عندما فكر بوغوص نوبار باشا في مد خط مترو

لماذا مترو.. لمدينة أكتوبر؟ بقلم – عباس الطرابيلي

ونحن نهنئ محافظ الجيزة – الدكتور علي عبد الرحمن – وهي تهنئة واجبة فهو يطبق قواعد العلم والعمل الصحيحة في ادارته للمحافظة.. بل أراه الأكثر عملاً في صمت.. أقول ذلك وأنا دمياطي المولد والهوي.. إلا أنني جيزاوي الهوية منذ سكنت فيها في اكتوبر 1957 عندما جئتها للدراسة بجامعة القاهرة.. أقول إن هذا الاستاذ العالم الذي أراه يمضي علي الطبيعة 48 ساعة في كل يوم.. يعمل ويشرف ويتابع، وهذا ما نحتاجه من محافظ الإقليم، أي إقليم.. ينتظر منه الناس الكثير.. ولهذا كان بقاؤه في موقعه مكسباً للجيزة وأهلها.. وأملاً في غد أفضل.

أقول وقد قرأت تصريحاً يتحدث فيه عن تنفيذ مشروع للنقل الجماعي يتكون من 150 سيارة ميكروباص لحل مشاكل سكان مدينة 6 أكتوبر، وهو بذلك يفتح فرصة عمل طيبة لسكانها – وهذا أحد الشروط – تم استجابة المحافظ لطلب جهاز المدينة لحل مشكلة النقل الداخلي. وهذا كله جيد، ومطلوب.. ولكن الأفضل منه أن ننظر إلي هذه القضية بطريقة أشمل.. هنا أعيد إلي الذاكرة أسطورة رجل الأعمال والمناجم والسكك الحديدية البارون ادوارد أمبان البلجيكي وشريكه المصري بوغوص نوبار عندما فكرا في إنشاء ضاحية جديدة للقاهرة اسمها ضاحية واحات عين شمس التي أصبحت هيلوبوليس أو مصر الجديدة منذ عام 1906 لتوسيع زمام القاهرة.. فماذا فعل هذا البلجيكي المحب لمصر وشريكه الأرمني المصري نوبار.. كان أول ما فكر فيه البارون ادوارد أمبان هو مد خط مترو.. سكة حديد ضيقة تربط بين ضاحيته الجديدة.. وبين قلب القاهرة.. وحصل علي هذا الامتياز من الحكومة المصرية.. وكان قراره حكيماً بعزل مسار هذا المترو عن باقي مسارات وسائل النقل الأخري.. من ترام تقليدي وسيارات وعربات سوارس.. حتى تنطلق عربات المترو دون أي عائق فتصل إلي غرضها في مواعيدها المقررة.. وأحاط هذا المسار ثم المسارات الأخري إلي عبد العزيز فهمي والميرغني وغيرهما بما يحميها من تداخل وسائل النقل الأخري بهذه المسارات..

وأخذ ينشر إعلانات في الصحف وعربات المترو لتشجيع الناس على السكن هناك، بل جعل قيمة تذكرة الدرجة الأولي 10 مليمات والثانية 7 مليمات، وكانت هذه الخطوط تبدأ من كوبري الليمون «ميدان رمسيس حالياً» ومن عند شارع عماد الدين وتقاطعه مع شارع رمسيس حالياً.. ونقلت عربات هذا «المترو الابيض» والترام عام 1925 أكثر من 10 ملايين راكب بعد أن قفز عدد سكان هذه الضاحية من 5000 شخص إلي 16 الفاً عام 1925 ووصل عددهم عام 1947 إلي 50 ألف شخص.. ومن المؤكد أن حجم الحركة والسكان الداخلين والخارجين من مدينة 6 أكتوبر هو أحد أكبر المشاكل أمام محافظ الجيزة.. وما نراه من زحام علي خط المحور يؤكد لنا أننا لا نعرف كيف نخطط للمستقبل. حقيقي تم تطوير طريق المحور وبالذات من ميدان لبنان إلي داخل 6 أكتوبر.. وتمت توسعة عرض وعدد حارات هذا المحور.. لكن المشكلة هي في اتصال هذا المحور بالطريق الدائري صعوداً وهبوطاً إلي المحور.. وليس غريباً أن نقطع المسافة من الإسكندرية الصحراوي إلي أول المحور في ساعتين.. ثم نحتاج إلي ساعتين لنخرج من هذا المحور!! والدولة هي المتضررة من اختناق المرور علي هذا المحور ذهابا وإيابا إلي مدينة السادس من اكتوبر سواء باستهلاك وقود دون تحرك سيارة وزيوت محركات.. وضياع قيمة ساعات عمل عديدة هي التي تقف فيها حركة السير، إذ اصبحت الاختناقات علي المحور أشد خطراً من اختناقات وسط القاهرة.. ولو حسبنا قيمة الوقود الضائع وقيمة ساعات العمل واستهلاك السيارات نفسها.. مع تكاليف إنشاء خط للمترو علي جانب طريق المحور ولمدة 20 سنة فقط.. لوجدنا ان تكاليف هذا الخط أقل كثيراً من الفاقد عليه الآن..
وأعرف أن هناك خططاً أخرى لمد محاور مرورية تصل بالمرور إلي طريق الإسكندرية الصحراوي.. ولكنها سرعان ما تمتلئ هي أيضاً بالسيارات، حتي ولو تعددت هذه المحاور..

والحل الأفضل هو خط مترو B.O.T أي ينفذه القطاع الخاص ويديره كذلك.. على ان تشارك في تكاليف المصانع والشركات الموجودة الآن بمدينة اكتوبر، ولها خطوط اتوبيس تنقل موظفيها وعمالها من المصانع إلي وسط القاهرة..

احسبوها.. وأسرعوا قبل ان نفاجأ بمن يحتل حرم طريق المحور الحالي ونضطر إلي دفع تعويضات باهظة لإخلاء هذا المسار اللازم لخط المترو الذي اقترحه..

الوفد

Share This