هل عاد الدفء إلى العلاقات التركية الإسرائيلية؟

الطبيعي أن تكون العلاقات التركية– الإسرائيلية جيدة، نظراً لطبيعة السياسة الخارجية لكل بلد تجاه المنطقة ولكونهما حليفين إستراتيجيين لواشنطن التي حرصت طوال الفترة الماضية على عدم وصول العلاقات بين الجانبين إلى القطيعة ومحاولة تطبيعها في ضوء أولويات السياسة الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط وارتباط البلدين بهذه السياسة عضوياً. وعليه، فإن التوتر الذي جرى بين تركيا وإسرائيل عقب ما جرى لسفينة مرمرة لم يكن سوى توتر إعلامي هدف أردوغان من ورائه كسب المزيد من التأييد له في الشارعين العربي والإسلامي، ولعل المراقب لمسيرة العلاقات بين الجانبين سيدرك مدى التحسن فيها انطلاقاً من البيئة السابقة للعلاقة، ولعل من أهم مؤشرات هذا التحسن والتقارب الجاريين.
1- التقارب الحاصل على خلفية الأزمة السورية، فهذه الأزمة كانت بمثابة مدخل قوي لمحاولة كل طرف تحسين العلاقة بينهما انطلاقاً من تطلع كل طرف إلى جني مكاسب ما سمى نتائج (الربيع العربي)، وعليه لم يكن غريباً التهنئة التي تلقاها رجب طيب أردوغان من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بفوزه مجدداً برئاسة الحكومة، وهو ما رد عليه أردوغان بالمثل بعد فوزه برئاسة الحكومة بعد فوزه بانتخابات حزب الليكود، وهو ما دعا بنائب وزير الخارجية الإسرائيلية داني أيالون إلى الثناء على سياسة أنقرة وإلى تحقيق المصالحة معها، وسط تسريبات إسرائيلية عن موفد من أردوغان إلى إسرائيل قريبا لطوي صفحة الفتور معها.

2- إن التحسن الجاري في العلاقات بين الجانبين على وقع الأزمة السورية لم يكن بعيداً عن السياسة الأميركية التي حرصت على بقاء العلاقة جيدة بين الحليفين التاريخيين طوال العقود الماضية حيث من المعروف أن تركيا كانت أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل في آذار عام 1949 ولم تكن موافقة تركيا على نشر الدروع الصاروخية مؤخراً على أراضيها بعيدة عن هذا البعد الغربي في السياسة التركية بعد أن رفضت أنقرة في البداية نشر هذه الدروع بحجة أن إسرائيل ستستفيد من المعلومات التي ستوفرها الدرع للأغراض العسكرية ضد دول المنطقة.

3- حديث التقارير الإسرائيلية عن أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين تركيا وإسرائيل لم تتضرر في السنوات الأخيرة رغم ذهاب أردوغان إلى حد الحديث عن القطيعة بينهما، فقد كشفت هذه التقارير عن تطور في مسار العلاقات التجارية بينهما وتطورها في أكثر من مجال وبشكل أفضل من المرحلة السابقة.

4- تواصل الزيارات واللقاءات السرية لكبار المسؤوليين بين البلدين، وسط حديث عن تكثيف لهذه الزيارات في ظل الأزمة السورية، حيث تحدثت تقارير إسرائيل عن تنقل لضباط الأمن والاستخبارات الإسرائيلية بحرّية في المناطق الحدودية السورية – التركية، وكذلك عن لقاءات جرت بحضور مسوؤليين أمنيين من دول خليجية فضلاً عن أميركا وفرنسا.

في الواقع، من الواضح أن الأزمة السورية قربت كثيراً بين تركيا وإسرائيل على خلفية تطلع كل طرف إلى تقاسم الدور والسيطرة على المنطقة، ولعل في ضوء ما سبق من مؤشرات لم يبقى أمام الجانبين سوى الإعلان رسمياً عن عودة الدفء إلى العلاقات بينهما.

 

خورشيد دلي

الوطن

Share This