عملاء العثمانيين الجدد يستهدفون تهجيرهم والنيل من المسيحيين عامة

ليون زكي: سورية قدر السوريين الأرمن ومستقبلها مستقبلهم

أبدى ليون زكي، عضو مكتب اتحاد غرف التجارة السورية عضو مجلس إدارة غرفة تجارة حلب وعضو مجلس إدارة الغرفة العربية البلجيكية (الأوروبية)، أسفه وحزنه لما آلت إليه حال السوريين الأرمن في سورية جراء استهدافهم من المسلحين بشكل خاص واستهداف المسيحيين بشكل عام.

وربط زكي محاولات النيل من السوريين الأرمن خلال الأحداث الدامية التي تشهدها البلاد إلى سعي العثمانيين الجدد المتمثلين بحكومة رجب طيب أردوغان عبر عملاء لهم إلى تهجيرهم من وطنهم سورية الذي احتضنهم ووطّنهم إبان مجازر العثمانيين الأجداد مطلع القرن الماضي بحقهم، وأفصح عن مخاوفه من تكرار مآسي الماضي التي لا زالت تحتفظ بها الذاكرة الجمعية لعموم الأرمن.

وقال: “تركيا هي الحاضنة الرئيسية للعمل المسلح على الأرض السورية، وهي تعمل على جر سورية إلى الاحتقان والاقتتال الطائفي والعرقي ضمن مشروع تدمير الدولة السورية للقضاء على العيش المشترك الذي هو عبارة عن خليط غير متجانس قومي ومذهبي وطائفي فريد من نوعه في العالم”، محذراً من أن تهديد الأرمن في سورية هو تهديد للسوريين كافة “لأن الغاية منه تقليص الوجود الأرمني أو القضاء عليه لضرب موزاييك الوطن السوري لإضعافه خدمة لطموح إحياء الإمبراطورية العثمانية الجديدة التي يجب أن تقوم على أنقاض دويلات مجاورة ضعيفة، وما سورية سوى الحلقة الأولى من سلسلة مخططات هذا المشروع الاستعماري”.

واستنكر عضو مجلس إدارة غرفة تجارة حلب تفشي ظاهرة العداء للمسيحيين في المجتمع السوري المعروف عن أبنائه تسامحهم ورقيهم الحضاري “فالمسلمون عبر التاريخ لم يضطهدوا أحداً واعتبروا المسيحيين شركاءهم في الأرض والتاريخ والمصير المشترك لأن القرآن الكريم والسنة النبوية وحتى الآداب الصوفية أوصت جميعها بمعاملتهم معاملة لائقة، وهم كانوا عنصراً فاعلاً في تحقيق النهضة العربية ووقفوا مع إخوانهم المسلمين في التحرر من نير الاستعمار الفرنسي والاستبداد العثماني… (وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان)، كما يقول الله تعالى”.

واستشهد ليون زكي بمقتطف من حديث للأب كميل مبارك يقول فيه: “لنفترض أن المعارضة السنية تريد ان تقاتل العلويين، والنظام يريد أن يقاتل السلفيين والوهابيين، فلماذا احترقت 7 كنائس للمسيحيين في حلب ولماذا هجّر 25 ألف مسيحي منها في ليلة واحدة”!.

لكن زكي ردّ ما يجري من تجاوزات وتعديات وتنامي العنف والإرهاب باسم الدين إلى الخلط بين الإيمان والتعصب الديني “فالإرهاب في جوهره سياسي يمتطي ويبتذل الدين خدمة لمآربه ويدمر البلاد والعباد، والإسلام بريء من الإرهاب المنظم الذي لا دين له ولا وطن ولا ناموس لأنه أدى إلى فقدان الثقة بين أبناء المجتمع الواحد وإلى تأجيج القلق وتفاقم الهجرة وصولاً حتى إلى إكراه المسيحيين والأرمن خاصة على الرحيل من ديارهم وأرضهم بفعل الاضطهاد الممارس بحقهم من خطف وقتل وتدمير لأحيائهم…فها هو مطران يخطف وآخر يذبح… كنائس تفجر… لقد أصبح في عقل كل مسيحي وأرمني صورة عن جواز سفر… وهو مقيم في بلده حتى إشعار آخر… ومشروع لمهاجر محتمل بل مؤكد إذا استمرت الظروف على ما هي عليه الآن لا قدّر الله…”!.

