“محطات ومواقف” لكيراكوس قيومجيان يقرّب القضية الأرمنية من الشعوب العربية

هاجس كيراكوس قيومجيان، ارمينيا، بمعنى قضيتها المستمرة منذ عام 1915 والتي لن تبدأ خطوات حلها، إلا بخطوة أولى تقضي باعتراف تركيا بأنها ارتكبت مجزرة ضد أرمن الاناضول ودياربكر، قضت على الملايين منهم، وهي ما لا تعترف به حتى الآن. إذاً القضية الأرمنية هي محور مجموعة كبيرة من المقالات خصوصاً في مناسبة ذكرى الإبادة في 24 نيسان، وأحياناً يزاوج بين القضية الأرمنية المستعصية على الحل والقضية الفلسطينية المستعصية على الحل أيضاً، والتي يرى اليها من الزاوية نفسها كونها قضية احتلال أرض بالقوة وإبادة شعبها الأصيل وحرمانه حقوقه السياسية والطبيعية والاستقواء بالدول الخارجية لإبقاء الحال على ما هي عليه.

إذاً يكتب قيومجيان متعاطفاً مع القضايا العربية، ولا سيما قضية فلسطين كونها تجتمع بالقضية الأرمنية تحت عنوان ظلم الدول المستقوية على الشعوب المستضعفة والاستمرار به والتباهي بالقدرة على القهر والعنصرية.

وإذ يعرض قضية الإبادة، الجرح النازف الذي لا شفاء له، لا يغفل القضية الأرمنية الجديدة التي بدأت في تسعينيات القرن الماضي وعرفت بقضية ناغورني غاراباغ، محاولاً إفهام العالم العربي أنها قضية حق سليب آخر لن يقبل الأرمن ان يكون مصيرها كمصير الأراضي التي وضعت تركيا يدها عليها بعد ارتكابها الإبادة، بما فيها جبل آرارات الرمز التاريخي لأرمينيا قبل قرون من قيام الدولة العثمانية، او تركيا الحديثة.

وهذا ما عبّر عنه وزير خارجية أرمينيا السابق وارطان اوسكانيان بقوله في التمهيد للكتاب ان قيومجيان، من الأدباء الذين سعوا الى إيضاح القضية الأرمنية وأرمينيا وحضارتها وإيصالها الى العالم العربي بمقالاته الجادة الرصينة في الصحافة الكويتية وفي وسائل الاعلام العربية”.
نقل كارو قضايا الأرمن الى العالم العربي وقرّبها بقلم عربي فصيح، فأوضح المفاهيم والخلفيات وقدّم اقتراحات بغية اكتساب الرأي العام العربي، وقارب القضية الارمنية بالقضية الفلسطينية فتقاربتا، وازداد التعاطف العربي مع القضية الأرمنية. ويقول انه اجتهد في أن تكون كتاباته “الى جانب تنوعها ذات مضمون معبّر عن روح الانسان الباحث عن الحقيقة”.

قيومجيان الأرمني، السوري المولد والجنسية، اللبناني الهوى، الكويتي الامتنان، يضع القضية الارمنية في الاطار الانساني العام، كقضية أرض سليبة وشعب تعرض للقهر والمذلة والابادة، كما تعرضت شعوب كثيرة، ويؤمن بأن الأساليب الديموقراطية هي الطريق لحل كل  المشكلات المستعصية في العالم، بما فيها القضية الارمنية، اذا صفت النيات، ويؤيد تحركات الشعوب من أجل حرياتها كلها، والعيش الحر الكريم في دولة ديموقراطية تحفظ حقوق المواطنين وتساوي بينهم دون تفرقة دينية او أتنية أو عرقية أو طبقية أو غيرها، فيخضع الجميع للقانون نفسه دون تمايز في المواطنية لأي سبب كان.

على رغم واقعيته في طرح أفكاره لا يغفل التراث الأرمني، بما فيه الأساطير التي كوّنت تاريخ أرمينيا السياسي الحديث. وجبل ارارات، التي أستقرت على قمته سفينة نوح بعد الطوفان كما يروي التاريخ الأسطوري، ذو رمزية دينية تراثية تعبر عما يعبر عنه هذا الجبل في الوجدان الجماعي للأرمن وقد خصّه بأكثر من مقال أوضح فيه رمزيته. فجبل ارارات احد الرموز المطلقة في رمزيتها الدينية والسياسية، كما كنيسة القيامة والمسجد الأقصى في القدس في فلسطين.

حمل قيومجيان لواء القضية الأرمنية وكتبها في مقالات نشرت في الصحف العربية ومنها “النهار”، وكتب “اخترت طريق الكتابة عن قضايا أبناء شعبي من الأرمن من أجل إيصال الحقيقة الى من لا يعرفها، فحق للانسانية ان تكون لديها أقلام تترجم أحاسيسها، وحق للمظلومين ان يجدوا من يوصل صوتهم الى الآخر الذي قد يكون متعطشاً لمعرفة معاناتهم”.

وقد تلقى اتصالات عقب كل مقال تستوضح صحة المعلومات والارقام التي أوردها والتي كانت تفاجئ السائل بمدى معاناة الأرمن وحجم الكارثة التي حلت بهم، أورد المؤلف المقالات مجموعة تحت عناوين: مقالات عن غاراباغ الأرمنية، مقالات في المذابح والحقوق الأرمنية، مقالات في التراث الارمني، مقالات في العلاقات العربية – الأرمنية.

صدور هذا الكتاب بالعربية عن القضايا الارمنية بوأه مرتبة رفيعة في التقريب العربي الأرمني، وهو “بمنزلة جسر يجمع الشعبين العربي والأرمني”، كما كتب الشاعر طوروس طورانيان.

المصدر : النهار

Share This