الكاتبة الكردية دلشا يوسف تتحدث عن إبادة الأرمن وكتاب حسن جمال

نشرت الكاتبة الكردية دلشا يوسف في موقع “ولاتي مه” مقالاً تحت عنوان (حفيد جمال باشا السفاح يدافع عن الأرمن في كتابه “إبادة الأرمن في 1915”)، وقالت “إنه من الصعوبة بمكان تصوّر حقيقة أن يؤلف الكاتب التركي المعروف حسن جمال كتاباً عن إبادة الأرمن، وهو حفيد جمال باشا السفاح (1873-1922)، الذي يعتبر من القادة البارزين في عهد الإمبرطورية العثمانية، وأحد قياديي جمعية الإتحاد والترقي (1908-1918)، والذي كان له دور كبير في الإبادة الجماعية التي مورست بحق الشعب الأرمني في بدايات القرن العشرين.

ومن المفارقات الكبيرة أن جمال باشا السفاح قتل على  يد أرمني يدعى اسطفان زاغكيان في مدينة تبليسي الجورجية في 12 كانون الثاني 1922، بسبب أنه كان واحدا ممن خططوا لإبادة الأرمن، ضمن حركة واسعة عرفت بعملية العقاب  كإنتقام لما إقترفه بحق الأرمن. وقد روي عن طلعت باشا زميل جمال باشا السفاح في جرائمه، أنه خاطب زميله بقوله: لو أنفقنا كل القروض التي أخذناها لستر شرورك وآثامك لما كفتنا”.

وفي قراءتها في كتاب حسن جمال الحديث أشارت الى أن الكثيرين كتبوا عن إبادة الأرمن وتهجيرهم القسري من تركيا، ولكن كتاب حسن جمال إبادة الأرمن في 1915″ سيكون له وقع و تأثير كبيرين على المجتمع التركي، و قد يثير زوبعة من النقاش في الأوساط الثقافية و السياسية، في الوقت الذي ما تزال فيها  تركيا رغم مرور حوالي قرن من الزمن على هذه المجزرة ترفض الإعتراف بها.

واقل: “والأنكى من كل ذلك أن المؤلف حسن جمال أهدى كتابه إلى روح الكاتب والصحفي الأرمني اللامع هرانت دينك، خلال مراسيم إحتفالية في ذكرى ولادته، والتي منح فيها جائزة سنوية سميت بإسمه  للباحث و المفكر التركي الشهير (إسماعيل بيشكجي) في 15 ايلول 2012. حيث راح هرانت دينك ضحية عملية إغتيال على يد أحد العنصريين الأتراك في 19 كانون الثاني 2007، أمام باب مبنى صحيفة (آغوس) التي كان يديرها بنفسه، ونسبت التهمة حينها إلى شاب قدّر عمره بحوالى 17 عاما، وهذا يعنى أنه لم يبلغ سن الرشد أثناء قتله الأرمني المغدور الصحفي هرانت دينك ، كما أشاعت الأوساط التركية بأن المشبوه من مدمني المخدرات، أي أن السلطات التركية هيأت كل الأسباب اللازمة لتكريم القاتل بالأسباب المخففة بحيث يخرج منها القاتل مثل إخراج الشعرة من العجين.

يقول الكاتب حسن جمال في مقدمة كتابه مناجيا صديقه الأرمني المغدور هرانت دينك: “إن الأمر الذي حثني على تأليف هذا الكتاب هي آلامك”. و يضيف:” وصلت لهذا العمر وأنا أدافع منذ سنوات طويلة عن الديمقراطية و حرية التعبير، ولكنني ما زلت أخفي الكثير من أفكاري، وما زلت أرعب من لمس التابوهات النمطية… ما يعني أنني ما زلت غير حر .. و هذا أمر معيب بالنسبة لي”.

يعترف الكاتب حسن جمال بكل ذلك رغم أنه يعتبر من أهم الكتاب الجريئين في تركيا، فهو الذي يبادر دائما بطرح الأفكار والأسئلة على نفسه و على الآخرين من خلال مقالاته اليومية التي تنشر في أكثر الصحف التركية رواجا، ويقوم بمحاسبة نفسه بنفسه وجدانيا من خلال إيجاد الأجوبة لأسئلته. فهو صاحب مقولة: “إن إنكار مذابح آلاف الأرمن، يعني المشاركة في الجريمة ضد الإنسانية”.

وتعتبر دلشا يوسف أن الكتاب الجديد لحسن جمال بشأن المجازر الأرمنية لا يخلوا من هذه الأسئلة التي يدعوا من خلالها المجتمع التركي إلى إجراء محاسبة وجدانية، “رغم أنه يعلم وبدون شك أنه سيواجه هجوما قاسيا من العنصريين والقوميين الأتراك بعد صدور الكتاب، وسيتهمه الكثيرين (بالخيانة العظمى)، لأن كتابه هذا سيعتبر بمثابة إعتراف معلن بالمجزرة التي نفذت بحق الأرمن، وقد يدفع الكاتب حياته جراء كتابه هذا كما صديقه الأرمني المغدور  هرانت دينك.

يقول الكاتب حسن جمال في الجزء الأخير من الكتاب في جواب حول سؤال لماذا منحَ عنوان (إبادة الأرمن في 1915) لكتابه: “أردت بذلك أن أتجاوز النمطي، وأن أكسر التابوهات، وأن أشعر بعمق الآلام التي خلّفتها هذه الإبادة. لقد شعرت بهذه الممارسات القمعية بعد صراع طويل مع كلمة الإبادة، وحادثة إغتيال هرانت دينك كانت إساءة كبيرة لتركيا، هزتنا من الأعماق و أحيت الإبادة من جديد”.

Share This