ابحث عن دعم الله

إن انتقاد الظروف الصعبة في الحياة المسيحية سيبدو أمراً ساذجاً وجدالاً متعباً من دون جدوى.

كم سيكون صعباً على المسيحيين الجدد ذلك العذاب الذي سيلقونه خلال معارضة ديانات أجدادهم. أما اليوم، فأن يعيش المرء حياة مسيحية حقيقية بات أمر شبه محال لما تحتويه من فكر حديث يسجد للدنيوية ويعارض المبادئ العليا.

إن المجتمع الانساني المعلق بين مخالب الجوارح التي تسمى “المادة”، ينتزع حنجرته المحصورة في منقاره منهاراً ومستسلماً أمام “صياده” أي أمام المال.

في الحياة اليومية، كم من الناس يتضررون في مجال عملهم بسبب بؤسهم أمام المادة. كم من الناس تدار الرؤوس لهم لأنهم يفتقرون إليها كقوة و دعم. وهناك جمع من الناس يتبعونه راكعين بشكل يومي من أجل الخبز اليومي أي الحياة.

إن كلمة “دعم” لها معاني متعددة في المجتمع المادي الحديث، وفق قدرات الشخص الذي يستخدم العبارة . البعض يفهم تلك الكلمة على أنها تشجيع وتقدير الآخرين في مجال ما ، والبعض الآخر يفهم الدعم على أنها حالة من التعاقد تضمن فيها عمل ما حسب اتفاق غير معلن. وهناك مجموعة من الناس يبحثون عن الدعم في حياتهم العائلية لكي تحل الصعوبات الماثلة أمامهم. أما البعض الآخر يحتاجون لتلك الكلمة في كل خطوة من حياتهم لأنهم لا يستطيعون اتخاذ القرار حيال المواقف التي تواجههم.

من الواضح إذاً أنه في جميع الأحوال كلمة “دعم” ليس لها ذات الوزن، كونها تظهر بوجهها المادي في بعض الحالات و في حالات أخرى تتصف بطابعها المعنوي، أما في حالات أخرى وبسبب انعدام الثقة بالنفس فإنها تطرح نفسها أمام التضحيات العديدة.

ففي الظروف الصعوبات، على وجه الخصوص، وبعد الحصول على جميع أنواع الدعم، يمكن أن يتبادر في ذهنك سؤالاً ثانياً حيث سيتحول الوقت الذي خصصته الى كابوس في أقرب وقت:

الى أي حد يمكنني أن أعتمد على هذا الدعم؟

يبين المسيح في الكتاب المقدس من خلال سرد الأمثال أن الانسان عليه أن يقيم حساباً قبل الإقدام على أية خطوة لكي لا يصبح محل سخرية أمام من حوله. ويقول إن أراد الانسان أن يبني برجاً ألا يحسب كم يحتاج من مواد بناء؟  لأنه عندما لا يستكمل البناء سيسخرون منه لعدم حكمته.

يمكن لهذه القصة أن تكون مثالاً لحالات أخرى. منها “الدعم”. منذ البدء عليك أن تقيم حساباً للدعم الذي يقدم لك لكي “لا تكون نهايتك أسوأ من حالتك السابقة “.

وبكل بساطة يمكن رؤية الناس الذين يبحثون دائماً في حياتهم اليومية عن دعم من يشبههم، مفضلين ذلك عن دعم الرب. مقارنة بسيطة تبين كم هو الفرق كبير بينهما. حتى الآن كثيرون ضاعوا في أقبية اليأس المظلمة لأنهم يأملون فقط الدعم من الناس. بينما الناس الذين وضعوا أملهم في الله واعتمدوا على دعمه وجدوا العزاء في عذاباتهم.

صرح الرسول بولس بثقة غير اعتيادية: “إن كان الرب الى جانبنا من يستطيع أن يعادينا”.

من يعتمد على أي قوى إنسانية يمكنه كذلك أن يصرح عن الدعم الذي يشعر به بنفس تلك الشجاعة. لأنه من المؤكد سيملأ خوف بعيد قلبه. إنه خوف من فقدان ذلك الدعم. خوف من أن ينخدع لأنه يدعمه. وأخيراً خوف اذا أفصح عنه سينهار. هكذا يشّبه الكتاب المقدس البيت الذي وضع أساسه على الرمل. ويستخلص المسيح ويقول: “كم سيكون هدم ذلك البيت فظيعاً”.

يقول الرسول أننا للأسف ككائن إنساني نميل الى تجاهل الدعم والحقيقة الربانية، ونستمع الى كلام الناس: “أنتم تصغون إلى من يخدعونكم ويتخذونكم كعبيد ويستغلونكم ويسلبونكم ويستخفون بكم ويصفعونكم”.

ويدعو لعدم الانجرار أمام بالونات خادعة ومنفوخة يصنعها الناس ويقول : “لا تتزيفوا أمام المجد ولا الاهانات ولا المديح ولا الذم”.

إن القديسين الذين اعتمدوا على دعم الله قد أغنوا الكنيسة المسيحية بإيمانهم الثابت واستشهادهم. حيث يتمتعون بنفس الدعم بعد مماتهم بضمان خلاص الروح.

ماذا يهم إن لم يتقدموا في حياتهم من الملك بطلب شفاعة جلاديهم من أجل إنقاذ جلدهم. ضع في كفة الميزان الملك وفي الكفة الثانية رفات القديس الذي طلب أن يستشهد.

ما الفرق؟ لا شيء. الاثنان عرضة لقدر التراب. لكن القديس أمنّ دعم الرب من أجل حياته الآنية واللاحقة. إنه تأمين يبقى صالحاً ليس فقط بدفع الأقساط الشهرية بل الى الأبد…

الأب كريكور تشيفتجيان
ترجمة “أزتاك” الملحق العربي
من كتاب “علاج الأزمات المعنوية”، أنطلياس، لبنان، 2001

Share This