أرمن الكويت والخليج في عهدة المطران شاهي بانوسيان

بالرغم  من وجود سفارة أرمنية في الكويت فإن الكنيسة ما زالت ترعى وتهتم بأبناء الأرمن منذ الخمسينات، فهي بمنزلة المرجعية لأحوال دينهم ودنياهم، نظراً لما تعرضوا له من مذابح وتهجير في تاريخهم المعاصر، عملت الكنيسة، ومن بعدها البطريركية، على تماسك الجالية والحفاظ على لغتهم ومعتقداتهم، ومن هنا كان المطران شاهي بانوسيان وجهاً في الأحداث.

-خامس مطران للأرمن في الكويت منذ عام 1981 مع تعيين أول مطران يرعى شؤون الجالية في منطقة الخليج العربي هو المطران أوشاغان تشولويان (1998/1981) تبعه المطران سيبوه سركيسيان (2000/1998) ويبريم طابكيان (2002/2000) وكورون بابيان (2011/2002)، يتولون رعاية جالية على امتداد الخليج العربي يصل تعدادها الى حوالي 25 ألف أرمني، موزعين على الكويت والإمارات وقطر والبحرين.

مع ان الكويت لها الريادة في احتضان الأرمن، كاحدى الجاليات المسيحية في العالم العربي، وتواجدها الكنسي منذ عام 1961، فإنها ما زالت تعاني من عدم وجود مقر دائم لها، اسوة بما فعلته امارتا ابوظبي والشارقة، والدوحة، بتقديم اراض وتبرعات لبناء مقرات لها.
بقيت الكنيسة والمدرسة الارمنية في مكان واحد منذ الستينات، في منطقة السالمية، وان كان هذا التزاوج معمول به في العديد من اماكن تواجد الارمن، فإنهما افترقتا منذ عام 1974، عندما انتقلت المدرسة الى منطقة السرة، وبقيت الكنيسة في موقعها القديم دون أن تعرف مصيرها والى أين سيفضي بها الأمر.

من مدينة «كَسَبْ» السورية، حيث المكان الذي ولد فيه وهي أشبه بمدينة عنجر اللبنانية بالنسبة للأرمن، خرج الأب «جورج» وهو الاسم القديم غير المستعمل: قبل ان يصبح مطراناً، الى العالم اللاهوتي والكنسي، بالدراسة والرهبنة، ذهب الى اميركا وتنقل هناك بين اكثر من ولاية، ثم أكمل مشواره في كندا، عاد الى اليونان، استقر في لبنان لكنه جاء اخيراً الى الكويت ليمارس مهامه كمطران للأرمن في الخليج العربي.
لغته العربية لا تسعفه احياناً، وان كانت باللهجة اللبنانية باعتبار ان الوقت الاطول بالدراسة وبالخدمة قضاه هناك، وكان عليه ان يتعلم اليونانية ليفهم لغة اهلها، وكذلك الانكليزية والفرنسية، اضافة الى اللغات الارمينية فهو جامع للثقافات الشرقية والغربية نتيجة معايشته لتلك المجتمعات.

من الصعب ان تجلس الى «سيدنا» – وبصحبة «أبونا» أرداك دون التطرق إلى ما تعرض لهم الأرمن من مآس وجرائم تركت آثارها في عقول من عاصرها والاجيال التي تلتها، مع ان تاريخ الأرمن يعود الى ما قبل 5 آلاف سنة، اي انهم شعب حضاري ممتد في المنطقة وعلى اطرافها بكل ما حصل من تطورات على صعيد الهوية والاستقلال، اعاد «الصحوة» الى من ارتكب بحقهم الظلم والموت والذبح.

المطران شاهي والأب أرداك هما امتداد لتاريخ الأرمن في الكويت، وهؤلاء تجمعهم عرقيتهم لكنهم من جنسيات ودول مختلفة، فقد تجد الإيراني مع اللبناني واليوناني مع البصراوي، وفي عام 1950 كان يتواجد حوالي ألف شخص يرعاهم راعي أبرشية البصرة الأب فورين حيت، يزورهم من وقت لآخر، وفي عام 1961 انتظمت الجالية وعين لها راعي ابرشية، وهو الأب باروير سركيسيان، واليوم يتحدثون عن حوالي 7 آلاف أرمني كانوا قبل الغزو نحو 15 ألف أرمني.

