نهاية الحقبة الأردوغانية في تركيا العلمانية

كتب حسين عمر مقالة نشرت في مواقع عديدة بعنوان “نهاية الحقبة الأردوغانية في تركيا العلمانية” حيث صنف الاسباب القريبة والبعيدة للهبة الشعبية ضد حكومة حزب العدالة والتنمية .وحدد السبب المباشر وهو اصدار حكومة اردوغان بمنع تناول المشروبات الروحية ليلاً، طبعاً هذه بداية لمنعها نهاراً أيضاً. أما الاسباب الغير مباشرة فعزاها الى نشر وتشجيع الثقافة الدينية الاصولية داخل المجتمع .واحتكار كل مؤسسات الدولة ووضع ثقاته على رأس كل دائرة من الميت الى الجيش وحتى النقابات العمالية والجمعيات الخيرية الخ. وعدم السير بالخطوات الاصلاحية التي تطلبها الاتحاد الاوروبي لتفي بمعايرها حتى تستطيع تركيا الانضمام الى النادي الاوربي كدولة كاملة العضوية. وتهميش والتضييق على الطائفة العلوية منذ استلامه للسلطة بسبب الاختلاف العقائدي.

ثم انتقل الكاتب الى القضية الكوردية والتي كان اردوغان قد وعد بحلها منذ أكثر من عشرة سنوات بالرغم من أن حزب العمال الكوردستاني قد اعلن اطلاق وقف النار من طرف واحد والعمل على ازالة كل المسببات التي تمنع تطبيق الحل، حتى وصل الى ان قدم العمال الكوردستاني مبادرة مؤلمة وتعتبر من أكثر الخطوات التي خطها حتى الان في سبيل إرضاء الطرف التركي وقبوله بالحل المقترح والتي لا تعدى سقف القوانيين الديمقراطية التي تحكم الدول المدنية من خلالها، وقيامه بسحب قواته الى خارج شمال كوردستان وتركيا، لكن حتى الان لم يخطو اردوغان خطوة واحدة تجاه الحل بل بالعكس يصدر هو واركان حكمه بين الفترة والاخرى تصريحات استفزازية لا تبشر خيرا” على عملية السلام التي من المفترض انها كانت يجب ان تتقدم مع انسحاب قوات العمال الكوردستاني الى خارج الحدود، وخلق ذلك خيبة أمل لدى الغالبية المتشوقة لإحلال السلام في تركيا وحل القضية الكوردية.

زأضاف الكاتب: “ولهذه الاسباب وغيرها، يشارك في الاحتجاجات مختلف فئات الشعب من الاتاتوركيين ومحبي كرة القدم والشباب الغاضب على القوانين التي يراها تحد من حريته, الى اليسار التركي الذي انتظر سنوات عديدة فرصة كهذه لتعبير عن ذاته والصراخ بشعاراته وأهدافه وكذلك العلويون الذين يعانون من التفرقة الطائفية وخاصة في السنوات الاخيرة بسبب الدعم والمساندة التي يتلقها التيار السني الاصولي داخل المجتمع التركي من قبل اردوغان. ويقدر عددهم بأكثر من خمسة عشرة مليون ولهم تأثير واضح على الحياة المدنية ومنظمات المجتمع المدني وحتى الاسلاميون المعتدلون الذين يتخوفون من أن تسبب اجراءات حكومة اردوغان في تأجيج الصراع الطائفي زيادة على القومي الموجود اصلا”.

وأخيرا مشاركة الكورد في الاحتجاجات للضغط على اردوغان لتنفيذ وعوده بخصوص حل القضية الكوردية ولإظهار الرفض الكوردي لإجراءات الحكومة التي تريد تقيد الحريات العامة والسير باتجاه احتكار السلطة من خلال ما ذكرناه من الاستيلاء على كافة المؤسسات الحكومية.

منذ فترة طويلة لم تجري في تركيا احتجاجات جماهيرية ضد الحكومة بمثل هذا الحجم (اذا استثنينا الاحتجاجات الكوردية المستمرة ضدها) وتحت الشعارات المرفوعة والتي تختلف من مجموعة الى اخرى, اي ليس هناك هدف واحد للمعتصمين سوى ان يقدم اردوغان استقالته. اما بقية الشعارات والمطالب فكل فئة تصرخ بوجعها وتنادي بما تؤمن به ,وهذا ما يعطينا الحق بان تصفها بانها حالة غليان شعبي, يشترك فيه مختلف فئات الشعب وهذا ما يعطيه الزخم والاستمرارية, بالرغم من العنف المفرط الذي استخدمته شرطة اردوغان ضد المتظاهرين. لقد كان التحذير الاوربي والقلق من استعمال القوة المفرطة ضد المحتجين , والطلب من اردوغان بالجلوي مع المحتجين والسماع لمطالبهم ليتم الى الاتفاق في تذليل العراقيل أمام تطبيق تلك المطالب, خطوة معنوية كبيرة للمحتجين وضربة موجعة لاردوغان والمؤيدين له داخل الحكومة و التي بدأت تظهر فيها اختلاف الرؤية والموقف من ما يجري وخاصة بينه وبين الرئيس عبدالله غول, الذي يعتبر أقل من اردوغان مرونة في التعاطي مع الاحداث بشكل عام.

ويخلص الكاتب الى أنه “ولهذا ان استمرت الاحتجاجات أو توقفت فان الحقبة الاردوغانية في تركيا العلمانية قد انتهت ولم يعد يملك مشروعية البقاء على راس هرم السلطة بعد ان ظهر الصراع داخل بيته (حزبه) الذي كان قد أسسه وحصنه ولقنه ليكون على راسه الى الابد، لم يعد له أمامه سوى التفكير بكيفية الخروج من المأزق دون فضائح وترك المجال لخلفائه بالسير على نهجه اذا كان ذلك ممكنا” ، واحتمال الانقلاب عليه داخل الحزب الحاكم ليس ببعيد بسب التدخلات الدولية وتأثير الأحداث الاقليمية وخاصة فشله الزريع في التعاطي مع الثورة السورية ودعمه للقوى الراديكالية الاسلامية المصنفة في قائمة الارهاب، لننتظر فالأيام القليلة القادمة ستفرز الحلول المطروحة امام السلطان اردوغان..”.

Share This