حوار مع كاتب مسلسل “سارة خاتون” حامد المالكي

“المجتمع الدولي بدأ يصغي من جديد الى صوت الضحايا، أتمنى أن يستمر الضمير الانساني بإعادة قراءة التاريخ “،- يقول الكاتب حامد المالكي لملحق “أزتاك” العربي

Sara_Khatun_Realنادرة هي المسلسلات العربية التي تجسد شخصيات أرمنية يعرفها المجتمع العربي. هذا ما جعل المسلسل العراقي (سارة خاتون) ينفرد بكل حيثياته. يجسد المسلسل الذي عرضته قناة (الشرقية) الفضائية العراقية وقنوات عربية أخرى عام 2006 قصة واقعية من حياة الفتاة الأرمنية سارة أوهانيس اسكندريان أو (سارة خاتون) في حقبة مهمة من تاريخ العراق الحديث بمشاركة نخبة كبيرة من نجوم الفن العراقي ونجوم عرب.

وسارة هي فتاة بغدادية ولدت في بغداد عام 1889. وهي ابنة أحد وجوه الأرمن ببغداد، الذي خلف لها ثروة طائلة تتضمن أموالاً وبساتين وأراضي زراعية. كانت سارة فائقة الجمال، مما سبب لها المتاعب عند وقوع الوالي العثماني ناظم باشا في حبها ورفضها لهذا الحب وتصديها له.

تميزت سارة خاتون أيضا بمواقفها تجاه الأرمن الذين عانوا من مجازر الإبادة الأرمنية حيث بنت للفقراء حياً يدعى الآن (كمب سارة)، وحسب معلومات الكاتب حامد المالكي هي أول امرأة ركبت السيارة في العراق وكان نوعها (اوفرلايت) ورقمها 30. وقد عادت سارة خاتون الى العراق (من باريس) لتعيش بين أحضان بلدها الذي كانت تحبه ولا تتخلى عنه، على الرغم من ثرائها وإمكانية عيشها في أي مكان تشاء، ولكن حبها للعراق وناسه جعلها ترجع وتتوفى فيه، وهي ماتت فقيرة ومعدمة لا تمتلك أي شيء. واعتبر المالكي المسلسل ملحمة في الدراما العراقية. ولعبت دور سارة في المسلسل ريام الجزائري، وهي ابنة أخ السياسي العراقي ووزير الثقافة الأسبق مفيد الجزائري والإعلامية فريال حسين.

في الحقيقة، اعتبر مسلسل “سارة خاتون” نقلة نوعية في الدراما العراقية حيث اعتبر أضخم ميزانية في تاريخ الدرامام العراقية ولامس موضوعاً مختلفاً وألقى الضوء ايضاً على ظاهرة تماسك النسيج الاجتماعي العراقي.

حظي المسلسل بنجاح باهر ولاقى صدى كبير في الصحف العربية، ونذكر بعض العناوين الملفتة: (نرفع قبعتنا احتراماً لسارة خاتون) و(بالفصيح: سارة خاتون/شجاعة الأطفال وحكمة الشقاوات) و(سارة خاتون تثأر من ناظم باشا) و(سارة خاتون والتراث العراقي) و(سارة خاتون واقعية الحدث وتوظيف الخيال) و(سارة خاتون تعتبر أول رواية نشاهدها على التلفزيون)…

Sara_Khatun_Filmبطاقة مسلسل “سارة خاتون”:

مسلسل تلفزيوني من ثلاثين حلقة عرض على قناة الشرقية وقناةmbc  . وهو مسلسل عراقي سوري مشترك. انتاج قناة الشرقية عام 2006.

الكاتب: حامد المالكي. المخرج: صلاح كرم.

الممثلون: فاضل خليل بدور “أوهانيس” – ريام الجزائري بدور “سارة خاتون” – سهى سالم بدور “صوفيا” – سامي قفطان بدور “حمدان” وعلاء حسين بدور ابنه “طعمة” – طه علوان بدور عم سارة “سليم” – عبد القادر الحلبي بدور ابنه “دريد” – جواد الشكرجي بدور “الوالي ناظم باشا” – وحسن حسني بدور “حامد البغدادي”، وآخرين.

