إبادة الأرمن في سنوات الحرب العالمية الاولى

في الايام الماضية (أواخر نيسان) مرت على الانسانية ذكرى اليمة عصَرت قلوبنا جميعا والاحرار ومحبي السلام والتآخي بين الشعوب بالدرجة الاولى ألا وهي عملية إبادة الأرمن في عام 1915 والتي تعتبر وصمة عار على جبين الانسانية جمعاء ومخططيها من الاتراك العنصريين، ومنفذيها من الكورد المسلمين بصورة خاصة. وستبقى كذلك الى الابد جريمة تعتبر هي الاكبر في تاريخ الدولة العثمانية. حيث اجتازت نسبة القتلى فيها اعداد من قتل من الايزديين في عام 1832 وكان في كلاهما مصدر الموت واحدا. راح ضحيتها 2,5 مليون أرمني .

الدولة العثمانية حكمت المنطقة وشعوبها طوال 6 قرون من الزمن. واعتبرت احدى اعنف الامبراطوريات في سلوكها، وحكوماتها هي الاقسى بتعاملها مع الشعوب التي كانت تحت سيطرتها قياسا بالامبراطوريات والدول التي سبقتها في تلك العصور ودام حكمها التعسفي الى حين مجيء الغرب كاستعمار والذي بمجيئه عرفت شعوب المنطقة معنى حكم الدولة بعيدا عن الدين.

خلال القرون الستة من حكمها استخدمت الدولة العثمانية اقصى درجات العنف. فالتجويع والنهب والقتل الجماعي والابادات كانت من اولوياتها. وبذلك خلقت جوا من الرعب استطاعت من خلاله السيطرة على تلك الشعوب واوطانها .

الارمن ذلك الشعب ذو النسل الاري ووطنه الذي كان يسمى بارمينيا الغربية كانا تحت سيطرة الدولة العثمانية حالهم حال الكورد وكوردستانهم والعرب وبلدانهم لكن الفارق هو أن الأرمن اناس مسيحييون. وهذا كان كافيا لان يهينوا ويعذبوا ويقتلوا حالهم حال الايزديين. وكان عاملا مهما يستخدم بواسطته الاقوام الاخرى المسلمة ضدهم.

اما العرب وبحكم بعدهم من حدود الأرمن فلم يشكلوا طرفا في المعادلة الارمنية التركية. ولكن الكورد اللذين هم جيران للأرمن لهم حدود مشتركة طويلة واراضيهم تتداخل في كثير من الاماكن وفي بعضها كان الكورد والارمن يشكلون خليطا سكانياً.
استطاعت الدولة العثمانية التأثير على الكورد اكثر من الأرمن في استعمالاتها باستخدامها لورقة الدين والتي بواسطتها حرَكت الكورد كجيش احتياط ضد الشعوب الاخرى الغير مسلمة. وبما ان بقاء وجود الأرمن ومطالبتهم بحقوقهم وباستقلال اراضيهم يشكل خطرا على حدود الدولة العثمانية ومستقبلها جعل الاتراك يفكرون بحتمية معالجة القضية الارمنية فبدلا من ان يتعاملوا معهم كمواطنين لهم حقوقهم وواجباتهم قرروا القضاء عليهم. وبما ان العالم كان منشغلا بالحرب العالمية الاولى التي شملت كل بقاع الارض استغلها الاتراك فرصة لابادة شعب باكمله، ذنبه الوحيد هو انه غير مسلم فالكافر يجب ان يموت حسب شريعتهم العنصرية.

خطط الاتراك لهذه العملية الاجرامية جيدا، فالى جانب جيوشهم شكلوا جيشا من الاكراد كفرسان في خدمة سلطانهم القي على عاتقه تنفيذ عملية ابادة الكفار .

بدأت تلك العملية في عام 1915  فنزل الموت والدمار وكانت رائحة الدم في كل مكان من بلاد الارمن. وذلك على يد الجحوش الكورد المؤمنين بالله ورسوله (لمعرفة تفاصيل مجريات الجريمة راجع كتاب كوردستان في سنوات الحرب العالمية الاولى فصل الكورد والدم الارمني المراق للاستاذ الفاضل كمال مظهر والذي كتبها بكل حيادية).

ولم يبقى من الأرمن في حدود أرمينيا الغربية على قيد الحياة سوى الفتيات اللواتي اختارهن المرتزقة وأمرائهم كجاريات لهم وكذلك اللذين عبروا الى سوريا والعراق بواسطة الايزديين اللذين آووهم وسهلوا لهم الطرق للفرار والخلاص بارواحهم من ذلك الجحيم . اما املاكهم فسيطر عليها هؤلاء الجحوش واسيادهم وبذلك مسحت أرمينيا الغربية من خارطة العالم وابيد شعبها .

وحينها ارتكب الكورد وكالمعتاد خطأ فادحا غيَر مستقبل المنطقة باكملها وبالذات مستقبل كوردستانهم . خسأت كل الايادي والافكار المجرمة العنصرية والمجد كل المجد لمحبي الحرية والعدل والمساواة.

وهنا جاء الوقت لنسأل ودائماً ماذا لو لم يحدث ذلك ؟

لولا ذلك لما اختل التوازن لصالح الاتراك الذين هم حديثي التواجد في المنطقة .
ولولا ذلك لما اتهم الكورد بالخيانة لابناء عمومتهم الارمن والذي يعتبر كلاهما من نسل واحد، ولكان للكورد سندا وحصنا وملجاً في ايام الحروب والمحن على اساس قاعدة عدو عدوك صديقك.

وفي حال استخدام الاتراك لورقة الديمقراطية، لوقف الى جانب الكورد ممثلوا ملايين الأرمن في البرلمان التركي .ولكان استقلال البلدين (كوردستان وأرمينيا) وانفصالهما عن تركيا ليس بالامر الصعب مثلما هو عليه الحال اليوم.

والاسئلة كثيرة واجوبتها اكثر . ومالنا سوى ان نترك طرحها والاجابة عليها للسيدات والسادة القراء الكرام.

النقد كما قلناها في الحلقة الماضية مادة نحتاج اليها أمس الحاجة. وبدونها لايمكن ان نتعرف على اخطائنا ونعطي ديمومة التطور والانفتاح لافكارنا. فلا تبخلوا علينا بالنقد قدر المستطاع.

خيري حيدر

ألمانيا

www.bahzani.net

Share This