تاريخ الطباعة الأرمنية

تاريخياً، بدأت تكنولوجيا الطباعة في الصين خلال القرن الحادي عشر بقطعة خشبية تختم على الجلود أو مواد أخرى. ووصلت هذه التكنولوجيا البدائية الى أوروبا خلال القرن الخامس عشر. وفقا لنيكولاس ميليسو، أول سفير أوروبا الى الصين، فقد لعب أحد الرحالة الأرمن واسمه أنطون دوراً أساسياً في اختراع التكنولوجيا المطبعية في غوتنبرغ في عام 1439.

قبل عام 1512، كان الأرمن قد استخدموا التكنولوجيا الغوتنبرغية، وفي هذه الفترة ظهر أول منحوت أرمني للحروف والمنمنمات على القوالب المعدنية. ومن المهم أن نشير أنه تم جمع الكتب الأرمنية مثل العبرية والعربية.

بدأت  أعمال الطباعة مع هاكوب ميغابارد، وأبكار توخاتيتسي (أبكار نجل سلطان شاه)، وهوفهانيس ديرزنتسي، فوسكان يريفانتسي وخاتشادور كيساراتسي. وقد طبع هاكوب ميغابارد كتاب الصلوات الأرمني “Ourpatakirk” (“كتاب الجمعة”) عام 1512 في فيينا. وكان هذا المنشور ابتكاراً لأنه كان أول من دمج الحبر الأحمر والأسود.

وكان الكتاب الثاني الذي نشر بالأرمنية هو الكتاب المقدس. وطباعة الكتاب المقدس وغيرها من كتب الصلاة غيّرت كيفية التواصل بين إيمان الأرمن وثقافتهم. فقد خلقت علاقة المعيشة بين المؤمنين والحياة الليتورجية في الكنيسة. كما أثرت وجددت بشكل كبير الحياة الروحية للشعب.

خلال السنوات المائتين اللاحقة، تمت طباعة أهم الأعمال التي تتناول تاريخ الشعب الأرمني والكنيسة ورجال الدين في الكنائس. كما ظهرت الترجمات الأرمنية الكلاسيكية لرجال الكنائس اللاتينية واليونانية الكبرى أيضا بشكل مطبوع.

شجع الطليعيون في الطباعة الأرمنية عدد من الناشرين الأوروبيين لنشر وطباعة الكتب الأرمنية. ودفع الجدل اللاهوتي في روما لنشر عدد من الكتب اللاهوتية والمواعظ.

واستخدمت هذه الكتب في تبشير الأرمن. في الوقت نفسه، ظهرت أيضا كتب أخرى كثيرة عن الكنيسة الأرمنية والتاريخ والثقافة واللغة والنحو. وتهدف هذه الكتب إلى التوصل مع الطوائف الأرمنية في كل مكان. من أهمها : “التركيب والتفكير العقلاني” (1645) من قبل العالم باللغة الأرمنية كيغيمس كالانوس، وكتاب عن الأرمنية الكلاسيكية “قاموس اللاتينية والأرمنية” (1695) من قبل أسدفادزادور نيرسيسوفيتش.

على الرغم من الصعوبات السياسية والمالية، استمرت الكتب الأرمنية في النشر. وساهمت هذه الكنوز من الأعمال الأدبية الأرمنية والكتابات الأكاديمية في تعميق معرفة شعبنا بالتاريخ والكنيسة والثقافة. وبعبارة أخرى، ساعدت الشعب الأرمني لتعميق ثقتهم بأنفسهم وهم ما زالوا متمسكين بشدة الى جذورهم الروحية والثقافية والعرقية في فترة حاسمة من تاريخهم.

