ثقافة “الخازوق” العصملي والدراما السورية

نشرت صحيفة الثورة السورية مقالة بقلم فادية مصارع تحت عنوان “أخوة التراب وثقافة الخازوق العصملي”، حيث كتبت أنه رغم كل أدوات المكياج والرتوش التي استخدمتها الدراما التركية في تجميل صورتها ، ورغم كل المناظر الجميلة والطبيعة الخلابة التي أرادت أن تظهر فيها تركيا جنة الله على الأرض، إلا أن صورتها القبيحة والبشعة لا تزال ماثلة في الأذهان .

“ما ذكرني بتلك الصور أن البعض انتقد الدراما السورية بتناولها مسلسلات تعود لحقبة الاحتلال العثماني وتظهر جوره وظلمه واستبداده”. إذ تورد الكاتبة عناوين المسلسلات التي تناولات الفترة العثمانية تحت عنوان “الدراما السورية‏ والاحتلال العثماني”، ومن تلك المسلسلات (الأميمي) للكاتب سليمان عبد العزيز والمخرج تامر اسحق والذي تم انتاجه هذا العام وتناول مدينة دمشق إبان الاحتلال العثماني وتحديداً بين عامي 1850 و1852 بعد خروج السلطان ابراهيم باشا وفيه تتشعب الأحداث بين المقاومة للاحتلال ومشكلات تختلقها شخصيات شريرة، وبين العلاقات الإنسانية والاجتماعية التي كانت تسود بين الناس وقتذاك . ومسلسل (حارة الطنابر) أيضاً للمخرج تامر اسحق والكاتب مروان قاووق الذي ركز على بطش السلطة العثمانية وأظهر العادات والقيم الشامية النبيلة. و(طاحونة الشر) تأليف مروان قاووق وإخراج ناجي طعمة ويتحدث عن فترة شهدت خروج العثمانيين من سورية. ومسلسل (طالع الفضة) الذي تناول فترة نهاية الدولة العثمانية وحرب الترعة التي خاضتها السلطة العثمانية، وفيه قدمت شخصية تاريخية لطبيب وطني مناضل ومقاوم شجاع هو عبد الرحمن الشهبندر الذي كان واحداً من الذين قارعوا الاحتلال العثماني وسعى مع بعض الأصدقاء إلى تأسيس جمعية عربية وطنية تقوم على محاربته وتوعية العرب وحثهم على الاستقلال، لكن إعلان الاستبداد العثماني حكم الإعدام بحقه أكثر من مرة اضطره إلى مغادرة الوطن.‏ (لعنة قسم) للكاتب مروان قاووق وإخراج شفيق محسن يتحدث أيضاً عن فترة الاحتلال العثماني. و (زمن البرغوث) الاسم الشعبي للعملة القديمة التي كانت تستخدم خلال الاحتلال العثماني والمسلسل رصد معاناة أهل دمشق إبان حكم هذا الاستعمار وصعوبة الأوضاع التي عاشها أهل الشام في ذلك الزمن.‏

وتحت عنوان “أيام خلت نتذكر مآسيها‏” كتبت “(نصار العريبي) هل تذكرون هذا الاسم لا أظن بأن أحداً قد نسيه مع أن المسلسل الذي جسده الفنان بسام كوسا مرت عليه عقود. نصار هذا واحد من أبناء الشام الذي لم يرض بالذل وقرر أن يدافع عن أهل حارته ضد (اليوزباشي والحكمدار) ومن لف لفهم، وقد صدر حكم الإعدام بحقه، ووضع على حبل المشنقة فعلاً وإن ننسى لا ننسى لحظة إعدامه التي ترافقت مع زغاريد نساء الحارة وثورة أهلها.‏ أما (الخوالي) مسلسل يرقى بالنفوس والمبادئ وهو قصة حقيقية كتبها أحمد حامد وأخرجها بسام الملا لتعيد لنا صورة أبطال الشام الذين قضوا مضاجع العثمانيين ويعد بصمة في تاريخ الدراما ليس السوري فقط إنما العربي أيضاً . وقبله (أيام شامية) وهو أبرز المسلسلات الشامية تحكي قصة حي من أحياء دمشق في أواخر العهد العثماني وبداية عصر النهضة وتعرض للعادات والتقاليد والعلاقات التي كانت سائدة . وللمآسي التي خلفها الاحتلال العثماني ورغم كل ما مر من محن على أهل الشام آنذاك”.‏

وتحت عنوان “إرهاب عثماني‏” أشارت الكاتبة الى عبارة (كل شيء إلا الخازوق يا سيدي) العبارة التي لم تغب عن ذاكرتها طوال خمسة عشر عاماً أي منذ عام 1996 تاريخ عرض مسلسل (أخوة التراب) الذي كتبه حسن. م يوسف وأخرجه نجدت أنزور المخرج الذي صور العنف والإرهاب العثماني كما هو، وأظهر شهوة الدم لديهم، وهو مسلسل ملحمي يروي حكاية الثورة السورية التي قامت في وجه الاحتلال العثماني بعد أن رزحت البلاد تحت حكمه أربعة قرون من الزمن، وتسجل براعة الاختراع الإجرامي لتلك الطريقة من الإعدام لجمال باشا السفاح الذي عين والياً على سورية في تلك الفترة، وأول وصمة عار في تاريخه الإجرامي سجلت بإعدام الوطنيين الأحرار العرب شنقاً حتى الموت في السادس من أيار 1916، وكانت فترة حكمه الأعنف في الممارسات التركية والتي جرت بعد وصول جمعية (تركية الفتاة) المدعومة من الحركة الصهيونية إلى الحكم..”وبالمناسبة فقد عدت لمشاهدة مشهد إعدام العسكري (حسين) في مسلسل أخوة التراب على (اليوتيوب) أكثر من مرة لأتذكر فقط سبب إعدامه فعرفت أنه ارتكب جريمة كبرى بنظرهم ضد السلطان وعليه فهو لا ذمة له ولا دين، أما الجريمة فهي محاولة الهروب وسرقة ثلاث بواريد من جيش مولاهم السلطان فاستحق العقاب الذي لم يعرف التاريخ له مثيلاً”. وتتمنى الكاتبة أن يعاد هذا المشهد في كل لحظة وثانية على شاشاتنا السورية حتى يعرف العالم كله من هم العثمانيون القدامى والجدد. “أفلا تستحق أربعمائة سنة من الاحتلال مسلسلات ومسلسلات ترقى إلى مستوى (أخوة التراب) كي نتذكر الخازوق العثماني فما أشبه اليوم بالأمس لكن مع تعدد الأدوات وتغيير المنهجيات”.‏

Share This