من هو الكاتب حامد المالكي:

هو من مواليد بغداد. تخصص في الفنون السينمائية من جامعة بغداد. عمل في الصحافة كمحرر ثقافي ومصور فوتوغرافي في مجلة (أسفار) الثقافية. كما عمل في صحيفة الجمهورية البغدادية بصفة مصور صحفي عام 1996، و شارك في إصدار صحيفة (الاستقلال) عام 2003 ، ثم عمل بها بصفة مدير تحرير. كتب عدة مقالات سياسية وثقافية في عدد من الصحف العربية والعراقية ومواقع الانترنت. له أعمال مسرحية منها (ترانيم الضياع) و(المذنبون) وهي مسرحيات سياسية. وأفلام تلفزيونية منها (العراق بين احتلالين) و(انتهاك).

كتب حامد المالكي العديد من المسلسلات للتلفزيون العراقي والقنوات العربية مثل: (سارة خاتون) و(اللاهثون)، (جواهر اللغة)، (عائلة في زمن العولمة)، (انصاف القمر)، (الرصافي)، (الجواهري)، (فوبيا بغداد)، (رسائل من رجل ميت) و(الحب والسلام). ويعمل على مسلسل (فيصل).

Malekyحصد حامد المالكي العديد من الجوائز منها:

1- الجائزة الذهبية في إبداع الإخراج من مهرجان القاهرة الحادي عشر للإذاعة والتلفزيون عام 2005 عن إخراج فيلم (انتهاك).

2- جائزة أفضل سيناريو من مهرجان المغرب الدولي الثالث للأفلام القصيرة والوثائقية عن سيناريو فيلم (انتهاك)

3- أفضل مسلسل لعام 2007 لمسلسل (الرصافي) وأفضل كاتب تلفزيوني عام 2007 في استفتاء قامت به صحيفة المنار البغدادية.

4- أفضل مسلسل عام 2009 لمسلسل (الدهانة) وأفضل كاتب سيناريو في العام نفسه.

5- درع “الجواهري” للابداع عن مجمل أعمال الكاتب قدمه اتحاد الادباء في العراق.

6- الجائزة الذهبية في إبداع السيناريو فئة المسلسل الاجتماعي عن مسلسل (الحب والسلام) في مهرجان الإعلام العربي.

*
* *

وفي دمشق التي يحبها بنفس الدرجة التي يحب بغداد التقينا مع الكاتب حامد المالكي وتعرفنا أكثر على الظروف المحيطة بالمسلسل، وللحقيقة تعرفنا أكثر على شخصية سارة خاتون، فكان الحوار التالي:

1- كيف كانت البداية مع الأرمن؟

الصدفة وحدها قادتني الى عالم الأرمن، أذكر أني وفي عام 1996 استدعيت لتصوير نشاط الفرقة الشعبية الأرمنية في مهرجان بابل وقد حضرت البروفات التي سبقت العرض واندهشت للمستوى الفني لهذه الفرقة، رقص رشيق وغناء أوبرالي يقوم به مغنون غير محترفين، في هذا اليوم نشأت بيني وبين مدرب الفرقة (كارلو آفو) صداقة عميقة امتدت الى سنين حتى اختفى المسكين من قبل اجهزة الامن الحكومية في زمن صدام حسين لاسباب مجهولة الى اليوم. كذلك لقائي بالمصور العراقي الكبير جان صاحب ستوديو (بابل) الذي صور كل زعماء العراق، وبالمناسبة فإن جان رحمه الله كان تلميذ المصور الأرمني الأشهر (يوسف كورش) مصور العظماء كما يطلق عليه. روى لي جان قصة نجاته هو وامه من المذبحة الأرمنية وهجرته الى العراق ليستقر فيه عندما كان ابن ست سنوات أو سبع على ما أذكر، عمل جان مصوراً منذ بداية الستينات وكانت أول صورة لزعيم سياسي عراقي التقطها هي صورة الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم والذي قتل في انقلاب 1963 دون ان يرى هذه الصورة الخلابة بقياسات الفن.