أما فيما يخص المراكز الكبرى التي سخرت لنشر وطباعة الكتب الأرمنية يمكن القول أنه من أهم ما نشر هو “الكتاب المقدس” (1666-1668) من قبل فوسكان يريفانتسي في أمستردام. وخلال السنوات )1668-1675) نشر فوسكان يريفانتسي أعمالاً عن اللاهوتية والليتورجية، مثل كتاب موفسيس خوريناتسي “كتاب مسائل العالم” عام (1668)، وفارتان أيكيكتسي “كتاب الثعلب” عام (1675)، وآراكيل تابريجيتسي “كتاب التاريخ” عام (1699)، و”المهن” عام (1675) الذي كان أول كتاب باللغة الأرمنية الغربية.

خلال هذه الفترة، ارتفع عدد النسخ التي نشرت من 500 الى 5000، مما جعل الكتاب المقدس والأدب الأرمني متاحاً لجمهور الواسع. ونتيجة للجهود التي بذلها مخيتار سيباسداتسي ومن خلال رعاية العديد من الأرمن الأثرياء أصبحت القسطنطينية التي يقطنها عدد كبير من الأرمن مركزاً رئيسياً للنشر والطباعة. وقامت دار نشر كريكور مازونيتسي بطباعة العناوين التالية لمدة 35 عاماً (1698-1734): “هايسمافورك” (1706) و”تاريخ الأرمن” (1709) لـ”أكادانكيكوس”، و”تاريخ بلاد دارون” (1719) لـ “زينوب كلاغ” و”كتاب الاستفسارات” (1720) لـ “كريكور داتيفانتسي”.

في عام 1699 أسس الكاهن في القسطنطينية دار للنشر والطباعة خاصة به، ولمدة 50 عاماً نشر أكثر من 80 عنواناً دينياً. كما نشر الطبعة الأولى لـ ناريكاتسي “كتاب المراثي” عام 1702. خلال القرن 18، نشط عمل أكثر من 20 مطبعة في القسطنطينية.
ابتداء من عام 1727، لعب الآباء المخيتاريون دوراً محورياً في هذا المجال. حيث نشروا 270 مجلداً في مطبعتهم في جزيرة القديس لازاروس (ايطاليا). ومن بين هؤلاء هناك مخيتار سيباستاتسي” المدخل الى اللغة الأرمنية” (1727)، و”كتاب كلمات هايكاز” (1779)، وكتاب “تاريخ الأرمن” (1793) لـ “غازار باربيتسي”. كما نشرت مطبعة الآباء المخيتاريين في فيينا (النمسا) عناوين كثيرة ومهمة.

في عام 1772، أنشئت مطبعة في مدراس (الهند) من قبل عائلة شاهاميريان. وشملت منشوراتها: “دفتر جديد للوعظ” (1772) لـ “هاغوب شاهاميريان”، و”كمين الكلمات” (1773) لـ”شاهامير شاهاميريان”. كما نشرت “Aztarar” أول مجلة شهرية أرمنية، والتي كان يحررها القس شيمافون شيمافونيان. بعد نشر Aztarar فتحت صفحة جديدة في الحياة الأدبية للمجتمع الأرمني في الهند.

ساهم العديد من الأرمن في عملية النشر والطباعة. في عام 1637، أسس رئيس دير القديس أمينابركيتش مطبعة في جولفا الجديدة (إيران)، وفي عام 1638 نشر “كتاب المزامير”. في عام 1781 أنشئت أول دار طباعة في موسكو على يد كريكور خالتاريان، وهو رجل أعمال من جولفا الجديدة، تحت رعاية الأسقف الأرمني في روسيا القس هوفسيب أرغوتيان. في عام 1823 بعد مرور عام على إنشاء مدرسة نيرسيسيان في تبليسي (جورجيا)، أنشأ الكاثوليكوس نرسيس أشداراكيتسي من إيتشميازين مطبعة جديدة هناك.

وأصبحت هذه المطبعة مركزاً للنهضة الأرمنية الشرقية. وعلى مر السنين ومع التوسع والمنظمات الأرمنية في الشتات، تم تأسيس العديد من المطابع الجديدة في المجتمعات الأرمنية في كل مكان، كما أنشئت صناديق لدعم المطبوعات ونشر الثقافة الأرمنية لتصل الى كافة أنحاء العالم.

ملحق أزتاك العربي

Share This