الاتحاد الأوروبي ينتقد تركيا بشدة

وجّه الاتحاد الأوروبي إلى تركيا انتقادا هو، على وصف صحيفة «ميللييت»، الأكثر حدّة حتى الآن. وقد كشفت «ميللييت» عن مضمون التقرير الدوري الجديد للاتحاد الذي سيعلن عنه في العاشر من تشرين الأول الحالي، مشيرة إلى تكرار عبارات «القلق» وتراجع استخدام مفردة «تقدم» في مسار العلاقة بين الطرفين.

وقد لفت عدم الاهتمام التركي بالاتحاد الأوروبي في خطاب رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان أمام المؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية الأحد الماضي في أنقرة، حيث لم يشر اردوغان ولا مرة واحدة إلى الاتحاد الأوروبي، رغم انه الهدف الاستراتيجي لتركيا منذ العام 1963.
وجاء انتقاد التقرير الأوروبي أولا لتراجع حرية التعبير في تركيا. وقال إن ما تحقق حتى الآن ليس كافيا بتاتا، موضحا أن الانتهاكات لحرية التعبير تزداد وهي مصدر قلق جدي. كما جرى التضييق على حرية الصحافة وفتح المسؤولون دعاوى كثيرة ضد الصحافيين، كما طرد العديد من الصحافيين من عملهم لانتقادهم الحكومة، وباتت ظاهرة الرقابة الذاتية متفشية لدى الصحافيين. كما أن قوانين مكافحة الإرهاب تتضمن عبارات غامضة تتيح اعتقال وسجن من ينتقد الحكومة بتهمة دعم الإرهاب.

وانتقد التقرير عدم الشفافية في محاكمة الجنرالات في قضية «المطرقة». وقال إن القضاء لا يزال بحاجة إلى تشريعات كثيرة ليكون مستقلا عن السلطة السياسية. كما انتقد حاجز العشرة في المئة لدخول البرلمان لأنه عال جدا، كما لم يسجل أي تقدم في مجال تحسين شروط إغلاق الأحزاب أو تمويلها.

ورأى التقرير أن المسألة الكردية لا تزال تشكل التحدي الأكبر أمام الديموقراطية في تركيا، حيث توقف الانفتاح على الأكراد في العام 2009 كما طالت الاعتقالات بشأن المسألة الكردية صحافيين ومدافعين عن حقوق الإنسان.

وفي الحريات الدينية، أشار التقرير إلى استمرار إغلاق مدرسة الرهبان في هايبلي أضه، ولم يستمر الانفتاح على العلويين حيث ما زالت مراكز عبادتهم المعروفة بـ«بيوت الجمع» غير معترف بها من قبل الدولة.

وسجّل التقرير إشارة مهمة، وهي أن نسبة الانسجام بين تركيا وقرارات الاتحاد الأوروبي بشأن قضايا السياسة الخارجية «متدنية»، رغم أن الحوار بين الطرفين بشأن الأمن والسياسة الخارجية في ازدياد.

ولم يغب عن أنظار المحللين الأتراك عدم اهتمام اردوغان بالاتحاد الأوروبي في خطابه أمام مؤتمر حزب العدالة والتنمية الأحد الماضي. واعتبروها إشارة سلبية على مستقبل تركيا وليست ايجابية. ويقول سامي كوهين انه في حين حيّا اردوغان دول العالم الإسلامي أغفل ذكر الاتحاد الأوروبي، ومع أن ذلك لا يعني طي صفحة الاتحاد الأوروبي فإنه يفيد أن لا أولوية للاتحاد الأوروبي في السياسة الخارجية التركية، حيث احتل التوجه إلى العالم الإسلامي بدلا منها.

لكن كوهين يشيد بخطاب الرئيس التركي عبد الله غول أمام البرلمان قبل يومين، عندما دعا النواب الأتراك إلى إعطاء الأولوية للتشريعات التي تنسجم مع التشريعات الأوروبية وهذا أمر مهم. ويقول إن غول يريد أن يتم من جديد إحياء المسار الأوروبي الذي بات مهملا من قبل الشارع ومن قبل المسؤولين معا.

وتوقف كوهين عند قول غول انه مهما كانت أسباب العرقلة من الطرف الآخر، أي أوروبا، فعلى تركيا أن تمضي في طريقها إلى الاتحاد الأوروبي. واعتبر كوهين أن إحياء المسار الأوروبي هو الذي يساعد على تقوية الاقتصاد والديموقراطية، وانه إذا كانت لسياسة تعدد الأبعاد التركية أن تمضي إلى الأمام فإن تقوية العلاقة مع الاتحاد الأوروبي تمنحها هذه الفرصة.
ولاحظ كوهين أن غول يقوم بما يجب أن يقوم به مسؤول تركي، في حين ان السعي للزعامة السياسية والخطاب الشعبي هما اللذان يطغيان على حركة الآخرين، والمقصود رجب طيب اردوغان.

محمد نور الدين

السفير

Share This