رأي الصحافة العربية في “التاريخ الأسود لتركيا مع الأقليات”

يتناول الكتّاب العرب في الصحافة العربية موضوع الأقليات في تركيا والحقوق المسلوبة من زوايا مختلفة.

ونبدأ مع ما كتبه المحامي محمد احمد الروسان عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية تحت عنوان “من صدر الدين صاري قايا الى هاكان فيدان.. وستيوارت جونز في أربيل!” حول الداخل التركي، و”الرسالة التي هزّت إرودوغان، والتي أتت من القضاء، حليفه وشريكه في تصفية القوى “غير الديمقراطية”، إذ كان لاستدعاء المدعي العام التركي (صدر الدين صاري قايا) في شهر شباط الماضي، لرئيس الاستخبارات هاكان فيدان أو حقّان فيدان، الرجل الذكي والسياسي الأقرب إلى إردوغان وذراعه اليمنى، حيث يعي حقّان معنى التشابك السياسي والأمني لطبيعة الدور التركي في المنطقة والأشتباك “التورطيّ” العميق بالحدث السوري، في ظل ما يسمّى بالربيع العربي، مثل صاعقة على الأوساط السياسية والإعلامية وأربكت الجميع، خصوصا أن فيدان دُعي للإدلاء بأقواله، بصفته مشتبها به لا شاهد، في قضية الجناح المدني لـحزب العمّال “الكردستاني”، ولاتهامه بالتخابر سراً مع الزعيم المسجون للحزب الأنف، عبد الله أوجلان، وبأنه علم مسبقا بهجمات شنها الحزب سابقاً، من دون الإبلاغ عنها، هكذا تقول المعلومات الأستخباراتية المسرّبة عن قصد”.

ويقدم معلومات وافية عن “اتفاق تركي ـ أميركي ـ كردي، لإقامة مطارات عسكرية في «كردستان سورية» وتقديم الدعم العسكري والمادي اللازم لإقامة فيدرالية في سورية”. ويقول:”وهذا الأتفاق الثلاثي بين تركيا والولايات المتحدة وجهات داخل إقليم كردستان العراق، تمّ في اجتماع عقد في أربيل مؤخراً، لإقامة مطارات عسكرية في غربي كردستان، وتقديم دعم لأطراف محددة في المعارضة الكردية موالية لتركيا، من أجل تقويتها وبموافقة حزبي الديموقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البرزاني والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال الطالباني وتركيا وواشنطن وجهة أخرى”.

وختم قائلاً: “واترك للقارىء الذكي أن يبحث عن المشتركات من المعلومات، بين استدعاء حقّان فيدان من قبل القضاء التركي منذ أقل من عام من الآن، وما زال الموضوع ساخن في أروقة وكواليس القضاء التركي، وجهاز المخابرات التركي، وحكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا من جهة، وبين لقاء أربيل في الثاني من أيلول الماضي بحضور السفير الأمريكي جون ستيوارت وآخرين ونتيجته: اتفاق ثلاثي تركي – أميركي – كردي لأقامة فيدرالية في سورية ودعمها عسكرياً”.

ومن جانبه كتب الاستاذ الجامعي اللبناني في كندا كمال ديب مقالاً في “الرأي” تحت عنوان “تركيا الحائرة بين الأكراد وسوريا” تناول فيها التاريخ الأسود لتركيا مع الأقليات، كما يقول، رغم ادعائها أنّها نموذج ديموقراطي للعالم الإسلامي، وتبشّر بها الإدارة الأميركية كمثال للدولة المسلمة الصديقة لاسرائيل يجب تعميمها على دول “الشتاء العربي”. وكتب ديب: “ففي القرن العشرين، أقدمت تركيا على ارتكاب المجازر بحق الأرمن، وقتلت المليون منهم، وبحق السريان الذين شكّلوا حضارة امتدت أكثر من ألفي سنة في ماردين وكلّيس ونصيبين وعنتاب. شرّد الأتراك هؤلاء السريان وقتلوهم، ودفعوا مئات الألوف للهرب إلى سوريا ولبنان. ولا يكتفي المرء بقراءة الكتب التاريخية، ففي كندا عائلات سريانية كثيرة يتكلم كبار السن فيها بصدقية كونهم شهود عيان عن مصاب مناطقهم في جنوب تركيا وعلى الحدود مع سوريا”.
أما عن القضية الكردية فيقول: “واليوم لا تزال القضية الكردية تقض مضجع غلاة الأتراك، لأنّهم يؤلّفون 20 إلى 25 بالمئة من سكان تركيا ولا يمكن التعامل معهم كأقلية عابرة، مثلما كان الوضع مع الأرمن والسريان الذين تمّت تصفيتهم. موقف تركيا “الديموقراطية” اليوم من الأكراد وخاصة في شرق البلاد، لا يختلف عن موقف اسرائيل «الديموقراطية» من الفلسطينيين في أراضي 48 وفي الضفة وغزّة”.

وبرأيه فإن إهمال حكومة أردوغان للقضية الكردية نابع من سببين:
الأول هو التعامل المزمن للسلطة الحاكمة في أنقرة، إسلامية أو غير إسلامية، بمكابرة وتفوّق عرقي تجاه الأكراد منذ مؤتمر السلام في باريس في1919 . وهذا الموقف هو نفسه منذ أيام الكمالية العلمانية (قال أتاتورك: لا يوجد شعب كردي بل أتراك جبليون) وجنرالات الجيش في الأمس، إلى «الوسطية الاسلامية» الحالية التي تتعامل مع الحراك الكردي بالقمع العسكري كعمل إرهابي يهدّد الاستقرار.
والسبب الثاني لإهمال القضية الكردية هو اعتبارها عامل إضعاف لهيبة تركيا التي تريد اليوم أن تقود المنطقة نحو «الاسلام المعتدل» السائر في السياسة الدولية الأميركية. وبنظر أردوغان هذا ليس وقتاً لتحرّك الأكراد، وهو على أي حال كأي زعيم تركي سبقه لا يوجد في نظره أي وقت مناسب لتحرّك الأكراد.
ويقول: “في اسطنبول يُعتقل الصحافيون والكتّاب المعارضون أكان موضوع مقالتهم عن الأكراد أم عن الأرمن. ولا ننسى أنّ أورهان باموك الفائز بجائزة نوبل للآداب قد فرّ من تركيا بعد مقالة له عن مجازر الأرمن. وهناك ناشر طبع كتاباً مترجماً سُجن لعامين لأنّ الكتاب اشار إلى مجازر بحق الأكراد في التسعينيات والتي دعمتها إدارة بيل كلنتون. وأي تركي ــ سواء أكان كرديّاً أم لا ــ يعرف حقيقة ما يحصل في مناطق الأكراد وينصحك بمشاهدة أفلام المخرج الكردي يلمز غوني المنفي في أوروبا والتي تصوّر بؤس الحياة اليومية شرق تركيا كما يعيش أهل الضفة الغربية وغزّة في فلسطين”.

ويختم قائلاً: “على من يدّعي دعم القضية الفلسطينية أن لا يكون الحليف الأول لإسرائيل في المنطقة. وعلى من يدّعي أنّه يدعم ما يسمّى «الربيع العربي» أن يكون منصفاً داخل أراضيه تجاه القضية الكردية العادلة. فالشعب الكردي صاحب حق وحرية تقرير مصير وله حضارة ولغة وثقافة تجعله من الأمم الراقية في الأرض”.

Share This