الغشاوة العثمانية بطبعتها الأردوغانية

كتب علي قاسم مقالاً بعنوان “الغشاوة العثمانية بطبعتها الأردوغانية”، وقال إن الدور التركي في عهدته الأردوغانية يعود إلى تزعم أخطر الأدوار في المنطقة، مستعيداً تاريخاً طويلاً من الوظائف الجيوسياسية التي غابت لبعض الوقت،
ثم ما لبثت أن نفضت غبار المتغيرات لتعود إلى الصدارة بتحسينات في الدور التآمري عبر وجهها الإخواني المتأقلم مع لغة الغرب، وبغطاء من غشاوة عثمانية تسعى إلى إعادة الانتقام بلبوسها الجديد.

وأشار الى أن المعضلة ليست في أن تأخذ تركيا دورها، ولا هي في التموضع السياسي الذي اعتادت عليه كمفصل لحرية الغرب في مواجهة الشرق، بقدر ما هي في الآليات التي تعتمدها حكومة أردوغان التائهة بين وجه الشرق بعهدته الإسلامية وخلفيات الوظيفة الغربية في المضمون.

وقال: “الأخطر في سياق التداعيات الناتجة عن اللهاث التركي لاستعادة الدور التاريخي في خدمة المد الغربي بالمنطقة أنها تنطلق من خلفيات أطماعها وإرثها في السيطرة، مدعومة بأحلام السلطنة البائدة ، ومفرزاتها التعبوية مجندة، واعتمدت في ذلك على حامل سياسي ليس مرفوضاً بل يحمل ذاكرة شعبية رافضة له، بعد أن تركت أعوامه الأربعمائة ندوباً يصعب على ذاكرة الشعوب العربية أن تتجاوزها. والمفارقة أن حكومة أردوغان بدل العمل على إزالة تلك الندوب، عمقتها في ممارسات بدت لوهلة مفاجئة وغير مفهومة في سياق تعاطيها مع تطورات الأوضاع في الدول العربية، وسرعان ما خطفت راية المتغيرات، ببعدها الإسلامي كجزء من دورها الجديد، ولتكون في نهاية المطاف أحد أوجه المشروع بطابعه الإسلاموي، وجناحه الإخواني بالتحديد لخدمة الغرب وتدشين عهد المصالحة الأميركية والغربية من جديد مع التنظيمات الإسلامية”.

وأضاف: “وفيما كانت التجاذبات ترتسم مجرد ارتسام آني، سارعت حكومة أردوغان إلى التمترس داخل الخندق الغربي كأحد أهم أدواته، وأيقظت في سبيل ذلك أطماعها وأحلامها الطورانية، وما علق بها من بقايا عثمانية مطعمة بما استجد من تحسينات شكلية لتسويقها. وتحولت حكومة أردوغان من عامل تطفو على سطحه ملامح التوافق والتفاهم مع جوارها العربي والآسيوي إلى أحد أخطر مهددات الاستقرار في هذا الجوار، وأضافت عليه برعونتها السياسية وحماقة دبلوماسيتها المزيد من عوامل القلق الناتجة عن الدور التركي الذي مارس عربدته وتدخله الفظ وعدوانه على جواره العربي بالتحديد، مع تأجيل مؤقت لمهامه في الجيب الآسيوي”.

وأهى المقال قائلاً: “وخلال بضعة أشهر باتت تركيا المهدد الأخطر للأمن في المنطقة، من العراق إلى سورية، مرورا بالجمهوريات السوفييتية السابقة، إضافة إلى ما تمثله من قاعدة متقدمة في استهداف إيران، ولاحقاً روسيا كقاعدة للناتو، وصولاً إلى الشمال الأفريقي الذي كان الممهد للحضور التركي بوجهه الإسلامي، ودوره في إحياء العثمنة على نمط الإيقاظ الغربي لأطماعه الاستعمارية. هكذا باتت تركيا مصدر قلق عالمي ليس من دورها في زعزعة الاستقرار بالمنطقة، بل من وجهها العدواني والتخريبي وصولاً إلى أضغاث أحلامها في استعادة الغشاوة العثمانية بطبعتها الأردوغانية المحمولة على أكتاف «تنابله» الجدد، بما تفتحه من رياح صادمة وتداعيات خطيرة على الوضع التركي، وجزئيات تركيبته الأثنية والعرقية والدينية، وحتى السياسية، التي تاهت بين طربوش العثمنة وقبعة الأوربة!!”.

Share This