هذه العلاقات ولدت لدي الفضول بمعرفة حقيقة المذبحة الى ان جاءت الفرصة عندما كلفني الاخ والصديق المخرج العراقي صلاح كرم بكتابة مسلسل (سارة خاتون) سارة الارمنية او سارة الزنكينة (الثرية) كما كانت تعرف في بغداد، عندها شرعت بالبحث الدقيق الذي اوصلني الى حقائق مرعبة لمحاولة محو وجود أمة كاملة لاسباب سياسية تارة واخرى غريبة أتحفظ على ذكرها الان، كانت سارة قد بنت حيين شهيرين في بغداد لضحايا الأرمن الذين هاجروا الى العراق لا زالا يدلان على عظمة هذه الانسانة وأقصد طبعاً حي (كمب سارة) و(حي الأرمن) في قلب بغداد.

كتبت المسلسل عام 1998 وصور عام 2006 في دمشق، لأننا لم نعثر على ممول لهذه القصة التي أنتجتها جهة غير عليمة بعملية الانتاج الملحمي فضاعت الكثير من التفاصيل.

2- هل تم تدخل الرقابة على مشاهد المسلسل؟

نعم، ولقد طلب مني حذف كل ما يتعلق بمذابح الارمن او التخفيف من حدتها على الاقل وكان الامر كذلك.

3- ما هي الصعوبات التي واجهتك خلال العمل؟

كما قلت إن الجهة المنتجة تفاجأت بعدد شخوص ومواقع تصوير المسلسل الذي تمتد أحداثه من عام 1893 عام ولادة سارة حتى عام 1933. تم اعتماد الصدفة والحلول السريعة والعجولة لمواجهة المواقف المعقدة التي تحدث اثناء التصوير، كما تم حذف اكثر من عشرين بالمائة من المسلسل تلك التي اشارت الى دور الوكالة الصهيونية ونشاطها في بغداد عبر شخصية خيرو اليهودي أحد الذين سرقوا ثروة سارة الكبيرة.

4- هل تفضلت بإعطاء لمحة عن أبطال المسلسل وسبب اختيارك لهم؟

شخصية “سارة” هي الشخصية المركزية كما شخصية العمة الطيبة “صوفيا” التي رعت “سارة” بعد يتمها المبكر والشخصية التي أصبحت حديث الشارع العراقي أقصد شخصية البطل الشعبي “حامد البغدادي” التي أداها باتقان لافت المخرج والممثل العراقي الكبير حسن حسني. تصوري أن أحدهم كتب على أحد جدران منطقة الزعفرانية بالقلم العريض (انتخبوا مرشحكم حامد البغدادي) وكانت تجري هناك انتخابات من نوع ما، شخصية حامد البغدادي ذو النخوة الكبيرة من احب الشخصيات التي كتبتها وربما لهذا السبب في نرجسية واضحة أطلقت عليها اسمي. حامد هذا هو الذي حمى سارة خاتون من بطش الوالي التركي العنيف ناظم باشا، وأقصد به عنفه في حبه لسارة. من الشخصيات الاخرى المهمة في هذا المسلسل شخصية “ناظم باشا” نفسها التي مثلها الممثل العراقي الكبير جواد الشكرجي والذي ادى اروع اداء شاعري له ومازج ببراعة بين قسوة العسكري ورومانسية العاشق ناظم باشا.

5- البعض يقول ان سارة كانت كاذبة وانها نسجت قصة حب الوالي ناظم باشا من خيالها، ماقولك انت؟