واستطرد زكي: “لكن المسيحيون والأرمن مصممون على البقاء على الرغم مما يواجهونه من صعوبات وتحديات ومخاطر”، كما أكد على ذلك الكاثوليكوس آرام الأول في كلمته خلال مؤتمر مجلس الكنائس العالمي الشهر الماضي.

ولفت عضو مكتب اتحاد غرف التجارة السورية إلى أن الطابع المذهبي للحراك المسلح الدائر راهناً لم يعد سراً “بدليل تخريب جوامع وكنائس لكن مستحيل أن يدمروا الإنسان، وسيظل المسلمون والمسيحيون جنباً إلى جنب كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضواً تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ولن نتخلى نحن الأرمن عن سوريتنا مهما كلف الأمر من تضحيات وسنظل جزءاً من نسيج هذا المجتمع ومكون مهم من مكوناته لأننا لسنا جالية بل مواطنون بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى”.

وشدد زكي على أن السوريون من أصول أرمينية “قد يكونوا حياديين حيال الأزمة التي تعيشها سورية بيد أنهم، بما لا يستدعي الشك، إيجابيين اتجاه الوطن والحفاظ على مقدراته ومقومات وجوده وعيشه المشترك”.

وتساءل :”خلال المجازر والإبادة الجماعية للأرمن على يد الأتراك سنة 1915 استقبلتهم بلاد الشام ومنها سورية وأصبحوا مواطنين سوريين لهم ما لهم من حقوق وعليهم ما عليهم من واجبات، فما الذي حدث حتى يتحول مجتمعنا إلى عنصر طرد بدل أن يكون عنصر جذب لهم خاصة وللمسيحيين بشكل عام”؟!.

وأجاب على سؤاله بقوله: “إنه الانحطاط”، وتابع: “مع بداية القرن الماضي ظهرت أفكار عصر النهضة والوطنية والقومية وقبول التعدد والاختلاف، وبناء على شعار (الدين لله والوطن للجميع) تضافرت أطياف المجتمع كافة لبناء الدولة الدستورية التي يسودها القانون والحرية السياسية، وانتقلت الدولة من المفهوم العثماني- الديني إلى مفهوم القومي- العلماني لكن بعد الحرب العالمية الثانية تأسست أحزاب ايديولوجية وحركات توتاليتارية اغتالت التنوير والنهضة، وكان الرد بالتقهقر مع تنامي الفكر والفقه التكفيري وتسلله إلى الإسلام عبر تنظيمات متعددة بفتاوي شيوخ القتل الذين شرعنوا الانتحار ولتتحول التعددية إلى الثقافة الواحدية…”.

وأشاد ليون زكي بموقف قائد الثورة العربية ضد العثمانيين الشريف حسين بن علي (شريف مكة) لإجراء مقارنة بين الماضي والحاضر، فقال: “أصدر الشريف منشوراً دعا فيه إلى استيعاب الأرمن في سورية وطالب باستقبالهم وفتح البيوت لهم، كما أوصى في رسالة له عام 1918 الأمراء في سورية بالأرمن وأمرهم بمساعدتهم في كل أمورهم (فتحافظون عليهم كما تحافظون على أنفسكم وأموالكم وأبنائكم وتسهلون كل ما يحتاجون إليه، فإنهم أهل ذمة المسلمين)…”.

وعدد عضو مجلس إدارة الغرفة العربية البلجيكية الأسس التي من شأنها المساعدة على الخروج من النفق المظلم التي تعيش بداخله البلاد: “ومنها التعايش والحوار واحترام التنوع ضمن الوحدة الوطنية واحترام الآخر وقبوله باختلافاته عدا عن قبول التنوع والتعدد على قاعدة المساواة والمواطنة”، مشدداً على أن من حق كل أرمني “أن يكون كما يريد أن يكون هو، لا كما يراد له أن يكون بلغته بثقافته بطقوسه بدينه، فهو صاحب رسالة حضارية وانفتاح وتسامح مع أشقائهكما هي حال جميع مكونات المجتمع السوري من عرب وأكراد وشركس وتركمان وغيرهم”. وختم ليون زكي بقوله: “سورية ستبقى قدر السوريين الأرمن ومستقبلها هو مستقبلهم…”.

 

Share This