منذ سنة 1992 بدأت أعمال المطرانية هنا، واتخذت من الكويت مقراً، وهي تتبع بطركية الأرمن في انطلياس بلبنان، ومنذ سنة 1961 والكنيسة مسؤولة عن المدرسة الأرمنية تشرف عليها وتتولى ادارتها، ومع انها انتقلت الى السرة، بقيت ساعة الكهرباء في الكنيسة مسجلة باسم المدرسة.

لم تعترض الكنيسة أو الجالية طوال مدة بقائها في الكويت اي مشكلة تتصل بممارسة الشعائر والعبادات، بل كان الحرص من المطارنة والقائمين على الكنيسة بالالتزام بقوانين الدولة والتواصل مع قياداتها ورجالاتها والانفتاح على معظم الطوائف والمكونات الاجتماعية والسكانية في الكويت.

يتواجد المطران شاهي على مستوى مجلس الكنائس القائم هنا منذ 8 سنوات، والذي يقيم مناسبات مشتركة وصلوات مشتركة واجتماعات، مثلما هي الحال مع مجلس العلاقات الإسلامية – المسيحية والتعايش في بيئة اسلامية – مسيحية منفتحة على بعضها البعض.

أرمينيا جمعت شمل الأرمن من الشتات، وصارت العلاقة بين الكنيسة والسفارة علاقة «توأم روحي» فالكنيسة تجمعهم وبات بمقدور أي أرمني من الشتات ان يتقدم بطلب الحصول على جنسية بلاده.

همه الأكبر كيف يستطيع ان يؤمن أرضا كمقر للمطرانية والكنيسة، وان كانت أعماله لا تتوقف في الكنيسة وفي المدرسة وفي متابعة أحول الكنائس في دبي والشارقة 9 آلاف أرمني وأبوظبي 3 آلاف أرمني وقطر حوالي ألفي أرمني وفي مناطق أخرى كالخبر في السعودية.

يقيم علاقات حميمية، خاصة مع القس إيمانويل غريب مطران الروم الكاثوليك والأب بيغول الأنبا بيشوي والأب أفرام راعي كنيسة الروم الأرثوذكس، يتواصل مع رجالات الكويت، يزور الدواوين، وهي تجربة جديدة بالنسبة إليه، قارئ جيد، دخل عالم الإنترنت منذ زمن، يرتاح بقراءة الكتب الدينية وباللغة الانكليزية.

بعد القرار الذي اتخذ على مستوى البطريركية الأم بنشر المعلومات عن الأرمن باللغة العربية، شعر بالارتياح، فهناك جوانب مهمة من إبداعات وتاريخ وثقافة وشعر وموسيقى الأرمن في العالم، سيكون متاحا للمواطن العربي أن يعثر عليهامن الان فصاعداً.

الأرمن في الخليج العربي

اصدرت وزارة المغتربين (المهجر) في جمهورية أرمينيا كتابا توثيقيا اعده كل من ليليت هاروتيونيان واراكس باشايان عام 2012 يتضمن تاريخ الجاليات الارمنية في بلدان الخليج باللغة الارمنية، نشره مجلس الدراسات في الاكاديمية الوطنية للعلوم.

أول أرمني كويتي يدعى هوفاكيميان، وكان اول طبيب ارمني يعمل في الكويت، بعثته الحكومة للتخصص في تحاليل الدم، وافتتح اول مختبر لتحليل الدم في الكويت ومنح الجنسية، وتوفي بالكويت ودفن في مقبرة غير المسلمين، حيث خصص مكان للمسيحيين فيها لدفن موتاهم.

تبرع القاسمي بقطعة أرض: في عام 1995 واثناء زيارة قداسة الكاثوليكوس كاريكين الثاني لدولة الامارات العربية المتحدة، طلب من حاكم امارة الشارقة الدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي قطعة ارض لانشاء كنيسة. وفي عام 1996 خصص الشيخ قطعة ارض لبناء الكنيسة، حيث بدأت اعمال البناء، وافتتحت الكنيسة عام 1998.

