بيان صحفي صادر عن سفارة أرمينيا في مصر: 25 سنة من مذابح الأرمن على شواطئ مدينة سومغايت في أذربيجان (شباط 1988)

“لم يتم اتخاذ أي إجراءات غير كاملة كما لم يتم عقد أي مناقشات عن أن الصداقة فيما بين الأمم تستطيع أن تهدئ الشعوب. حتى لو أن البعض قد شك في هذه المقولة قبل مذبحة سومجايت، فإنه لا يوجد أي شخص يرى أن هناك فرصة أخلاقية للإصرار على الوحدة الإقليمية لإقليم ناغورنو كاراباغ وأذربيجان عقب وقوع هذه المأساة” (أندريه ساخاروف – الفيزيائي الروسي الشهير, الحاصل على جائزة نوبل والناشط في حقوق الإنسان).
قبل خمسة وعشرون سنة في هذه الأيام وقعت المذبحة التي تضمنت عمليات جلد وسحل وقتل للأرمن في مدينة سومغايت – وهي المدينة التي تبعد عن باكو بمدة ثلاثين دقيقة بالسيارة – في وضح النهار بينما كان المارة ينظرون إليها . ولقد تم استكمال هذه الأحداث بموجب من المظاهرات المناهضة للأرمن في أذربيجان بالكامل في شهر فبراير لسنة 1988. وكان معظم الإقليم بالكامل في المدينة التي يبلغ تعدادها 250 ألف نسمة قد أصبح ميداناً للمذابح الجماعية للسكان الأرمن والتي لم يتم إعاقتها أو محاولة منعها وإيقافها. ولقد قامت الجماعات الأذربيجانية المسلحة باقتحام الشقق في المباني مع وجود قوائم لديهم مسبقة بأسماء المستأجرين الأرمن القاطنين في هذه الشقق، حيث كان أفراد هذه الجماعات مسلحين بصولجانات فولاذية (قطع من الدروع)، والفؤوس الصغيرة، السكاكين، الزجاجات المكسورة، الصخور وخزانات الغاز. ويمكن تحديد أعداد هؤلاء السفاحين من خلال الحقيقة البسيطة وذلك طبقاً لرواية التي أدلى بها العديد من الشهود، فلقد قام ما بين 50-80 شخص بالهجوم على كل شقة.
ولقد تم قتل العشرات من الأرمن على يد هؤلاء السفاحين (وطبقاً للبيانات المؤكدة والشاملة فلقد وصل عدد الأرمن الذين تم قتلهم 53 شخص على الأقل)، حيث تم إضرام النار في معظمهم وقتلهم بالنيران وهم على قيد الحياة بعد سحلهم وتعذيبهم بينما تعرض المئات من الأشخاص لإصابات بشدة متنوعة وأصبحوا معاقين من الناحية الجسدية. أما النساء – ومن بينهم القاصرات – فلقد تعرضن للاغتصاب؛ كما تم سرقة ما يزيد على مائتي شقة وتم تدمير عشرات السيارات وحرقها كما تمت إزالة العشرات من استوديوهات الحرف اليدوية والفنون والمتاجر والأكشاك. ولذلك فلقد أصبح الآلاف لاجئين.
ولقد ارتقت مذبحة الأرمن في مدينة سومغايت إلى الإبادة الجماعية  المنظمة على المستوى الحكومي. وفي كلمته التي ألقاها أمام المجلس الأعلى لإقليم ناغورني كاراباخ المتمتع بالحكم الذاتي – صرح أحد قيادات الحزب الشيوعي الأذربيجاني السيد / هدايات أورجيف – وذلك قبل أيام من وقوع مذبحة الأرمن في سومغايت بقوله ” إذا لم تتوقفوا عن نصب المعسكرات والخيام من أجل توحيد وضم ناغورني كاراباخ إلى أرمينيا، وإذا لم تفيقوا مما أنتم فيه، فسيقوم 100 ألف شخص أذربيجاني باقتحام بيوتكم وبإشعال النيران في شققكم واغتصاب نسائكم وقتل أطفالكم”.
ولم تتلقى هذا الجريمة التقييم السياسي والقانوني المناسب لها حيث أنه لم يتم فقط إطلاق سراح المنظمين والمنفذين الأوليين لهذه المذبحة إلا أننا ما نزال نرى حتى اليوم أنه لم يتم الكشف عن أسمائهم للعالم. وعلى الرغم من الواقع الذي يقول بأن كل شيء ممكن قد تم فعله من أجل إخفاء ظروف وملابسات هذه الجريمة التي تم ارتكابها في سومغايت وتشويه طبيعتها، فإن هناك قدر كافي من المستندات وتقارير الشهود والحقائق الأخرى التي تؤدي إلى إستنتاج واحد فقط هو أن هذه المذبحة كانت منظمة وتم تنفيذها على المستوى الحكومي العالي المستوى. وعلاوة على ذلك، فإن المنظمين الأوليين ومنفذي الجريمة الأوليين كانوا هم أعضاء الهيئات والسلطات الرسمية لأذربيجان السوفيتية.
