فلسطين بين السلطان عبد الحميد ومشعل وأردوغان

خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الرابع العام لحزب العدالة والتنمية الحاكم والتي تحولت الى استعراض للخطابات المزورة للحقائق التاريخية والآنية، والتي دعي اليها محمد مرسي رئيس جمهورية مصر وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وآخرون، باتت فلسطين بطاقة مزايدة لمن يدافع عنها أكثر.

وقد وصف خالد مشعل حزب العدالة والتنمية بأنه «نموذج ناجح» يجدر بالأتراك أن يفخروا به، قائلاً إن «هذا النجاح بدأ يعدي الدول العربية والحمد لله على هذه العدوى». واعتبر أن التجربة التركية بقيادة أردوغان قدمت نموذجاً للإسلام العصري والوسطي والمعتدل والمرتبط بشعبه والمنفتح على العالم.

كما تطرق رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الى موضوع فلسطين محاولاً عبثاً إيجاد روابط بين فلسطين وتركيا، لكنه فشل حين استذكر السلطان العثماني عبد الحميد، ليشيد بتضحياته من أجل فلسطين. حيث قال “فلسطين هي القدس هي المسجد الأقصى هي كنيسة القيامة وهي التي ضحى من أجلها السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله، وقضية فلسطين هي قضية تحرر من الإحتلال”. وهنا وقع في التحريف التاريخي، وحذف سنوات طويلة من القهر والاضطهاد والمجازر على يد الأتراك العثمانيين التي طالت الأرمن، وهم أنفسهم الذين باتوا ضحايا السلطان وما بعده من باشاوات عثمانية تركية طورانية.

فرد عليه أردوغان في هذا المنحى مؤكداً أن تركيا ثابتة على المواقف نفسها التي قدمها السلطان عبد الحميد، عندما رفض بيع فلسطين أو منحها لليهود، وقال “إن تركيا تدعم الجهود الفلسطينية بإقامة الدولة، ووقف الاستيطان في الأرض الفلسطينية عموما وفي مدينة القدس خصوصا”.

وتتالت ردود الأفعال على الخطابات بشكل عام وموقف كل من المتحدثين من المسائل المطروحة، حيث وصفت العديد من الصحف والأقلام أن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) بأنه “مقاوم متشرد” واتهمته بالجحود بعد أن فتحت له دمشق أبوابها قبل عقد من الزمن وإنه باع المقاومة من أجل السلطة. وقال التلفزيون السوري “بئس ما قال على منبر حزب أردوغان كشريك في الحملة الانتخابية لأردوغان بعد إنجازه لصداقات صفر مع الجيران من أرمينيا إلى إيران والعراق وسوريا واليونان.”

كما كتب أحمد الحباسي من تونس تحت عنوان “خالد مشعل…أوهام…أضغاث أحلام… مر الكلام”، وقال: “لعل خالد أردوغان لا يدرك أن مصر الإخوان قد نفضت يدها من الأنفاق الفلسطينية منذ اتفاقية كامب ديفيد وهي “تتوسل” اليوم كغيرها المعونات الأمريكية بنفس النهم والذل السابق…وقال ساخراً بأنه “ابن السلطان عبد الحميد” الذي لم نكن ندري نسبه إلا منذ يومين في مؤتمر حزب العدالة والتنمية”.

والحقيقة التي يتم طمسها في أغلب الأحيان عن القارئ العربي هي أن السلطان عبد الحميد الثاني فتح الباب على مصراعيه للنشاط الاقتصادي والسياسي والاستيطاني اليهودي في فلسطين، ما ساعدهم على غزو فلسطين مالياً وبشرياً. وهو الذي تفاوض مع “تيودور هرتزل” على بيع فلسطين لليهود، لسداد الديون العثمانية، وأن المفاوضات انتهت بالفشل، ليس بسبب مواقف السلطان الرافضة لبيع فلسطين، بل بسبب فشل “هرتزل” في جمع الأموال اللازمة من اليهود. والأكثر من ذلك بأن المستعمرات الصهيونية أقيمت في فلسطين في عهد السلطان عبد الحميد الثاني.

لا يستطيع الخطباء إقناع العالم بمقولة مشعل أو أردوغان عن تضحيات السلطان عبد الحميد في فلسطين فإن الحقائق التاريخية تثبت أن فترة حكم السلطان عبد الحميد الثاني للدولة العثمانية تجسد بداية الدعوة الصهيونية ونشاطاتها العملية في الهجرة والاستيطان. أما فيما يتعلق بسياسة السلطان عبد الحميد تجاه مصير الأرمن فقد باع السلطان الأحمر مواطنيه الأرمن من خلال سياسته في مواجهة القومية الأرمنية عندما عمد الى إنشاء الأفواج الحميدية من الأكراد عام 1890، وبعد ذلك بسنوات عندما أصدر قانوناً في العام 1896 فرض بموجبه على المسلمين ضريبة من أجل التسلح، وتلك الخطة أدت الى مواجهات أسفرت الى مقتل مئات الآلاف من الأرمن وتهجير حوالي 100 ألف آخرين. لذلك على المدافعين عن فلسطين والسلطان عبد الحميد قراءة المزيد من تاريخ العثمانيين لمعرفة صفقة بيع المواطنين العثمانيين وبيع فلسطين على حد سواء.

ملحق أزتاك العربي

Share This