كل الطرق سالكة إلى الطاشناق

رولا إبراهيم

لا إطارات مشتعلة تقطع الطرقات في برج حمود. الطريق إلى حزب الطاشناق ومنه سالكة في جميع الاتجاهات: بكفيا، الرابية، معراب، بيروت وقريطم. الحزب المتمسك بتحالفه البرتقالي يفتح يديه على وسعهما: “تعالوا إليّ”.

يتبع حزب الطاشناق هذه الأيام سياسة الانفتاح سبيلاً لاجتياح قلوب أصدقائه وخصومه. تحالفه الثابت مع التيار الوطني الحر لا يجعله أسيراً لسياسة حليفه. الانتخابات البلدية الأخيرة جمعته والمستقبل والنائب ميشال المر والقوات والكتائب على الطاولة نفسها.

«مرتاحون في تحالفنا مع التيار، ومنفتحون على كل الخيارات، وهدفنا الوصول إلى تحالفات واسعة تشمل كل الشارع المسيحي»، يقول النائب هاغوب بقرادونيان. اللقاء الأخير مع آل الجميّل لم يكن سوى ترجمة لشعار المرحلة الجديدة و«لطيّ صفحة غيوم الصيف الثقيلة التي طبعت المرحلة الماضية». أما اليوم، «فلا خلافات سياسية أساسية مع الكتائب، بل تمايز في ما خص العلاقة التي تجمعه بـ14 آذار. لذلك نفضل النقاش في ما يجمعنا».

لا يستبعد النائب المتني إمكانية التحالف الانتخابي مع الكتائب، ولا سيما بعدما كشف غداء «غسل القلوب» و«جلسة العودة إلى الماضي واستذكار العلاقات القديمة الطيبة» عن الكثير من نقاط التلاقي. ما حال دون التعاون كان شكلياً وحسب، وانتهى مع «رد الزيارة». يعود بقرادونيان بذاكرته إلى انتخابات 2009 النيابية، حين جُيّر قسم من الأصوات الأرمنية إلى صناديق سامي الجميّل، وإن كان الجميّل الابن يرفض الاعتراف بذلك.
قواتياً، «العلاقات جيدة». ولأن الحزب الأرمني يؤمن بالبروتوكول، كان لا بد من ردّ زيارة سمير جعجع لمقر الحزب بزيارة «طاشناقية» لمعراب: «لجعجع قدرة تمثيلية نقدّرها، ونقدّر خطوته باتجاهنا. إنما ما يفرّقنا من خلافات سياسية يفوق ما يجمعنا».

العلاقة مع ميشال المر تختلف عن أي علاقة سياسية أخرى. تتخطى اللقاءات والاجتماعات الطابع الرسمي: «نحن في شهر عسل دائم، ونلتقي باستمرار. إنما لا كلام تفصيلياً عن الانتخابات حتى الآن».

يشير أحد مسؤولي الطاشناق إلى أن الحزب قرّر أن «يسامح ولا ينسى». وكيف له أن ينسى تصريحات الجميّل العنصرية (بعد الانتخابات الفرعية في المتن عام 2007 و«زلّات لسان» المر الانتخابية الدائمة والمؤامرات القواتية «الخبيثة» لتجاوزهم وخلق المعارضين لهم في قلب بيتهم؟

يذكر في المقابل «حسن نية العونيين الذين بادروا إلى التحالف معنا رافضين إلغاء الصوت والقرار الأرمني والدخول إلى الحكومة من دون الطاشناق»، ما يجعل الحلف القائم بين عون والطاشناق غير قابل للفكّ مهما حاول الكارهون. علماً بأن هذا التحالف لا يلزم الطاشناق بأي مواقف، وأبرز مثال على ذلك تسميته سعد الحريري لرئاسة الحكومة خلافاً لنواب تكتل التغيير والإصلاح.

لعلاقة تيار المستقبل والطاشناق قصة أخرى تبدأ بالحريري الأب، وصولاً إلى الابن. يروي أحد الطاشناقيين أن الأمين العام للحزب هوفيك مخيتاريان كان قد اتفق في محادثة مع الرئيس الراحل رفيق الحريري عام 2004 على مراعاة التمثيل النيابي الأرمني «الصح» في بيروت. وحين تسلم «الشيخ سعد» دفة تيار المستقبل، قرر إبقاء «موظفي والده».
المشكلة الأساسية، بحسب بقرادونيان، تكمن في «تبعية الأحزاب الأرمنية»، من غير الطاشناق. فلا هم يقررون نوابهم ولا «مونة» لهم أصلاً على تسمية أي نائب. بينما «قرار الطاشناق مستقل، ويجري عبر مشاورات داخل الحزب من دون أي ضغوط من حلفائه».

يغوص «طاشناقي» محنّك في تفاصيل التقسيم الأرمني. في المتن تجد أرمنياً في نادي الطاشناق، وأرمنياً كتائبياً، وثالثاً قواتياً. في بيروت أرمن مستقبليون وأرمن قواتيون وطاشناق. في زحلة، النائب الأرمني «القواتي» شانت جنجنيان، الحائز أصوات 7% من الأرمن، يخاف الاقتراب من ضيعته. وقد خضعت تسميته لبازار سياسي بين سمير جعجع وسعد الحريري خلص إلى سحب مرشح القوات ريشار قيومجيان من بيروت الأولى مقابل ضم جنجنيان إلى لائحة زحلة.

المشكلة مع المستقبل لا تقتصر على السياسة. ففي عام 2009، حالت الحسابات الانتخابية دون التوصل إلى اتفاق بين الطرفين. حينذاك، عرض المستقبل، بحسب بقرادونيان، صفقة تقضي بمنح الطاشناق مقعدين في بيروت (بينهما مقعد بيروت الثانية بالتزكية)، مقابل تصويت الحزب لمصلحة 17 نائباً من 14 آذار، موزعين بين بيروت والمتن وزحلة. «رفض الحزب المساومة على موقفه السياسي وقناعاته من أجل مقعد بالزايد أو بالناقص»، يضيف النائب المتني.

في الملف السوري، يردّ بقرادونيان على متهمي حزبه بالتزلّف للنظام، غامزاً من قناة أحد الأرمن المتنيين المستقلين: «علاقتنا بسوريا ندية، وما يجمعنا احترام متبادل. لا مصالح لنا مع دمشق، ولسنا من مالكي الشقق والقصور، ولا تاريخنا يتحدث عن زحفنا على طريق الشام أيام الوجود السوري في لبنان، كما غيرنا، ولا تغييرنا لمواقفنا لدى انسحابهم».
أما جنبلاطياً، فالعلاقة أحادية الجانب، لا تتعدى إصرار النائب وليد جنبلاط على دعوة وفد من الحزب إلى الغداء ليردّ بعدها الزيارة بنفسه إلى مقر الحزب في برج حمود.
ساعة حزب الطاشناق الانتخابية لم تدق بعد، لكن ماكينته في نشاط دائم. وفي المتن، يتوقع عونيون بثقة أنّ «انتخابات 2013 ستكون صورة طبق الأصل عن انتخابات 2009 لجهة التحالفات واللوائح والمقعد الأرمني الشاغر». يضيفون بخبث: «سيذهب جزء من أصوات الطاشناق إلى النائبين سامي الجميّل وميشال المر». لذا، الخرق حتمي.

الأخبار

Share This