وخلال الفترة من الثامن عشر من شهر أكتوبر وحتى الثامن عشر من شهر نوفمبر لسنة 1988 قامت المحكمة العليا في الإتحاد السوفيتي بنظر جريمة واحدة من بين ثمانية عشر قضية جنائية تم رفعها عقب وقوع الأعمال الوحشية في سومغايت والتي فيها كما أوضحت النيابة والإدعاء في ختام مرافعتهم: ” لقد شارك المئات من الأشخاص ممن يحملون جنسية أذربيجانية في هذه الجريمة. وخلال التحقيقات، تم استجواب العديد من الشهود حيث عبرت شهادتهم عن الوحشية الغير عادية والطبيعة المنظمة التي تم تنفيذ هذه الجرائم بها.
ولقد أثبتت وأظهرت عملية التقسيم لأحد الجرائم المنظمة إلى قضايا وحالات مستقلة ومنفصلة أن المحاكمة والمحكمة كانت متحيزة ولم تكن عادلة وكانت تهدف فقط لإخفاء الحقيقة والمنظمين الحقيقيين والفعليين لهذه الجريمة. ولقد قامت المحكمة باعتبار مرتكبي وقتلة هذه الأعداد الكبيرة من الأرمن على أنها جرائم قتل على يد السفاحين. وعلاوة على ذلك، فإنه أثناء المحاكمة فإن المحكمة لم تأخذ في إعتبارها تخاذل الكيانات السوفيتية والكيانات الحزبية المحلية بالإضافة إلى الأفواج العسكرية التي كانت موجودة في المدينة. وعلى الرغم من أن قوات الجيش كانت متواجدة في سومغايت في التاسع والعشرين من شهر فبراير؛ إلا أنهم لم يكونوا يدافعون عن الأرمن ولكنهم كانوا يدافعون عن أنفسهم من هذه العصابات الإجرامية الغاضبة والتي كانت تقوم بإلقاء الصخور والحجارة على جنود وقوات الجيش.
ولقد سمحت سياسة الصمت والتستر على جريمة الإبادة الجماعية التي تم إرتكابها في سومغايت بالإضافة إلى الموقف السلبي من المجتمع الدولي تجاه مرتكبي الجرائم الأذربيجانيين في مذبحة الإبادة الجماعية في سومغايت لمنظمي والمشاركين الفعليين في هذه المذبحة إلى الإفلات من العقوبة الجنائية. ومن ثم استمرت هذه الحملة الدموية وبعد فترة قصيرة غمرت الإقليم الأذربيجاني بالكامل – التابع للإتحاد السوفيتي – إلى أن وصلت إلى ذروتها في يناير من سنة 1990 في باكو وذلك عندما سقط المئات من الضحايا الأرمن نتيجة للكره المرضي من القوميين الأذربيجانيين.
ولقد أدت مأساة سومغايت والعمليات الدموية المتكررة والتي وقعت في أذربيجان خلال الفترة من أعوام 1988 وحتى 1991 إلى إختفاء 450 ألف مواطن أرميني من أذربيجان بالإضافة إلى العدوان المسلح على الأرمن المتواجدين في ناغورني كاراباخ في 1992-1994. ومنذ التوقيع على إتفاق وقف إطلاق النار في عام 1994، فيما بين أذربيجان وناغورني كاراباخ و إنضم أرمينيا لذلك التوقيع، قامت أذربيجان بالتهديد بصورة مستمرة باستخدام القوة مرة أخرى ضد ناغورني كاراباخ وأرمينيا، حيث  كانت هذه التهديدات تتفق مع المتاجرة اليومية بالحرب من القيادة الأذربيجانية والدعاية العرقية المناهضة للأرمن . والزيادات المستمرة والدراماتيكية في موازناتها العسكرية (تضاعفت بمقدار عشرين ضعف  في سبع سنوات) والانتهاكات التي لا تتوقف لخط التلامس بين ناغورني كاراباخ وأذربيجان وعلى الحدود فيما بين أرمينيا وأذربيجان.
ولقد أصبحت ظاهرتي العنصرية والتطهير العرقي هي العناصر الأساسية للدولة الأذربيجانية في الوقت الحالي حيث أن سومغايت كانت أول عرض مروع ومخيف لما أصبحت عليه أذربيجان الآن – أي ما يعني التهديد العنصري للاستقرار الإقليمي والأمن الإقليمي. تلك هي الحقيقة التي يتعيين على العالم معرفتها والتي لا يستطيع العالم تحمل إغفالها.

سفارة أرمينيا في مصر 
العنوان: 20 شارع محمد مظهر، الزمالك – القاهرة
تليفون: (+202) 27374157, 27374159
فاكس: (+202) 27374158

Share This