روبير كاراوغلانيان اعتلى قمّة جبل أرارات … مغامرة تجسّد الإرادة وتؤرخ لحقبة لم تندثر

الإرتقاء إلى قمّة جبل ارارات، وتحديداً بالنسبة الى لبناني من أصل أرمني، هو “قمّة” الأهداف المنشودة بلا منازع. فالحنين الى تلك البقعة التي تعني الكثير بالنسبة الى الأرمن، هو أكثر من مجرّد مغامرة للتسلّق والتشويق، فيما التعلّق بها يرمز الى قوّة الإيمان الراسخ بأرض الآباء والأجداد.

“بالنسبة اليّ، كفرد من الجيل الثالث لحقبة الإبادة الأرمنيّة، تعتبر مغامرة تسلّق جبل أرارات بمثابة رحلة للبحث عن الذات وايجاد رابط مباشر وتواصل ما بين هذه الاراضي القديمة الواردة في التاريخ والتوراة وبيني. لقد انتابني شعور غريب وأنا أفكّر كيف ستطأ قدماي ذلك الجبل، علماً أنه يخضع في الوقت الراهن للدولة التركية”.

أضاف: “4 أيام استغرقت رحلة الصعود والنزول، اما التحضيرات لعملية التسلّق فاستغرقت نحو 10 أشهر، قمت خلالها بتمارين رياضيّة مكثفّة وتحضيرات لوجستيّة ونفسيّة”.

ويروي كاراوغلانيان تفاصيل رحلة العمر، فيلفت الى أن السيارة حملته حتى ارتفاع 2100 متر، ثم صعد مع دليلين ومتسلّق آخر (الماني الجنسيّة) حتى بلغوا 3200 متر (المخيم الأول) للاستراحة والتحضير للمرحلة الثانية.

في اليوم التالي، بلغت الرحلة الممتعة ارتفاع 4100 متر، ثم تقررت العودة مجدداً الى ارتفاع 3200 متر، وذلك بهدف تمرين الجسم على تحمّل الضغط وتفادي الأعراض الناجمة عن المرتفعات. ومجدداً، “بدأنا رحلتنا صعوداً الى ارتفاع 4100 متر، واسترحنا حتى منتصف الليل، موعد الرحلة الى قمّة جبل أرارات، والتي من الضروري أن تجري عند منتصف الليل تحديداً لتفادي الغيوم والضباب، ولأنها تكون أفضل من الناحية الصحيّة”.

يشرح كاراوغلانيان بإسهاب وشغف مراحل مغامرته. ويعترف بأن عملية التسلّق شابتها بعض الاخطار، “الصخور كانت لزجة بعض الشيء، وكان عليّ أن أثبت رجلي جيداً. كذلك شعرت في بعض الأماكن بنقص في الأوكسيجين، فركّزت جيداً على تنفسي وعلى تطبيق التمارين التقنيّة التي تعلمتها خصيصاً لهذه المغامرة، ولجأت الى سبل تخطّي الضباب الذي غطّى المكان من أجل الوصول الى هدفي: قمّة جبل أرارات، حيث رفعت عليها علم لبنان بكل فخر واعتزاز”.

ماذا شاهد على قمّة الجبل؟ تسلّق الجبال بالنسبة الى كاراوغلانيان مجرّد هواية، فهو يحبّ الطبيعة منذ صغره. “يبلغ ارتفاع جبل ارارات 5165 متراً، وهو بركاني الطابع، وصخوره من حجر البازالت الأسود. يضم ينابيع صغيرة تذوب فيها الثلوج، ولا وجود فيه للأشجار أو الثمار، بل بعض الزهور الزرقاء. ومن يتسلّق الجبل، يهتم بطبيعته وببيئته. ففي تلك البقعة المميّزة، يتغيّر المناخ بين لحظة وأخرى، وتتراءى المناظر الخلاّبة وأنوار المدن المثيرة جداً تحت أقدام الجبل”.

وأشار الى أن احساسه كان مرهفاً حين داس أرض هذا الجبل الذي يعني له الكثير.
“بعد عودتي، في 22 تموز الفائت، بدأت المدارس والصحف الأرمنيّة تتصل بي لأصف لتلامذتها وقرائها شعوري خلال الرحلة، لأن هذه المغامرة المثيرة تعني الكثير لكل مواطن أرمني. فالموضوع لا ينتهي عند مجرّد النزول من قمّة الجبل، بل يبدأ عند الأرمن لحظة نقل تفاصيل هذه التجربة الى كل فرد منهم”.

ويختم روبير كاراوغلانيان، الذي حمل معه 7 أحجار من البازالت وصور مغامرة يعود اليها كلما شعر بالحنين الى ذلك المكان لا تنسى، “هذه الرحلة تجسّد ذكرى غالية تؤرخ لحقبة حافلة بالمتعة والتحدي والتفوّق على الذات”.

النهار

Share This