تانير أكتشام: الحكومات العثمانية والجمهورية كانت تكرر بأن الأرمن هم الأصحاب الحقيقيون للممتلكات”

حوار أجراه مركز “أغونك” للدراسات وشؤون أرمينيا الغربية في أرمينيا مع المفكر والكاتب التركي الذي يقبل حقيقة الابادة الأرمنية تانير أكتشام.

سؤال: قبل أسابيع أصدرتم بالتعاون مع تلميذكم أوميد كردي كتاباً بعنوان “روح القوانين: الممتلكات المتروكة في القوانين، تعقباً لآثار الإبادة”. كما هو معروف فالإبادة كان لها آثار غير الخسائر البشرية وفقدان الوطن، أي خسارة الممتلكات. هل هذه الدراسة هي الأولى من نوعها في موضوع الممتلكات المتروكة أم لديكم دراسات في هذا الصدد؟

تانير أكتشام: لقد نشرت عدداً من الوثائق العثمانية عام 2008 في كتاب عنوان “تسوية القضية الأرمنية” ولاحقاً وضعت وثائق أخرى في كتابي الذي صدر عام 2012 بالانكليزية بعنوان “جريمة تركيا الفتاة ضد الانسانية: الابادة الأرمنية والتصفية العرقية في الامبراطورية العثمانية”. ويحتوي الكتابان على برقيات أرسلتها الحكومة بين 1915-1918 الى الولايات وهي محفوظة في الأرشيف الحكومي في استنبول، وتناولت كيفية التصرف بالممتلكات الأرمنية.

ما هي الفكرة الأساسية من تلك الوثائق؟

تانير أكتشام: تبين تلك الوثائق بوضوح أن الحكومة العثمانية استخدمت الممتلكات المنقولة وغير المنقولة المصادرة من الأرمن بأشكال مختلفة: كتوزيع الأراضي والبيوت مجاناً، ونقل المؤسسات الأرمنية الى أشخاص مسلمين أو باعتها في مزادات، والاعطاء المنتجات والمحصول الى الجنود، واستخدام ممتلكات الأرمن كمقرات حكومية ومشافي ومدارس… لكن الوثائق تثبت أن الحكومة العثمانية كانت تملك مخططاً معيناً أثناء مصادرة ممتلكات الأرمن. وطبعاً كان هناك عمليات سلب ونهب للممتلكات…

ما هي الوثائق التي تستندون إليها في كتابكم؟

تانير أكتشام: القرارات والقوانين، وكل المصادر المعروفة والمتاحة. استخدمنا “التقويم والوقائع”، والجرائد الرسمية، ومصادر مثل الصحف ومحفوظات مجلس الملة، ومحفوظات المحادثات بخصوص لوزان والبرقيات ذات الصلة…

ما الذي لا نعرفه عن اتفاقية لوزان؟

تانير أكتشام: أمور كثيرة… وفق المواد 30 و36 من الفقرة الثانية في القسم الأول، فإن تركيا مجبرة بإعادة ممتلكات الأرمن الذين قرروا الاستقرار في سوريا والعراق أو لبنان.

وفي كتابنا أبين عن الخزعبلات التي جرت بحق الأرمن المستقرين في تركيا وسوريا ولبنان والعراق بهدف عدم إعادة ممتلكاتهم وممتلكات أقربائهم الذي راحوا ضحايا. كما أبين أن إعادة الممتلكات المصادرة لأصحابها خلال الابادة تعتبر من مواد اتفاقية لوزان.

وأشير الى أن التعويض لا يعني فقط الممتلكات المسلوبة. التعويض ظاهرة أشمل من التعويض الفردي للأرمن. فأمة بكاملة تم محوها بمواردها الثقافية والمادية. فالتعويض بالنسبة لي هو مسألة جماعية وليست فردية.

هل قمتم بنشر وثائق جديدة غير معروفة؟

تانير أكتشام: طبعاً هناك وثائق جديدة لم تكن معروفة. على سبيل المثال، اليوم ينشر المنكرون للابادة كذباً في تركيا، ويترأسهم يوسف هالاجوغلو الذي يصر دون توضيح الوثائق على أنه تم التعويض للأرمن في سوريا عن ممتلكاتهم التي تركوها. هذا هراء بالنسبة للأرمن. لكن في تركيا هناك من يصدقه .. في كتابنا نشرنا تقريراً صادراً عن لجنة من وزارة الداخلية والعدلية والمالية عام 1918. يفيد أنه وفق القوانين بشأن الممتلكات المتروكة ينبغي تعويض الأرمن، لكنه لم ينفذ. أي أن الحكومة الاتحادية تعترف بأنه لم يتم تعويض الممتلكات للأرمن.

هل يمكن إحصاء الخسائر المادية التي تكبدها الأرمن بسبب الابادة الأرمنية، هل تتطرقتم لذلك في الكتاب؟

تانير أكتشام: وهل يمكن إحصاء كل الخسائر منذ عام 1914 بالأرقام؟… ضميري لا يسمح بإحصاء الخسائر المادية، إنها خسارة لا يمكن إحصائها بالأرقام. ولم أتطرق لذلك في الكتاب.

كيف سيلعب سلب كافة ممتلكات الأرمن دوره في إنكار الابادة الأرمنية؟

تانير أكتشام: برأي هناك رابط قوي. وهذه المسألة هي أحدى أحجيات كتابي الأساسية. إن اعترفت الدولة بالجرائم التي ارتكبتها عام 1915 ستكون ملزمة بقبول تعويض الخسائر التي ألحقتها. ولذلك يفضلون الإنكار.

برهنت أن الحكومات العثمانية والجمهورية كانت تكرر في القوانين والقرارات الصادرة بخصوص الممتلكات المتروكة بأن الأرمن هم الأصحاب الحقيقيون للممتلكات. والقرارات التي بحوزتنا تبرهن أن الحكومة ملزمة بإعادة ممتلكات الأرمن أو التعويض عنها. ولذلك ينكرون الماضي.

هل تضيفون شيئاً آخر؟

تانير أكتشام: أنهي هذا الحوار وأقتبس من كلمات هرانت دينك في حوار له حيث قال: “إن مسألة ممتلكات الأرمن تعتبر أفظع مسألة تواجهها تركيا مستقبلاً…في تركيا من الصعب التحدث عن الموتى، لكن الأصعب أن تتحدث عما تبقى”. ويجيب هرانت عن السبب قائلاً: “لأنه تتكشف حقائق لا تصدق. وستهتز الأمور وسيفقد التاريخ قيمته، عند السؤال ماذا حصل؟ وسيبدأ المجتمع بالتساؤل عن التاريخ الذي روي بشكل مغالط… وسيحصل تغيير جذري في تركيا”. آمل أن يكون كتابي بداية لمناقشات مماثلة.

أجرت الحوار: ميلينيه أنوميان

مركز “أغونك” للدراسات وشوؤن أرمينيا الغربية في أرمينيا

ترجمة وإعداد: ملحق أزتاك العربي

Share This