كاثوليكوس الأرمن في قداس الميلاد: “الشعب الأرمني عاش تجربة التعايش السلمي مع المسلمين منذ القرن السابع”

ترأس كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا آرام الأول قداس عيد الميلاد في كاتدرائية الأرمن في أنطلياس في حضور نواب ووزراء وممثلي الأحزاب والفاعليات الأرمنية وحشد من أبناء الطائفة.

وألقى عظة العيد حيث ذكر فيها “بكلمات الرسول يعقوب عن تجسد الرب: ولادته كإنسان صارت كلمة حق جعلتنا باكورة خلائقه (يعقوب ?:18) وقال: “هذه الكلمات الواضحة تلخص معنى ولادة ابن الله يسوع المسيح. لم تكن هذه الكلمات وليدة صدفة وإنما كان الإنسان بألح الحاجة إلى تدخل رباني: فالإنسان مبتعد عن الله، خاضع للموت والخطيئة. لذا، ولد الرب في بيت لحم وتجسد بشخص يسوع المسيح لإعادة ولادة الإنسان ثانية”.

أضاف: “ترمز بيت لحم إلى نهاية الإنسان القديم ثم ولادته ثانية كإنسان جديد مما يعني أن الرب خلق الكون مجددا. هكذا يجب أن تفهم نعمة خلاص الإنسان؛ إذ أنها هبة من الله للبشرية وللكون عن طريق بيت لحم فالإنسان بتجسد يسوع المسيح مدعو للمشاركة بإعادة خلق الكون وترسيخ ملكوت السماء”.

وعن التقلبات الراهنة في الشرق الأوسط قال: “نرحب بالتحركات الشعبية من أجل مصالح الشعوب والقيم العليا ونرحب أيضا بكل المبادرات والجهود الآيلة إلى تحقيق الوحدة بين المواطنين وإحترام حقوق كل الطوائف وترسيخ الحرية والعدالة في المجتمعات وإحترام حقوق الإنسان إلا أن هذه المبادرات يجب أن تتجسد في جو هادىء بعيدا عن شتى مظاهر العنف والتدخلات الخارجية. إن التاريخ يشهد بأن الأشخاص والأنظمة وقتية أما الشعوب والأوطان فهي التي تبقى وتدوم”.

وعن وضع المسيحيين في المنطقة قال: “إن وجود المسيحيين في الشرق الأوسط ليس وليدة صدفة كما ليس ظاهرة هامشية أو موقتة. فالمسيحية جزء لا يتجزأ من ثقافة وتاريخ المنطقة. إن الشرق الأوسط مهد المسيحية، لذا، وبالرغم من الصعوبات والتحديات التي تواجهها المنطقة وبالأخص ما تعانيه الطوائف المسيحية تبقى الأخيرة متشبثة بجذورها التاريخية وحقوقها العادلة. إن المسيحية والإسلام عاشا وأبدعا سويا في هذه المنطقة وسوف يستمران في هذا التعايش السلمي بإلتزام متجدد. لذا، تمنياتنا وتوقعاتنا معا بأن تحترم حقوق المسيحيين خاصة في هذه المرحلة عندما تحدث في المنطقة تحولات مصيرية. أن نكون أقلية في المجتمع لا يعني أبدا أن نبقى على هامشه، لذا نحن نرفض أي موقف أو معاملة يهدف إلى تهميش دور الطوائف المسيحية كما ونرفض أي محاولة للتعدي على حقوق الطوائف. إن الطوائف المسيحية كجزء أساسي من المجتمع مستعدة دوما أن تشارك مشاركة فعالة في نهضة وتجدد العالم العربي، وفية لواجباتها من جهة ومتمسكة بحقوقها المدنية والدينية والوطنية من جهة أخرى”.

وعن التجربة الأرمنية مع محيطها قال: “هكذا آمن الشعب الأرمني، ومنذ القرن السابع عاش تجربة التعايش السلمي مع المسلمين بدءا من أرمينيا إلى كيليكيا والشرق الأوسط. وتجربتنا هذه أثبتت بأن عمق التعارف والإحترام المتبادل للحقوق والقيم والتقاليد تشكل الحجر الأساس للتعايش البناء والتعاون الوثيق”.

بالنسبة إلى الأوضاع في لبنان قال: “نرحب بجهود المسؤولين والقيادات السياسية والروحية الهادفة إلى إبعاد لبنان عن التطورات الإقليمية وتأثيراتها السلبية على هذا الوطن. نرحب خاصة بجهود واصرار فخامة رئيس الجمهورية المستمرة لتفعيل الحوار الوطني من خلال طاولة الحوار، فأيا كانت إختلافاتنا السياسية يبقى الحوار أمر حتمي للوصول إلى التفاهم. وبدل التراشقات والإنتقادات من خلال الإعلام المرئي أو المسموع، يجب أن نلجأ إلى الحوار البناء معتبرين مصالح لبنان العليا هدفنا الأسمى وغير القابل للمساومة. هذا ما ينتظره الشعب من مسؤوليه وهذا ما يحتاجه خاصة وطننا لبنان”. ودعا اللبنانيين إلى “الابتعاد عن محاولات خلق الحساسيات الداخلية في هذه الظروف المصيرية من تاريخ المنطقة والعمل سويا على ترسيخ الوحدة الداخلية”.

Share This