أرمينيا.. تراث ثقافي ضارب في التاريخ..

علاء المنياوي

 

أقامت سفارة أرمينيا بالقاهرة حفلاً بمناسبة عيد الاستقلال, وقد وجه الدكتور أرمين ميلكونيان سفير أرمينيا بالقاهرة الدعوة لعدد كبير من السفراء والشخصيات العامة والإعلاميين والمصريين لحضور الحفل.

الحفل الذي تقيمه السفارة سنويا يشهد حضورًا كبيرًا خاصة من المصريين حيث تربط مصر وأرمينيا علاقات وثيقة تضرب بجذورها في التاريخ إذ إن الكثير جدا من الأرمن عاشوا في مصر وأثروا الحياة السياسية والثقافية والفنية والتجارية.

وأرمينيا بلد جبلي غير ساحلي يقع في القوقاز من أوراسيا عند ملتقى غرب آسيا وشرق أوروبا, وتحدها تركيا من الغرب وجورجيا من الشمال وفي الشرق تقع ناجورنوا كاراباخ التي لا زالت حتي الأن موضع نزاع بينها وبين وأذربيجان,أما من الجنوب فتحدها إيران.

وأرمينيا جمهورية سابقة من الاتحاد السوفيتي، وحالياً تحكمها الديمقراطية والتعددية الحزبية، كما أنها دولة قومية ذات تراث ثقافي ضارب في التاريخ,وهي عضو في أكثر من 40 منظمة دولية بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس أوروبا وبنك التنمية الآسيوي واتحاد الدول المستقلة ومنظمة التجارة العالمية, كما أنها عضو في التحالف العسكري لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي وتشارك أيضاً في برنامج شراكة الناتو من أجل السلام.

في 24 أبريل 1915، ألقي القبض على المفكرين والمثقفين الأرمن من قبل السلطات العثمانية، ومع صدور قانون التهجير في 29 مايو 1915، في نهاية المطاف لقيت نسبة كبيرة من الأرمن الذين يعيشون في الأناضول حتفها في ما أصبح يعرف باسم مذابح الأرمن, وتعتبر أحداث 1915 حتى 1917 من قبل الأرمن والغالبية الساحقة من المؤرخين الغربيين مذابح رعتها الدولة,أما السلطات التركية ترى أن الوفيات كانت نتيجة لحرب أهلية مقرونة بالمرض المجاعة حيث كانت الخسائر على الجانبين.

وتسعى أرمينيا من أجل الاعتراف الرسمي بالأحداث بأنها إبادة جماعية لأكثر من 30 عاما, خاصة أنها اتخذت من تاريخ 24 أبريل في هذه الأحداث ذكري سنوية أطلقت عليها”يوم الشهيد الأرمني” أو يوم الإبادة الجماعية للأرمن.

وفي عام 1991 انهار الاتحاد السوفييتي واستعادت أرمينيا استقلالها وأعلن الاستقلال في 23 أغسطس وكانت أول جمهورية خارج البلطيق تعلن الانفصال, ومع ذلك، شهدت السنوات الأولى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي صعوبات اقتصادية.

وتعتبر أرمينيا بلد غير ساحلي في جنوب القوقاز، حيث تقع بين البحر الأسود وبحر قزوين ويحدها من الشمال والشرق جورجيا وأذربيجان ومن الجنوب والغرب إيران وتركيا, وتبلغ مساحة جمهورية أرمينيا 29,743 كيلومتر مربع (11,484 ميل مربع)، وتقع في الشمال الشرقي من الهضبة الأرمينية (400,000 كيلومتر مربع أو 154,441 ميل مربع) والتي تعرف باسم أرمينيا التاريخية وتعتبر الوطن الأصلي للأرمن.

كما تغلب عليها التضاريس الجبلية، بوجود أنهار سريعة الجريان وقلة الغابات. المناخ هو مناخ المرتفعات القارية، وهو ما يعني أنها تتعرض لصيف حار وشتاء بارد.

اعتمد اقتصاد أرمينيا قبل الاستقلال بدرجة كبيرة على صناعة المواد الكيميائية والالكترونيات والآلات وتجهيز الأغذية والمطاط الصناعي والمنسوجات معتمدة اعتماداً كبيراً على الموارد الخارجية,وطورت الجمهورية قطاعاً صناعياً حديثاً يقوم على توفير الآلات والمنسوجات والسلع المصنعة الأخرى إلى الجمهوريات الشقيقة في مقابل الحصول على المواد الخام والطاقة.

وشكلت الزراعة أقل من 20 ٪ من الناتج الصافي أو من حيث حجم العمالة قبل تفكك الاتحاد السوفياتي في 1991,وبعد الاستقلال برزت أهمية الزراعة في الاقتصاد بشكل ملحوظ حيث صعدت حصتها في نهاية التسعينات إلى أكثر من 30 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من 40 ٪ من إجمالي العمالة, ويعزى ذلك إلى الحاجة إلى تأمين المواد الغذائية للسكان في مواجهة عدم اليقين الذي ساد خلال المراحل الأولى من التحول وانهيار القطاعات غير الزراعية في أوائل التسعينيات.