وقطر على الطريق: في عام 2011، واثناء زيارة قداسة الكاثوليكوس آرام الاول لدولة القطر، طلب قطعة ارض لانشاء كنيسة من أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة الثاني. لقد وعد الامير تخصيص ارض لذلك في وقت قريب.

راعي الكنيسة: تعاقَب على رعاية الكنيسة في الكويت شخصيتان، هما: الأب باروير سركيسيان (1961 – 1998) والأب أرداك كهيايان 1998 وما زال.

مطرانية الكويت: المطرانية مركز إداري يتولى الاشراف على الكنائس باعتبارها مكاناً مخصصاً للعبادة، ومطرانية الكويت تشرف على الكنائس الأرمنية في منطقة الخليج العربي.

الأرمن في الكويت: مضى على تواجد الأرمن في الكويت أكثر من 50 عاماً، يتوزعون في عدد من القطاعات المهنية والحرفية التي يتميزون بها عن غيرهم، وكذلك تجارة الذهب والأعمال الحرة.

اللغات: هناك لغتان لدى الأرمن: اللغة الشرقية الأرمنية واللغة الغربية الأرمنية، وهذه تتداول في المهجر، أما في الكنيسة فتستخدم اللغة الكلاسيكية القديمة – فقط – في الصلاة. واللغة الأرمنية عموماً تتألّف من 38 حرفاً.

3 آلاف متر مربع لبناء كنيسة في أبوظبي: في عام 1998 واثناء زيارة قداسة الكاثوليكوس ارام الاول لدولة الامارات العربية المتحدة، طالب بقطعة ارض لإنشاء كنيسة من حاكم إمارة ابوظبي آنذاك الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وفي نفس العام، أهدى الشيخ زايد الجالية الارمنية مبلغ مائة الف دولار اميركي. وفي عام 2006، تحقق وعد الشيخ زايد من قبل ولي عهد امارة ابوظبي وخصص ارضا للكنيسة الارمنية في منطقة صفح بمساحة 3000 متر مربع، وفي عام 2011 سلمت الارض للجالية، حيث بدأت باعمال اعمار الكنيسة ودار الرهبان. اما في بداية عام 2013، فقد خصصت الحكومة ارضا اخرى بجانب ارض الكنيسة بمساحة 1045 مترا مربعا لموقف السيارات. اعمال بناء مبنى الكنيسة ودار الرهبان ستنجز بحسب الخطة المعمول بها في نهاية 2013.

السيرة الذاتية:

شاهي بانوسيان، وهو الاسم الكنسي، أما اسمه الحقيقي فهو جورج بانوسيان.
وشاهي مأخوذ من الفارسية، وبالعربي تعني شاهين، نوع من أنواع الطيور.
مواليد 1958 مدينة كَسَبْ – سوريا.

مطران كنيسة الأرمن في الكويت وبلدان الخليج العربي. درس في مدرسة اللاهوت في انطلياس – لبنان (1972 – 1978).

تدرج في المناصب الكنسية من خوري خدم لمدة سنتين في مقر البطريركية الأرمنية في انطلياس – لبنان، ومسؤول عن كنيسة الأرمن في سالونيك، شمال اليونان 1986، ثم في ولاية فلوريدا الأميركية 1986 – 1988، انتقل بعدها الى مانهاتن في نيويورك ثم ولاية شيكاغو 1990 لمدة خمس سنوات، وفي عام 1995 تولى مسؤولية الكنيسة في تورنتو في كندا 1995 – 2003. عاد إلى لبنان ليتولى إدارة دار الأيتام التابعة للأرمن في مدينة جبيل 2003 – 2005 بعدها ذهبت إلى ولاية نيوجرسي الأميركية لمدة سنتين عاد بعدها الى لبنان ليكمل الدراسة في مدرسة اللاهوت لغاية 2011.

عام 2011 اختير ليكون مطراناً في مقر مطرانية الأرمن في الكويت وسائر بلدان الخليج العربي.

حمزة عليان

القبس

Share This