مطحنة “مانوك” الأرمني في القامشلي … الطحين والقطن والثلج في مطحنة

منذ ولادتها تنثر خيرات الطحين على أبنائها بالإضافة إلى مزاياها الأخرى، فهي تعتبر من المنشآت القديمة، التي يتناول أغلبية أبناء المنطقة في “الحسكة” اسمها وأفعالها فهي تقدّم أهم عنصر من عناصر الحياة لمناطق شاسعة وواسعة.

“مدوّنة وطن eSyria” وبتاريخ 30/12/2012 التقت عدداً ممن عاصر وواكب مطحنة “مانوك” في مدينة “القامشلي” وكانت البداية مع أحد كبار السن في ريف مدينة “القامشلي” السيّد “حسين الحاج محمود” الذي تحدّث عن علاقته بالمطحنة بالقول: “عمري ما يقارب الثمانين عاماً، وفي السنوات الأولى من عمري كنت أرافق والدي مع مجموعة أخرى من أبناء القرية للذهاب إلى مطحنة “مانوك” من أجل الحصول على كميات من الطحين، أو أخذ الحبوب وطحنها في المطحنة، طبعاً كان هناك إقبال كبير من أهالي المنطقة إليها بسبب تثبيت تلك المطحنة اسمها بين أوائل المطاحن في المنطقة، ومن مزايا المطحنة قديماً أنها كانت تملك مقشرة للرز، ومعملاً للثلج، اللذين لقيا إقبالاً كبيراً أيضاً.  وبسبب مواكبتنا الطويلة لتلك المطحنة فإنها عبر مراحل مستمرة تطورت بشكل ملحوظ، ففي البداية كان الطحن من خلال الرحى الحجرية، ولكن مع مرور الوقت والتطور الحاصل تم وصلها على أجهزة كهربائيّة، والأهم من ذلك كله أنها مازالت محفوظة في ذاكرة جميع سكان مدينة القامشلي فالكل يتذكرها ويسرد محاسنها”.

السيّد “محمود العلي” من أبناء المدينة تحدّث عنها بالقول: «أكاد أجزم بأن كل من ولد على تربة هذه المدينة في الماضي البعيد زارها واختلط معها ومع جدرانها، لأنها كانت من أوائل وأهم المنشآت في مدينتنا، والكل كان بحاجة لزيارتها، ففيها الكثير من علامات المتعة والتعارف، حيث العلاقات الاجتماعية المتينة بين ابنائها والتي يعود عمرها إلى عمر المطحنة، والآن كل زائر للسوق لابدّ أن يلمحها على أقل تقدير، وفضلها حتّى الآن موجود فتقديم الطحين للمنطقة عبر أجهزتها وكوادرها، وعدا ذلك نحن أبناء المنطقة نعتبر جدرانها وبناءها من الأبنية التراثية القديمة والكل يعتز بها، وعندما يزورنا زائر من خارج المحافظة نفضل أخذه لزيارتها فهي تقع في منطقة جميلة ومميزة، وكما ذكرت هي موجودة بيننا منذ عشرات السنين إرثاً وعراقة”.

وكان للباحث التاريخي “جوزيف أنطي” حديث تاريخي عن نشأة تلك المطحنة عندما تحدّث بالقول: «تمّ إنشاء المطحنة عام 1957 وفي المطحنة تتواصل في تقديم الطحين العام نفسه بدأ العمل فيها، وأنشئت من أجل تأمين مادة الطحين لمنطقة الجزيرة السورية، وسميت المطحنة باسم صاحبها “مانوك خاجو دوريان”، وقد استطاعت أن تغطي حاجة مدينة “القامشلي” وضواحيها وعدد كبير من المناطق والنواحي في المحافظة من الطحين، علماً أنّ المكنات الخاصة بالطحن تمّ إنجازها من قبل صاحب المطحنة نفسه “مانوك” وبمساعدة “لطفي غزال”، وفي بداية إنشائها كانت تقع في جنوب المدينة وببناء متواضع، وبعد سنوات قليلة ومن خلال الإقبال الكثيف وتطوّر أجهزتها انتقلت إلى وسط المدينة ضمن بناء كبير يستوعب أضخم الأجهزة والآلات”.

ويضيف: «وكما أشرت أنها في البداية كانت بدائيّة ببنائها وآلاتها، فكان الطحين يطحن من خلال حجر الرحى، وبعد فترة زمنية استخدمت محركات الديزل، ففي عام 1992 تمّ تحويلها للعمل على الكهرباء، أمّا تأميمها فكان عام 1959، وهي الآن تتبع لوزارة التموين وتلك المطحنة حالياً حديثة بكل شيء، ووفرت الكثير من فرص العمل، فحالياً يعمل فيها ستين عاملاً، وإنتاجها اليومي من الطحين حالياً من 90 إلى 110 طناً، وقبل أن نغلق صفحة المطحنة فلابدّ من القول بأنه مع تأسيسها كان هناك فرن لإنتاج الخبز ضمنها، ومعمل للثلج، ومقشرة أرز، ومحلجة قطن، وصاحبها فارق الحياة عام 1982″.

من الجدير بالذكر أن المطحنة تقع على امتداد شارع “الوحدة”، وبالقرب من حديقة “الكندي” وعلى مشارف مدرسة الشهيد “عبد المسيح حيداري”.

عبد العظيم العبد الله

مدونة وطن eSyria

Share This