هذا نوع آخر من الاعتداء على التاريخ الارمني الكبير، لقد كتب عن سارة أهم مؤرخ اجتماعي عرفه العراق وهو مؤسس علم الاجتماع في العراق العلامة علي الوردي في رائعته (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث) الذي يقع في ثمان اجزاء، كما كتب عنها أول مرة العمري في كتابه (شخصيات من تاريخ العراق السياسي). لقد التقيت بابنتها (الآنسة) – كما تصر هي – صوفيا والتي كان عمرها 88 سنة في بيتها في منطقة المسبح في العراق. أظهرت لي هذه المرأة الهادئة وثائق على مستوى عال من الاهمية منها شهادة من جمعية أرمنية عالمية كبيرة الى سارة لانها حافظت على شرفها وعرضها، كما شاهدت صوراً فوتوغرافية التقطت في بداية القرن 1908 وصعودا للشابة الهائلة الجمال سارة بين أترابها في مزارع الدبوني، من كان يمتلك القدرة على التقاط صورة فوتوغرافية في العراق لبنات يلعبن لو لم يكن من اثرى الناس في ذلك الوقت، كان جمالها اسطورياً. على احد الجدران في بيت صوفيا صورة سارة عام 1960 كانت عجوزاً بوجه يشجع سحراً وجمالا كبيرين، تطلعت الى الصورة وقلت مع نفسي ما قاله الوردي عندما رآها في الستينات قبل موتها (ساعدك الله يا ناظم باشا). قابلت سارة ملكة بريطانيا بطلب من الملكة نفسها التي قالت أريد ان ارى هذه الشابة التي حافظت على شرفها وشارك سفراء عدة دول في تهريبها من العراق منهم سفيرا بريطانيا وسفير روسيا، وفعلاً أدخلت دورة لمدة شهر كامل كي تتعلم إتيكيت مقابلة ملكة بريطانية وقد دربتها على ذلك احدى قريباتها المقيمة في لندن، علمتها كيف تمشي في حضرة ملكة وكيف تأكل وكيف تشرب وكيف تجلس وكيف تتحدث، أعجبت بها الملكة البريطانية اعجابا كبيراً. هل تقابل ملكة بريطانية انسانة نسجت من خيالها قصة حب احد الولاة لها؟ كما أنها وعرفاناً منها للمندوب السامي البريطاني فيما بعد السير بيرسي كوكس الذي حماها وساهم في عملية هروبها مما جعلها تطلق اسم “بيرسي” على ولدها الوحيد كما علاقتها الطيبة مع المس بيل والتي دفنت معها في كنيسة الارمن في قلب بغداد. لم تكن سارة شخصية عادية رغم بساطتها، ثروتها وجمالها جعلا منها سيدة تستحق كتابة مسلسل عنها، كما أني أعرف أن زوجة احد السياسيين الانكليز في العراق كتبت عنها رواية اسمها “سارة” باللغة الانكليزية ونشرتها في لندن في العشرينات او الثلاثينات، بحثت كثيراً عن هذه الرواية ولم استطع الوصول اليها، في هذه الرواية كما تقول صوفيا ابنة سارة ستجدين تفاصيل دقيقة عن حياة سارة.

6- حسب اطلاعك على تاريخ الأرمن، ما رأيك أو موقفك من الإبادة الأرمنية؟ وكيف ترى اعتراف المجتمع الدولي بالإبادة الأرمنية؟

لا زال الضمير الانساني يأخذ مواقفاً مترددة من أي نوع من أنواع الابادات العرقية اللهم الا هولوكوست اليهود الذي تم استغلاله سياسياً من قبل المنظمة الصهيونية للحصول على ارض او وطن بديل كما قرر هرتزل في مؤتمر بازل الشهير، هل تعلمين أن في تاريخ العراق انواع كثيرة من الإبادات التي يخشى من تسليط الضوء عليها وإذا تمت الاشارة اليها من قبل أحد وجهت اليه اتهامات من قبيل الشعوبية والشوفينية وغير ذلك من القوالب الاتهامية الخطرة ونحن على العموم أمة سرعان ما تلصق عليك اتهامات مقولبة. في كتاب علي الوردي الذي أشرت اليه من قبل تجدين تفاصيل دقيقة لعملية إبادة الأرمن في قرار التهجير الذي أصدره طلعت باشا وزير داخلية تركيا عام 1915 كما تجدين شهادات حية لأناس شهدوا على هذا الجريمة، لقد قرر طلعت تهجير الارمن والسريان والعرب ايضاً حتى نكون منصفين بتهمة تعاونهم مع روسيا والتجسس لصالح روسيا، هذا الذي يسمونه خلط الخاص بالعام والذي ابتلينا به نحن في العراق خلال حكم صدام حسين، فكان صدام يعاقب كل جنوبيي العراق لأن بعضاً منهم ثاروا ضده، أو يعاقب عشيرة الدليم الكبيرة في العراق لان طيارا اسمه (محمد مظلوم الدليمي) خطط لاغتيال صدام حسين والانقلاب عليه في التسعينات، في دولة القانون الانسان يؤخذ على جريرة افعاله ولا علاقة لأقربائه او عشيرته بما ارتكب. ما حصل في الإبادة الارمنية هو هذا النوع من الانتقام الذي يمارسه الضعيف او الغبي اذا امتلك سلطة، لا أحد سيعترف بالإبادة الأرمنية على الاقل في الوقت الحاضر كما أن لا أحد سيعترف بالابادة المنظمة للشيعة في جنوب العراق منذ عام 1991 انتقاماً لثورتهم الكبيرة على نظام صدام عند انسحابه من الكويت مهزوما والابادة الكردية لما يعرف بالأنفال التي بدأت عام 1988. الجريمة الكبرى ليست في عدم الاعتراف بهذه الإبادات، بل بمحاولة تبريرها أو طمس معالمها أو محو آثارها أو الطعن بصحتها وكأن ليس لجراح الضحايا من فم كما يقول الجواهري.