وتنتج المناجم الأرمينية النحاس الزنك الذهب الرصاص. بينما تنتج الغالبية العظمى من الطاقة من الوقود المستورد من روسيا، بما في ذلك الغاز والوقود النووي (لمحطتها الوحيدة للطاقة النووية). المصدر الرئيسي للطاقة المحلية هي الطاقة الكهرمائية. توجد في البلاد كميات صغيرة من الفحم والغاز والبترول لكن لم يجر استثمارها حتى الآن.

ويمتلك الأرمن أبجدية ولغة خاصتين، وتم اختراع الأبجدية الأرمينية في 405 ميلادي من قبل القديس ميسروب مشدوتس وتتألف من ثمانية وثلاثين حرفاً، منها حرفان أضيفا خلال الفترة القيليقية. ويتحدث الأرمينية 96 ٪ من سكان البلاد بينما يتكلم 75.8 ٪ اللغة الروسية، كما تزداد شعبية اللغة الإنكليزية مع الوقت الحالي.

في حين تعتبر الموسيقى الأرمنية مزيج من الموسيقى الشعبية المحلية، والتي ربما يمثلها أفضل تمثيل موسيقى دودوك لدجيفان جاسباريان، فضلاً عن موسيقى البوب والموسيقى المسيحية,وتوجد الأدوات الموسيقية مثل الدودوك والدهل والزرنة والقانون في الموسيقى الفولكلورية الأرمينية. كما يشتهر فنانون من أمثال سيد نوا بسبب تأثيرهم في تطوير الموسيقى الفولكلورية الأرمينية.

وأحد أقدم أنواع الموسيقى الأرمنية هي الأنشودة الأرمنية التي تعد النوع الأكثر شيوعاً من الموسيقى الدينية في أرمينيا، حيث أن الكثير من هذه الأناشيد قديمة في الأصل، وتمتد إلى عصور ما قبل المسيحية، بينما البعض الآخر حديث نسبياً، بما في ذلك العديد من تأليف القديس مسروب مشدوتس مخترع الأبجدية الأرمنية.

وتحت الحكم السوفياتي، اشتهر الملحن الأرمني آرام خاتشاتوريان على الصعيد الدولي من خلال تأليفه للموسيقى الكلاسيكية الأرمنية ومختلف أعمال الباليه ومنها رقصات سيبر (سيبر نوع من أنواع السيوف) في باليه غايانه.

ويقع فيرنيزاج يريفان (سوق الفنون والحرف اليدوية) على مقربة من ساحة الجمهورية، حيث يضج بمئات الباعة لمجموعة متنوعة من الحرف اليدوية وذلك في عطلات نهاية الأسبوع والأربعاء. يعرض السوق المنحوتات الخشبية والتحف والدانتيل الجميلة والصوف والسجاد اليدوي والكليم التي هي من اختصاص القوقاز.

وحجر السبج الذي يمكن العثور عليه محلياً، يصاغ في مجموعة متنوعة من الحلي كما يستخدم للزينة. تتمتع صياغة الذهب الأرمنية بتقاليد عريقة، حيث تشغل إحدى زوايا السوق بمجموعة متنوعة من الحلي. كما يمكن العصور على آثار سوفياتية وهدايا تذكارية من الدمى الروسية والساعات وصناديق العاج وغيرها.

وعلى الجانب الآخر من دار الأوبرا، يوجد سوق الفن الشعبي آخر يملأ حديقة المدينة في عطلة نهاية الأسبوع. بسبب موقع أرمينيا كنقطة عبور على مر التاريخ يمكن العثور على العديد من المواقع الأثرية الرائعة,حيث توجد مواقع أثرية من العصور الوسطى والعصر الحديدي والعصر البرونزي وحتى العصر الحجري وكلها تبعد بضع ساعات بالسيارة عن المدينة. كما لا تزال العديد من الآثار عملياً غير مكتشفة، مما يسمح للزوار بمشاهدة الكنائس والقلاع في إعداداتها الأصلية.

ويمارس الأرمن مجموعة متنوعة من الألعاب الرياضية، أكثرها شعبية المصارعة ورفع الأثقال والجودو وكرة القدم والشطرنج والملاكمة,تضاريس البلاد الجبلية تزيد من شعبية رياضات مثل التزلج وتسلق الجبال. كونها بلد غير ساحلي، لا تمارس الرياضات المائية إلا في البحيرات ولا سيما بحيرة سيفان, تنافس أرمينيا في لعبة الشطرنج ورفع الأثقال والمصارعة على الصعيد الدولي. أرمينيا أيضاً عضو نشط في المجتمع الرياضي الدولي حيث تمتلك العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) واتحاد هوكي الجليد الدولي.

صدى البلد المصرية

Share This