أكاديميات الإرهاب.. والرامبو التركي!

مرة أخرى أذكر ذاك اليوم الذي دفعني للوقوف أمام حشد من إخوتنا في الجزائر إلى جانب المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، لنحيي ونتعاطف مع أسطول الحرية الذي مخر عباب البحر إلى غزة، وذاك الوقت أيضاً الذي خدعتنا فيه لحظة التمثيلية الواحدة في دافوس، وبطلها أردوغان، لتعود بي الذاكرة أيضاً إلى ذاك المكياج المكثف السميك لسياسة حزب العدالة والتنمية، الذي وضعه مسلسل (وادي الذئاب) على وجهه، وهو الذي بدأ مع صعود الحزب على الساحة من خلال التركيز فيه على نظافة شخصية رئيس الوزراء بسياسة نفاق واضحة تتماشى طرداً مع سياسة أمريكا و«إسرائيل»، بينما يظهر هو تجميل تلك السياسة، وإظهارها بأنها صراع دائم مع اللوبي الصهيوني، والـ CIA.والذي يبدو في الموضوع أن أردوغان أعجب بشخصية بطل العمل مراد علم دار (رامبو تركيا)، فبدأ هذا الإعجاب ينعكس على تصرفاته، وتقمصه بالفعل تلك الشخصية، من خلال إظهار البطولات الوهمية التي لا تملك أساساً من أرض الواقع، لأن المراهق في العمل السياسي يدرك أن سياسة أردوغان والسياسة الإسرائيلية والأمريكية في خندق واحد… ومن هنا، لم تنطل تمثيلية دافوس، ولا الشعارات الفضفاضة الجوفاء التي طالما زين فيها ظهوره الإعلامي المتكرر على أحد..

المكتشف الأهم في نهاية الأمر من هذا المسلسل، يضعه في خانة أنه أكاديمية برتبة سبعة نجوم في تعلم دروس الإرهاب..

قد يسأل القارئ: كيف؟ والمتابع يعرف تماماً المقصود بما نعني!

العمل كان عملاً ممولاً بامتياز لخدمة حزب العدالة وسياسة أردوغان التي تقمص فيها مجريات البطولة.. ثانياً أنه – أي العمل- كان أكاديمية متنقلة بين (روبوتات القنوات العربية المستعمرة فكرياً والخليجية حصراً) سهلة الانتشار في تعلم الإرهاب، وما يدعونا لهذا الحديث بضعة مشاهد من المسلسل تجلى فيها استخدام الساطور والمسالخ التي شاهدناها قبل أن تظهر في تصرفات الإرهابيين وشاهدنا ملفاتها في أجزاء المسلسل مع إضفاء الصبغة الدينية عليها.

وما أذهلني فعلاً، تلك المادة الإخبارية التي بثتها إحدى قنواتنا والتي رصدت مدرسة كان الإرهاب قد تمركز فيها، وكانت العبارات المكتوبة على باب كل صف، مثل: منفردة، سجن، وعبارة (تشكيلات الأمن الاجتماعي)، هذه العبارة في مسلسل (الذئاب نفسه) كانت تعني عند البطل مراد علم دار منظمة يرأسها ليس لها سجل في الدولة ولها صلاحيات مطلقة!!
ولكم أن تقدروا وتعرفوا ماذا تعني صلاحيات مطلقة لمنظمة تعمل على نحو سري وليست لها سجلات في الدولة، ما يدل على تأثر من وضع الخطط، ونفذها قبل هذا العمل الذي صُنِّع خصيصاً ليواكب ما يسمى الآن بـ (الربيع العربي).

وما زادني غرابة، آلية استخدام بعض الأشخاص المخطوفين والمخدرين فيما بعد قنابل موقوتة في أماكن متعددة لإثارة الفتن العرقية والدينية، وكذلك إطلاق الرصاص على تجمعات يرتب لها مسبقاً لإثارة الفتنة، وهذا ما ظهر جلياً في عشرات المشاهد في (وادي الذئاب)، إضافة لحلقات عن كيفية إنشاء المجموعات الإرهابية وتدريبها واستقطابها.. الخ.

هذا العمل الذي بدأ بنوع من المصداقية والمنطقية، اكتسب تعاطف الجمهور العربي ولاسيما بعد أن احتجت «إسرائيل» على حلقاته الأولى، في لعبة التهيئة، مثلما فعلت الجزيرة والقنوات التركية التي يسيطر عليها حزب العدالة والتنمية تماماً، والتي لعبت بتوجيه المخابرات المركزية الأمريكية- الإسرائيلية دورها المهم في تشويه ما يجري على الأرض حقيقة في سورية، بقلب المفاهيم, والدينية خاصة باللعب على الوتر الطائفي.

قد أكون واحدة ممن تابعوا هذا العمل، وتلمَّس الدور المنوط به، وأعتقد أن دوره الآن انتهى كما انتهى دور بعض القنوات التي استقطبت بداية جمهوراً عريضاً بمصداقية كاذبة، ووجه مقنع.. كان للفن والإعلام فيها السقف المضلل القاتل، لأكاديميات إرهاب الإجرام فيها أصالة وجذور!

جهينة نيوز:  بقلم د. رغداء مارديني

Share This