحديث، فأعلم أنه رفض كل ما طرحته، وتحدث عن المفاوض المدخن الذي يستعمل (السيكار) ويلجأ إلى إشعاله قبل بدء الحوار ليستهدف السيطرة على الطرف الآخر “وعليك أن تتوقع مناقشة طويلة معه وقد تكون عدائية فكن صبوراً لأن إشعال السيجار يستخدم كحيلة لكسب الوقت في التفكير، فاصمت مهما كان الحديث حتى ينهي إشعال السيجار، أما إذا كان هو المتحدث وانقطع عن الكلام من أجل إشعال السيجار فتكلم عن أي شيء، مثلاً، عن نوع السيكار الذي يدخنه والمقارنة مع الأنواع الأخرى …وبذلك تمنعه من إعادة ترتيب أفكاره والعودة إلى الحديث مرة أخرى”.

وأوضح زكي أنه بعد التعرف على شخصية المفاوض يمكن الضغط عليه بطرق شتى وفي بداية الجولة: “التكتيك المتبع بسيط، مثلاً قم بالتعليق على لون بدلته أو ربطة عنقه، وكلما تكلمت بزخم انظر مع الابتسامة الخفيفة إلى تسريحة شعره المهم أن ينتبه إلى هذه الحركة وبالتالي تكون قد زرعت تساؤلاً بداخله وكلما شرع في الكلام أثناء التفاوض أعد النظر إلى المنطقة التي علقت عليها، وهكذا تشتت انتباهه ليفكر ويتساءل: ما الخطأ في شعري أو في لباسي، فلا يمكنه أن يحافظ على زخمه التفاوضي فالتفاوض هو حرب حقيقية فكرية ونفسية وجسدية، والخسارة فيها لا يمكن تعويضها.

 

Share This