ألاعيب متعددة، مشاكل متعددة

في المرحلة الحالية من الأزمة السورية يدفع إدراج إيران العنصر الروسي الى المرتبة الثانية بشكل صريح، حين أعلن رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي لايران وممثل القائد الروحي سعيد جليلي في دمشق أن ايران لن تسمح بتدمير محور المقاومة الذي تشكل سورية جزءاً منه.

وهنا يتجلى حزم المسؤول الايراني. والتصريح مبني على أساس معين. المشاكل التي تحصل في سورية تتخطى البعد السوري، فهي تهدف الى تحطيم محور المقاومة وبذلك هي موجهة ضد محور روسيا-إيران-سورية. والرسالة واضحة في التصريح، بأن النزاع له بعد جيوسياسي.

وفي هذه الحالة تعتبر إيران أن قضية الحفاظ على دور سوريا الحالي هي قضيتها. كان هذا واضحاً كعملية استراتيجية سياسية. المهم في هذه الحالة توضيح الجانب الايراني، وتصريحاته باستعدادها للدعم وعدم التنازل عن مواقفها. خلافاً لموسكو التي كانت تطلق تصريحات أكثر دبلوماسية وتحفظ أمام القرارات الدولية لتأمين تدخل عسكري خارجي. ولا يمكن أن ننسى هنا مسألة الخرق ضد طهران في قضية المختطفين.

إن قضية المختطفين الايرانيين ترتبط بملف المختطفين اللبنانيين. بينما اتجه اتهام طهران الى واشنطن وقوى المعارضة السورية في اختطاف مواطنيها، وجه الشيخ عباس زغيب مسؤول ملف المخطوفين اللبنانيين في سوريا اتهامه الى قطر وتركيا خاصة. مع اضافة مهمة أنه في حال عدم حل مسألة المخطوفين اللبنانيين سيحظى أتراك يسكنون في لبنان بـ”ضيافة” مناسبة من قبلهم.

لم يكن التهديد الآتي من بيروت الوحيد لأنقرة، لم تكن تهديدات المسؤولين في طهران تشبه مضمون الحوار الذي يهدف الى تأمين مهمة الوساطة لوزراء خارجية البلدين.

كان حسن فيروز رئيس أركان القوات المسلحة الايرانية أعلن أن الدور سيأتي لتركيا بعد سوريا، حيث رأى أن تركيا هي المسؤولة عن الأحداث في سوريا وكذلك قضية اختطاف الايرانيين. لم يتأخر رد أردوغان “تركيا تعاونت مع ايران حينما كانت تحت ضغط بلدان أخرى”.

يعتبر هذا التذكير التركي أمام التهديد الايراني لطيفاً. إن كابوس الوحدة الكردية المحتملة سورية-العراق-تركيا هو من أولويات أنقرة، التي تناور للتهرب من حقيقة مواجهة جبهة جديدة. لكن المناروة لن تفيدها في انقاذ موقف تركيا. فدخول القوات التركية الى الاراضي السورية لم يغب عن انتباه الأوساط الايرانية في هذه المرة.

ليست المرة الأولى التي ترى قوات تركية على أراضي سورية في جرابلس التي تعتبر أراضي تركية وفق الاتفاقية التركية الفرنسية عام 1921. في هذه المرة أفادت وسائل الاعلام الايرانية أن تركيا غزت أراض سورية.

تتكشف الأطراف المتهمة، وتقام تصريحات لاتخاذ خطوات متوازنة، فالألاعيب والمناورات التي ترتكبها أنقرة تتكشف في زوايا ضيقة، والملفات التي تواجهها سوريا والأكراد وإيران تشير الى إخفاق نظرية صفر مشاكل مع الجيران.

التطور على هذا المنحى يرتبط بكل ذلك بشكل مباشر وغير مباشر. تعلن باكو أنها تغلق سفارتها في دمشق، وهذا القرار منسق مع الأخ الأكبر عندما أغلق سفارته هو أيضاً، وطلب منه عدم الاسراع.

وإغلاق السفارة الأذربيجانية الآن يدفعنا للتفكير بأن القرار متعلق بالتدخل الايراني المباشر، لو فكرنا أيضاً بنمط العلاقات غير الودية –إن لم تكن متوترة- بين باكو  وطهران.

فألاعيب أنقرة المتعددة إزاء القضايا الاقليمية تؤدي الى مشاكل متعددة. وخلال الأحداث لا تستثني نظرية الدومينو بأن تدرج في لعبتها تركيا التي تبحث عن مناطق أمنية.

شاهان كانداهاريان

رئيس تحرير أزتاك الأرمنية

بيروت، لبنان

Share This