تقرير حال القدس: مخطط بناء “مركز تجاري وموقف خاص” على أراضٍ تابعة لدير الأرمن في البلدة القديمة في القدس

يرصد هذا التقرير تطوّر الأحداث في مدينة القدس على المستويين الميداني والسياسي ويُقدّم قراءةً منهجيّة لهذه الأحداث تضعها في سياق الصراع بين مشروعٍ تهويديّ شامل يطال مختلف جوانب الحياة في المدينة، تُنفذه وترعاه دولة الاحتلال والجمعيّات المرتبطة بها، وبين محاولات مقاومة هذا المشروع من قبل المقدسيّين المعتمدين على قدراتهم الذاتيّة وقليلٍ من الدعم الخارجيّ. ويتتبع التقرير التطوّر الميدانيّ لمشروع تهويد المدينة ومحاولات مقاومته من خلال مسارين أساسيّين هما:

التهويد الدينيّ والثقافيّ: ويشتمل هذا المسار على محاولات تغيير هويّة المسجد الأقصى والبلدة القديمة في القدس من خلال الحفريّات الهادفة لبناء مدينة تاريخيّة يهوديّة أسفل المسجد الأقصى ومحيطه، ومن خلال بناء الكنس والمتاحف، فضلاً عن محاولة نزع الحصريّة الإسلاميّة للمسجد الأقصى وتحويله من معلمٍ إسلاميّ إلى موقعٍ دينيّ مشترك مفتوحٍ أمام أتباع الديانات كافّة. يُضاف إلى ذلك محاولة تغيير الطابع السكاني العربيّ للمنطقة المحيطة بالمسجد الأقصى والبلدة القديمة إلى طابعٍ يهوديّ، وتهجير سكان هذه المنطقة العرب إلى الأطراف.

التهويد الديموغرافيّ: ويشتمل هذا المسار على مجالين أساسيين الأوّل هو محاولات زيادة عدد المستوطنين اليهود في المدينة من خلال بناء المستوطنات وتوسعتها وتقديم تسهيلات لمختلف الفئات للسكن في القدس، ونقل مؤسسات الدولة المركزيّة إلى المدينة وتشجيع بناء المصانع ومراكز الشركات عالية التقنية في مركز المدينة لجذب اليد العاملة. أمّا المجال الثاني فهو محاولة تهجير السكّان المقدسيّين من خلال سحب بطاقات الإقامة ومصادرة الأراضي والعقارات وفرض ظروف معيشية واقتصاديّة صعبة عليهم، فضلاً عن بناء الجدار العازل.

أمّا التطوّر السياسيّ لمشروع التهويد فيتتبعه التقرير من خلال متابعة المواقف السياسيّة لأبرز الجهات الفاعلة في القدس والمؤثرة فيها وهي دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينيّة وفصائل المقاومة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومن بعدهم الدول العربيّة وبعض الدول الإسلاميّة. ويرصد التقرير مواقف هذه الأطراف من أبرز الأحداث الدائرة في القدس كما يرصد أي تطوّرٍ في الموقف السياسيّ العامّ لهذه الأطراف تجاه المدينة.

وليس بعيدًا عن هذا السعي لتوحيد هوية المدينة والتفرد بها، أعلنت بلدية الاحتلال في أيار/مايو عن مخطط بناء جديد تحت مسمى “مركز تجاري وموقف خاص” على أراضٍ تابعة لدير الأرمن في البلدة القديمة في القدس وأصدرت قرارًا يقضي بمنع الأرمن من استخدام الموقف القديم الذي تعود أرضه لدير الأرمن. وقد أثار هذا القرار موجة غضب بين سكان دير الأرمن الذين تظاهروا ضد قرار إغلاق الموقف ومنعهم من ركن سياراتهم فيه. ويثير هذا المخطط، ومعه القرار بمنع الأرمن من استخدام الموقف المقام أصلاً على أرض يملكونها، قضية التمييز الذي تمارسه سلطات الاحتلال بحق غير اليهود والمحاولات التي تبذلها للتضييق عليهم لجعل ظروفهم الحياتية صعبة إلى حد دفعهم إلى الرحيل.

إعداد: براءة درزي

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات

Share This