الجامعة الأميركية في بيروت تتذكر 32 من أطباء “الرجل المريض”

تدمع عينا آردا تيرزيان، وهي تقف أمام اللوحة التذكارية لإثنين وثلاثين طبيباً من «الجامعة الأميركية» في بيروت جنّدوا في الجيش العثماني وسقطوا خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918). آردا هي ابنة أخي الطبيب هوفانس تيرزيان الذي ولد في ديار بكر في العام 1884 وخدم نقيباً في الجيش العثماني وقتل وصديقه الدكتور لطفي حلبيان في تموز 1915.
لم تتعرف آردا إلى عمها، بل كانت تعرف أنه كان شخصاً ذكياً، قوياً وصارماً. قدم وأخوته من ديار بكر إلى «الجامعة الأميركية» في بيروت، حيث تابع دراسة الطب، بينما تخصّص الأخوة في الهندسة وإدارة الأعمال. تبادل هوفانس رسائل عدة مع والد آردا، إذ يذكر في إحداها أنه يجب على الفرد أن يعمل كثيراً من دون أن يقترض المال من أحد.

يخبر الطالب في قسم الدراسات العليا في التاريخ هراتش كستانيان قصة اللوحة التذكارية التي أزيح الستار عنها للمرة الأولى في 26 حزيران 1923 في احتفال ترأسه حينذاك رئيس خريجي كلية الطب الدكتور يوسف حتي. استبدلت اللوحة الخشبية بلوحة من البرونز في 9 شباط 1926 في احتفال في مبنى «وست هول» حيث شدد عميد كلية الطب الدكتور إي سانت جون وارد على رمز التضحية التي أظهرها الشهداء الأطباء في خدمتهم العسكرية. نقلت اللوحة التذكارية إلى داخل مبنى «كولدج هول» في العام 1976 بعد اندلاع الحرب الأهلية وفقدت في العام 1991.

لاحظ كستانيان خلال بحوثه الدراسية موضوع فقدان اللوحة فعزم على إعادة وضع لوحة تذكارية أخرى إحتراماً وتقديراً للأطباء الذين تخرجوا من «الجامعة الأميركية» وقتلوا في الحرب العالمية الأولى. قام كستانيان بالبحث عن أسماء الأطباء وسيرهم الذاتية، بالتعاون مع قسم الأرشيف في «Jafet memorial Library» لأكثر من سنة، ونال موافقة إدارة الجامعة على المشروع واستعان بمصمم نفذ اللوحة البرونزية.

يقول كستانيان إن اللوحة رمز لتاريخ منسي، ولتضحيات أطباء من جنسيات مختلفة: لبنانيون، أرمن ويونانييون إلتحقوا بالجامعة بحثاً عن العلم والمعرفة.

يؤكد رئيس الجامعة البروفسور بيتر دورمان، خلال حفل إزاحة الستار الذي دعا إليه «نادي التراث اللبناني الأرمني» في الجامعة بالتعاون مع «اللجنة التمثيلية للطلاب والأساتذة» في مبنى «وست هول» أمس الأول، أن التمعن بأسماء الأطباء وسيرهم الذاتية يكشف عن تنوعهم الثقافي والجغرافي، ويوفر لمحة عن نشاطهم الجامعي الديناميكي الذي يقدم مثالاً مدهشاً عن حركة الجامعة في تحقيق أهدافها ومهماتها.

ويعتبر الاحتفال، وفق النائب هاغوب بقرادونيان، عربون تقدير واحترام لهؤلاء المتخرجين الذين قدم بعضهم من الولايات الأرمنية القديمة وسقطوا ضحايا في الحرب.

 
ملاك مكي

السفير

Share This