النظام العالمي الجديد… النتيجة فوضى خلاقة !!!

نسمع كثيراُ في العقدين الماضيين مصطلح “النظام العالمي الجديد” “the new world order” و هي الطريقة الجديدة التي سوف يحكم العالم بقيادة الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص، وابتدأ هذا النظام مع انهيار الإتحاد السوفيتي وحرب الخليج الثانية في بداية التسعينيات من القرن الماضي، وهو نظام متكامل سياسي واقتصادي وعسكري وثقافي، السياسي متمثلة بمجلس الأمن ومنظمات الأمم المتحدة، والاقتصادي بإنشاء شركات عابرة للقارات والجنسيات وبإتباع سياسة اقتصاد السوق وفرضها على دول العالم بواسطة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والعسكري باستعمال حلف الشمال الاطلسي كقوة عسكرية ضاربة في جميع أنحاء العالم، أما الثقافي فأوجدت نمط ثقافي جديد استعملت السينما والموسيقى واللباس والإعلام والانترنت وتكوين ذوق موحد إلى حد ما وباختصار هذه هي العولمة الذراع الثقافي الرهيب لما يسمى النظام العالمي الجديد.

ولكن… بعد عقدين ونيف من الممارسة في النظام العالمي الجديد، ما هي النتائج ؟؟؟ وبغض النظر عن أحقية هذا النظام أو عدم أحقيته، والغاية منه نبيلة ام لا… هل رسخت الأمن والسلام العالميين ؟؟؟ هل انتشرت في العالم عدالة اجتماعية ؟؟؟ هل تحقق الرخاء الاقتصادي للبشرية جمعاء ؟؟؟ هل طبقت المساواة وزال الظلم في هذا النظام الناشئ ؟؟؟

فمن الناحية السياسية؛ رُسخت سياسة الهيمنة واستجدت معها سياسة الكيل بمكيالين والعمل بحق القوة لا بقوة الحق.

من ناحية العدالة الدولية المنشودة؛ فمثلاً ما زالت عالقة كل من مسألة “الإبادة الأرمنية” والقضية الفلسطينية وإعادة الحقوق لم تحل بعد، وإحلال السلام في الشرق الأوسط ما زال غير منجز.

من ناحية الأمن والسلم العالميين؛ الحروب منتشرة في كثير من أصقاع الأرض، والجديد في الأمر هو الحروب الاطلسية الاستباقية وحتى بدون الرجوع إلى قرار من مجلس الأمن مثل يوغسلافيا، العراق وليبيا، أما الإرهاب فانتشر في معظم ارجاء العالم الذي لم يعد آمن بالمقارنة مع الفترة السابقة فالإرهاب أصبح أقوى في النظام العالمي الجديد (لسنا بصدد من يحرك ومن يستفيد من الإرهاب).

من الناحية الاقتصادية؛ فحدث ولا حرج الأزمات المالية في كل مكان، معظم دول العالم ترزح في الديون، فالإفلاس بالجملة هنا وهناك ونسبة البطالة ذادت ونسبة الفقر توسعت ومعدل التضخم وصل إلى مستويات مخيفة، أما غلاء المعيشة فبات ينهك كاهل العامل والموظف في كل مكان.

أما من الناحية الثقافية والذوق؛ باسم حرية المعتقد زادت المجموعات الدينية المنحرفة (مثلاً عبدة الشيطان)وتحت شعار الحرية الشخصية انتشرت ظاهرة الشذوذ الجنسي وما يسمى المثليين والمتحولين جنسياً، أما آفة العصر فهي المخدرات، تحت مسمى “تعديل الكيف والبسط” المخدرات أصبحت في متناول الأطفال عن طريق المدارس والجامعات والملاهي الغنائية، فالمخدرات بأنواعها أضحت تهدد كل بيت فيها شاب أو شابة، فالانحراف الاخلاقي أصبح سمة هذا الزمن.

إذاً ماذا نستنتج بعض هذا كله… النظام العالمي الجديد، المحصلة صفر… فالأمن والسلم العالميين بكل الأحوال غير مطمئن، والاقتصاد ليس في أحسن أحواله، والعدالة مفقودة، والخُلق يشوبه كثير من الانحراف…

فهل بالقوة والبطش تُفرض الديمقراطيات ؟؟؟ وهل شن الحروب الاعتباطية يساهم في الازدهار والتطور ؟؟؟

إن النظام العالمي الجديد فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق الغايات المرجوة، والسبب هو أنه لنشر الديمقراطية والعدالة والحرية، أتبعت اساليب غير ديمقراطية وغير عادلة ويتنافى مع مفهوم الحرية، لذلك يجب اعادة التقييم وإيجاد صيغ جديدة للنظام العالمي المتجدد تكون أكثر مساواة وأكثر حرية وأكثر إخاء.

انترانيك ببجيان

Share This