رأي الصحافة العربية من السلطان أردوغان والولاية العثمانية

كتب أحمد راسم النفيس في مجلة “فيتو” المصرية يناقش زيارة الرئيس مرسي إلى تركيا لحضور مؤتمر حزب العدالة والتنمية مع احتفاء وزارة الإعلام بذكرى استعادة القدس على يد صلاح الدين الأيوبي.

إذ يقول: “للحقيقة وجهان، وفي حالة صلاح الدين الأيوبي فالوجه الآخر لهذه الحقيقة أنه قام باسترداد القدس من يد الفرنجة حربا قبل أن يقوم أبناؤه بتسليمها إليهم سلما وعن طيب خاطر بعد بضعة عقود، أما الوجه الأول فهو أنه قام بتحويل مصر وعن سابق إصرار وترصد من عاصمة للخلافة الفاطمية وحاضرة للحضارة الإسلامية إلى مجرد ولاية تابعة للخليفة العباسي كما قال المقريزي (وكتب صلاح الدين إلى بغداد يعدد فتوحاته وجهاده للفرنج وإعادته الخطبة العباسية بمصر طالبا من الخليفة تقليده مصر واليمن والمغرب والشام وكل ما يفتحه بسيفه‏‏ (؟!) فوافته بحماة رسل الخليفة المستضيء بأمر الله بالتشريف والأعلام السود وتوقيع بسلطنة بلاد مصر الشام وغيرها)”‏.‏ ويذكر أن تلك الفتوحات لم تحل التي فتحها صلاح الدين بسيفه (حروب الاستيلاء) على بلاد المسلمين وانتزاعها من أيدي المستولين عليها من سقوط بغداد بعد ذلك تحت سنابك خيل التتار الذين اجتاحوا أغلب بلاد العالم الإسلامي الضعيف المنهك المنقسم على نفسه لولا أن الله سلم وجرى إيقاف الزحف المغولي في عين جالوت”.

وأشار الى أنه “الآن يحاول التاريخ أن يعيد نفسه وها هو (القائد مرسي) يسعى بقدميه إلى مقر السلطنة العثمانية ليدشن أردوغان زعيما للأمة الإسلامية في مؤتمر الحزب القائد للأمة الإسلامية حزب العدالة والتنمية، متخليا عن زعامة مصر للعالم الإسلامي كما قال محمد نور الدين في جريدة السفير اللبنانية “المؤتمر الرابع للعدالة والتنمية: أردوغان “زعيماً للعالم الإسلامي”. مستنتجاً أن “النصاب العالمي أردوغان صال وجال على مدى ساعتين مشيدا بأجداده السلاجقة المجرمين ولم يستثن كعادته تحية السلطان سليم الأول (فاتح مصر) الذي قام بتدمير مصر وتحويل عاصمتها القاهرة إلى مزابل وخرائب مطمئنا إلى أن أحدا ممن مثلوا بين يديه لا يجرؤ على الرد أو التصحيح إما جهلا بالتاريخ، وتلك مصيبة أو تواطؤا والمصيبة هنا أعظم!!.”.

وختم بقوله: “إنه الجهل والوهم الذي ساق هؤلاء لهذا الجمع النكد تحت رعاية حلف الناتو عساهم ينجحون في تحويل ما تبقى من قوة ووحدة إسلامية إلى أكوام ومزابل وأنقاض كما فعل جدهم القاطع السفاح سليم خان (بختنصر العصور الوسطى) أو كما قال ابن إياس الحنفي في بدائع الزهور”.

وتحت عنوان “تركيا.. الإمبراطور الخازوق” تناول صلاح الدكاك حول قضية عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي. وقال: “حتى “بروبوغندا سفينة مرمرة الدعائية” التي حاول “أردوغان” أن يسوِّق نفسه من خلالها في الشارعين العربي والإسلامي، انتهت إلى الفشل، وأفضت إلى نقيض الغاية منها، فبدلاً من أن يرفع “أسطولُ الحرية” المُسَيَّر برعاية تركية غير رسمية؛ شعبيةَ “أردوغان” إقليمياً؛ عبر كسر “الحصار” الفاشي والجائر حول “غزة”، خفض مقتل تسعة أتراك في المياه الدولية على أيدي “الكوماندوز الإسرائيلي” شعبيةَ الرجل محلياً بصورة حادة، حيث بدا رئيس الوزراء، الذي أوشك أن يغدو بطلاً فاتحاً في عيون العرب والمسلمين، عاجزاً وعديم الحيلة بالمجمل إزاء مطلب الاقتصاص لمقتل مواطنيه التسعة”.

