إلى اين تتجه سوريا.. من قتل شعب لتدمير وطن لحرق بيوت الله.. الجوامع والكنائس؟..

بعد قتل وتشريد الشعب السوري وتدمير المدن والقرى السورية وتحطيم المعالم الأثرية التاريخية، انتقلت المعارك، لقصف وتدمير وحرق الجوامع والكنائس والمراكز الدينية… لم يسلم بيت الله من النفس البشرية الدنيئة، التي لم تعد تحترم حتى القدسية التي تربينا ونشئنا على اجلالها واحترامها…

قبل اسابيع تم احراق الجامع الأموي في حلب “جامع سيدنا زكريا”، إثر الاشتباكات والاقتتال، ما بين “الجيش الحر” والجيش السوري، والذين تقاذفوا التهم فيما بينهم على حرق الجامع الذي له دلالة دينية وتاريخية كبيرة، الجامع الذي يزيد عمره عن ألف و ثلاثمئة سنة، حيث تم بنائه على كنيسة للروم، والذي يكّن له كل حلبي وسوري، وكل من زار حلب محبة خاصة، ويعتبر هذا المسجد من المعالم الاثرية في العالم العربي، الإسلامي، والعالم أجمع…

واليوم تستكمل هذه الاعتداءات بحرق كنيسة الأرمن في حي الميدان بحلب، بطريقة بربرية، لا إنسانية، لا يختلف عليها اثنان.. برؤية ما حدث في هذه الكنيسة، تكتشف مدى الوحشية التي تكمن في عقلية هؤلاء الأشخاص، لا أعرف إن كنت أستطيع تسميتهم بأشخاص!! … بالطريقةالمنظمة التي تم بها حرق الكنيسة، من منبرها، إلى صور القديسين المسيحيين، والصلبان، إلى مكاتب الكنيسة، وغرفة الأساقفة والقساوسة، وغرفة الملابس، حتى المقاعد الخشبية لم تسلم.. ما الغاية؟.. هل لتحريض الأرمن والمسيحيين على إخوانهم الإسلام؟..هؤلاء الاشخاص أو المجموعات، التابعة “لأي طرف كان”، يسعونلجر الاطراف البعيدة عن العمل المسلح إلى خضم الصراع، والذين يعملون جاهداً لتصعيد الأزمة في سوريا، وجعلها أكثر طائفية مما هي عليها، يحاولون بكل الوسائل إنهاء معنى العيش المشترك تحت سقف دولة واحدة، وهناك من يتكلم عن عيد، عن هدنة، وعن وقف اطلاق النار، قتلوا هذه الهدنة قبل قيامها، رفض من هذا، وشروط من ذاك، (ومتل العادة، كل طرف يتهم الآخر، والطاسة ضايعة)، والله يعينك يا سوري..

ما الغاية من ضرب، قصف وحرق دور العبادة، الجوامع والكنائس؟.. هل النظام يقوم بعمليات التطهير من دور العبادة؟.. أم المعارضة تقوم بعمليات التحرير من المساجد والكنائس؟.. إذاً؟؟.. من يطهر من، ومن يحرر من من؟.. أم هناك من يقوم بجر الطرفين إلى طريق ليس فيه بصيص ضوء، ومنافذه تؤدي إلى الموت المحتم؟..

إن استفحال العنف الديني، المذهبي، أو الطائفي، أو من يريد إيصالها لدرجة الاستفحال، سيأخذ الدولة السورية،والشعب السوري، إلى تدمير وحرق معنى الوطن “سوريا” في قلبه..على الشعوب السورية، من عرب مسلمين ومسيحيين، كورد، أرمن، دروز، تركمان وغيرهم من الشعوب الموجودة تحت سقف الدولة السورية، أن يكونوا بقدر من الوعي الكافي، لعدم الانجرار إلى حرب أهلية، دينية، طائفية، أكثر مما هي عليها اليوم، الحرب التي ستكون حتماً نهاية لوجود كل من هو في المنطقة، وهذه ما تسعى إليه الأطراف المستفيدة من استمرار الصراع المسلح، والاقتتال السوري السوري، وبالنسبة لهم هذه ليست إلا البداية..

المسلمين والمسيحيين في سوريا، عاشوا معاً، اطباعهم، تقاليدهم، عاداتهم، أخلاقهم، واحدة، وحبهم لوطنهم واحد، ووجودهم مكمل لبعضهم البعض، فعليهم إعادة هذه اللحمة الوطنية، وجعل حب الوطن الأولوية… من يحرق بيوت الله فكيف له ان يحمي وطن!!…

بيتروس بيتروسيان

بروكسل…

[email protected]

Share This