مؤخراً أخذت الولايات المتحدة الامريكية تخطو خطوة الى الأمام للاعتراف بالابادة الارمنية، المجتمع الدولي بدأ يصغي من جديد الى صوت الضحايا، أتمنى أن يستمر الضمير الانساني بإعادة قراءة التاريخ على مقاس أخلاقي لا على مقاسات السياسة اللئيمة.

7- ما هي الرسالة التي تود ايصالها الى المشاهد العربي من خلال مسلسل سارة خاتون؟ وهل من مشاريع جديدة؟

الرسالة واضحة، هنالك شعب أبيد ذات مرة لاسباب سياسية وطائفية، يجب الاعتراف بألمهم، ويجب أن تتوقف جميع أنواع الإبادات لأن الانسان أعلى قيمة في الحياة ولا يحق لاي سياسي أن يقرر وجود او عدم وجود حياة انسان ما يخالفه في الرأي او الدين أو المذهب. وعن جديدي، فقد انتهيت من كتابة مسلسل “الملك فيصل الاول” في ستين ساعة تلفزيونية لحساب المركز العربي للانتاج التلفزيوني في عمان الاردن، وفي هذا المسلسل التفاصيل التاريخية الدقيقة لمذبحة الأرمن وكيف ساهم العرب في الثورة العربية بالقضاء على الوجود العثماني في المنطقة كما سنشاهد المسيرة الحزينة للمهاجرين الأرمن وهم يتعرضون للإبادة والقتل والاغتصاب من قبل العصابات التي تلتقي بهم على الطريق في مشاهد غاية في الانسانية.

8- هل تعتقد أن مسلسلاتك التلفزيونية يمكن أن تحدث نوعاً من تغيير، أذكر أني شاهدت لك مسلسلاً تلفزيونياً بعنوان (فوبيا بغداد) وكنت تتحدث فيه عن قضية قتل العلماء في العراق، ومسلسل آخر (رسائل من رجل ميت) تتحدث فيه عن ظاهرة تصدير الارهاب الى العراق، هل أثمرت هذه المسلسلات عن تغير من نوع ما؟

لا ينتظر الفنان التغيير، الفنان ليس مصلحاً اجتماعياً، الفنان يثير الاسئلة، ليس له الحق في تقديم الأجوبة، الفنان يفجر السؤال في كوامن النفس البشرية، نفس المتلقي طبعاً وعلى المتلقي أن يجد الاجوبة، هذا ما أنا متأكد منه، أعتقد أن أعمالي فجرت الكثير من الأسئلة، الرسائل التي تصلني من قبل المشاهدين تؤكد لي هذا.

9- لماذا نجحت الاعمال التركية برأيك على المشاهد العربي حتى صارت العائلة العربية تتسمر أمام شاشات التلفزيون لمتابعتها؟

لأنها خالية المضمون، العقل العربي فقير، لا يستطيع متابعة عمل تلفزيوني او سينمائي يحمل مضموناً ثرياً. هكذا نحن، لا نستطيع أن نرى الدراما التي تثير الاسئلة لأن الأسئلة غالباً ما تكون أكبر من مدى إدراكنا واحياناً لأن أنظمتنا الحاكمة تمنعنا من التفكير فتشجع على أميتنا الدرامية. نعم، المسلسلات التركية تؤكد أميتنا الدرامية والمعرفية، هنيئاً لشعبنا العربي بها.

آذار 2010
ملحق “أزتاك” العربي

Share This