وختم قائلاً عن “أردوغان” “وحين تبدأ ألسنة اللهب بالتهام “بيجامة نومه” سيفيق مذعوراً ويفاجأ ولن يجد “أمريكا” إلى جواره حينها، فهذه هي –تماماً- النهاية التي يحث “الغرب الإمبريالي” تركيا على الانجراف إليها، عبر “حزب العدالة والتنمية الإسلاموي” كخطام ضليع في المؤامرة ليس إلا… يدرك أكثرية الأتراك هذه الحقيقة اليوم أكثر من أي وقت مضى. شيئاً فشيئاً تتحول تركيا إلى نسخة أخرى من “باكستان”.. مجرد “كامب أمريكي” قاحل، ومرفأ مهجور يرتاده مشاة البحرية والمارينز في المناورات، ويغادرونه مكتظاً بحطام قناني النبيذ والويسكي”.

ومن جهة أخرى كتب محمد نور الدين عن رؤيته بعد المؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية في أنقرة في مقال تحت عنوان “أردوغان ومعايير ألب أرسلان” فقال إن المؤتمر الرابع للحزب أظهر أن أردوغان هو الرجل الأوحد في الحزب والحكومة. ليس من ثانٍ ولا ثالث ولا عاشر. هناك أول فقط والآخرون لا أرقام لهم. كلهم في خدمته وخدمة مشروعه. وكائناً من كان رئيس الحزب المقبل ورئيس الحكومة المقبل فسيكون “وكيلاً” فيهما عن أردوغان الذي سيستمر في إدارة البلاد كما لو أنه رئيس المواقع الرئاسية الثلاثة، بل الأربعة إذا أضفنا إليها رئاسة البرلمان.
أردوغان بعد المؤتمر هو سلطان فعلي. لكنه ليس عثمانياً فقط، بل سلجوقي أيضاً.
لفت كثيراً تركيز أردوغان على سيرة السلاطين العثمانيين والسلاجقة، ولا سيما السلطان ألب أرسلان الذي هزم البيزنطيين في معركة ملازكرد عام 1071ميلادي، وانفتحت أمامه بذلك أبواب الأناضول.

“وليس غريباً أن يركّز أردوغان في خطبته على النزعة الإسلامية في تركيا. ذكر أردوغان في معرض إشادته بالرموز الإسلامية في تركيا، مثل عدنان مندريس وطورغوت أوزال. ولم يفته أن يذكر حتى أستاذه الذي انقلب عليه شر انقلاب، أي نجم الدين أربكان. لكن أردوغان الذي ذكر أتاتورك أيضاً رفعاً للعتب لم يشر أبداً إلى أي زعيم تركي علماني. وأردوغان عندما بدأ بتحية المدن كانت كلها إسلامية”. وحول توجه تركيا الى الشرق قال نور الدين: “من الواضح أن أردوغان قد تلفت نحو الشرق ويريد أن يكون من الشرق، لكن ليس مجرد رقم إضافي، بل زعيماً له. وليس مصادفة أن يتبرع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ليبايع أردوغان لهذا الموقع الافتراضي عندما قال له “أنت لست زعيماً لتركيا فقط، بل لكل العالم الإسلامي”. ما يؤكد على هذا التوجه أن أردوغان لم يشر إلى الاتحاد الأوروبي في خطابه أبداً. غاب الاتحاد الأوروبي الذي كان مشروع تركيا الاستراتيجي منذ عهد أتاتورك وحتى الآن، عن خطاب أردوغان، وهذا أيضاً ليس تفصيلاً صغيراً، حتى عندما ذكر أردوغان اسمي فرنسا وألمانيا فمن باب انتقادهما لموقفهما من قضايا الحجاب ومعاداة الإسلام، وليس كونهما قائدي المشروع الأوروبي. مسيرة الاتحاد الأوروبي التي كانت في صلب نهضة تركيا الحديثة، لا يبدو أنها ستكتمل بعد خطاب أردوغان. لم يعد الهدف بروكسل بل ملازكرد. لم يعد الهدف معايير كوبنهاغن بل معايير ألب أرسلان والسلطان محمد الفاتح. بعد خطاب أردوغان من الواضح أن مرحلة جديدة من تاريخ العالم الإسلامي قد بدأت. كل السهام والأقواس والنبال إلى الشرق. وكل القلق أيضاً”.

Share This