هبوط متفق بطابع إلزامي

لا شك أن مسألة هبوط الطائرة الأرمنية المتوجهة الى حلب في مطار إرزروم كانت ستدخل الاطار السياسي، فقد بدأت وسائل الاعلام التركية بالتزامن مع وسائل الاعلام العالمية ببث الأخبار عن إجبار الطائرة على الهبوط وحالة المفاجأة. لكن الجانب الأرميني أوضح أن الهبوط لم يكن مرغماً بل متفق عليه مسبقاً بين الطرفين.

لقد انشغل الجانب الأرميني بإنهاء كافة المعاملات لتأمين هبوط الطائرة ومعاودة الرحلة الى حلب بعد التفتيش.

من الواضح أن الجانب التركي وافق على توقف الطائرة لفترة قصيرة بعد معرفتها بأن الطائرة محملة بمواد إنسانية عبارة عن مواد غذائية.

بعد إجبار الطائرة المدنية التي قطعت الأجواء التركية بين روسيا وسوريا على الهبوط لم تكن تفضل أنقرة إخبار وسائلها الاعلامية عن الاتفاق مع أرمينيا. هذا يشير الى أن التضليل سيتدفق في الاعلام التركي بشأن طائرة متوجهة الى سورية يتم إجبارها على الهبوط من قبل المقاتلات التركية.

أنقرة التي تستعرض حالة الحرب ضد سورية تخلق أحداثاً لاستعراض سياستها أمام العالم، فتركيا تحشد القوات وتكرر نغمة بدء الحرب، وتستدرج الناتو في تهيئة الحرب وأمور أخرى تشهد على ذلك. ويعقب هذا سياسة المكنة الاعلامية في أنقرة لعدم نفي التعليقات والأخبار المنشورة. توجب على الاعلام التركي إجراء مقارنات بين هذه الطائرة والطائرة السورية وبين عمليتي الهبوط. فيتضج أن الطائرة السورية أجبرت فجأة تحت ضغط المقاتلات، بينما الثانية توقفت بشكل متفق عليه سابقاً.

لكن اللعبة التركية لم تتحمل تجربة الخروج من حدود التضليل الاعلامي، فقام رئيس الوزراء التركي بدفع الدولة باللعبة المزدوجة. فقد أعلن أن الطائرة المحملة بمواد إنسانية الى سوريا أجبرت على الهبوط في مطار إرزروم بسبب الخروقات. إلا أنه لا يشير الى الخروقات ونوعها. لكن المسرحية مغايرة هنا، فبما أن الطائرة سجلت خروقات يجب إجبارها على الهبوط.

إن الحكمة تقودنا الى احتمالين لا ثالث لهما. إما أن الهيئات التركية المعنية لم تخبر رئيس وزرائها عن الاتفاق مع الجانب الأرميني للهبوط، أو أن رئيس الوزراء رغم علمه يلتف عن الحقيقة. الفرضية الأولى تبدو ساذجة، لندعها، ونحاول الاقتناع بأن ما حصل هو محاولة لاستثمار الحدث لخدمة الاستعراض التركي. وهنا لا يشكل تفسير ما صرح به أردوغان قبل المغادرة الى باكو أهمية كبرى.

فالصورة اليوم هي أن الاتحاد الأوروبي يغلق مجاله الجوي أمام الطيران باتجاه سورية بينما تركيا تشرع لاستخدام الهبوط الإجباري والمتفق، مستعرضة طابعاً إلزامياً للهبوط المتفق أيضاً.

شاهان كانداهاريان

رئيس تحرير “أزتاك” الأرمنية

بيروت

Share This