أول رحالة كتب عن أرمن بغداد، هو الرحالة الشهير كارستن نيبور

العراق بآثاره وحضارته جذب الزوار والسياح والمستشرقين على الدوام، قام الرحالة الألماني كارستن نيبور، برحلة إلى العراق، بتكليف من ملك الدانمارك، امتدت ست سنوات في الفترة (1761 1767)، زار خلالها اسطنبول ومصر وجدة واليمن والهند، وبعد ذلك عبر بلاد فارس والعراق والشام ليوثق واقع تلك البلدان لساسة أوروبا.

ومن شغفه بالعراق، قام هذا الرحالة، الذي يتمتع برؤية علمية، على تسجيل أسماء القرى والأنهار والحكايات والقصص والأساطير، وأسماء العشائر والحكام، بحيث جمع في ذاكرته موسوعة كبيرة. كما رسم الخرائط والأبنية والأزياء وغيرها مما يصادفـه أثناء رحلته في بغداد.

سكان المدينة آنذاك 50 ألفاً

استغرقت رحلته من كوبنهاغن إلى بغداد نحو خمسة أعوام، عن طريق البصرة التي وصلها أولاً. وفوجئ بأن نفوس هذه المدينة آنذاك 50 ألف نسمة، وهو عدد كبير آنذاك.

ولاحظ على مبعدة من البصرة في ضواحيها، قبور بعض الصحابة التي يزورها الناس ويدفنون موتاهم بقربها. كما يشير نيبور إلى كثافة بساتين النخيل في البصرة وأنواع التمور فيها، ويعدد أسماءها: المكتوم والبريم والخضراوي والأشرسي والإبراهيمي وغيرها.

ثم يسافر إلى بغداد عبر نهر الفرات بوساطة المراكب التي يسحبها العمال بين محطات محددة التي لا يصلها على الفور. وفي الطريق يقابل العشائر، ومنها قبيلة «المنتفج» التي تسيطر على أجزاء كبيرة من المنطقة. وقد استطاع أن يميز بين «أهل البعر» الذين سكنوا الخيام وهم مربو الجمال من البدو، و«المعدان» مربو الأبقار والجاموس الذين يسكنون الأكواخ المصنوعة من القصب.

الأراضي الخصبة ومظاهر البؤس

كان نيبـور يستغــرب من وجود الأراضي الزراعية الخصبة ووفرة المياه من ناحية، ومظاهر البؤس الذي يعيش فيه السكان. ولدى وصوله إلى النجف، يصف المسجد والقبب الذهبية للضريح ولكنه لم يستطع الدخول خشية العقوبة لأنه أجنبي ومسيحي. كما يزور مشهد الحسين كربلاء. بعد أن أنهى زيارته إلى النجف الأشرف وكربلاء توجه إلى الحلة في طريقه إلى بغداد. وعرج على بابل القديمة، ولكنه وجدها عبارة عن أكوام من التراب والآجر من الصعب أن يجد فيها آثار جنائن بابل المعلقة.

يصف بغداد بأنها كثيرة البساتين وشوارعها ضيقة وأسواقها مسقوفة. ويقول إن أبوابهـا الرئيسية ثلاثة. الباب الأول هو باب المعظم نسبة إلى الإمام الأعظم أبي حنيفة، (وقد نسفه الأتراك بعد انسحابهم من بغداد إثر دخول الجيش البريطاني في عام 1917). والباب الثاني هو الباب الوسطاني، وهو ما يزال قائماً والباب الثالث، هو باب الطلسم ومكانه باب الشرقي الحالي، وقد هدم منذ زمن طويل، ويقع السراي الذي هو قصر الباشا العثماني على نهر دجلة، والذي لا يزال قائماً في نفس المكان بعد أن تم تجديده وتوسيعه في القرن التاسع عشر، ويسمى حالياً (القشلة). وغير بعيد عنه تقع المدرسة المستنصرية، ويقول إنه تحول جزء منها إلى خان والجزء الآخر إلى بناية للضريبة. أما المدرسة الرئيسية في بغداد فهي مدرسة مرجان بجانب خان مرجان ومسجد مرجان.

حامية تضم أضرحة الأنبياء

في الثالث من آذار 1766 يتوجه إلى كردستان والموصل، ويقول إن كردستان تتألف من ثلاث ولايات. وفي 10 آذار وصل إلى كركوك، ويقول عنها: تقع في وادي جميل وخصب، وفيها حامية للانكشاريين وتضم أضرحة الأنبياء دانيل وميخائيل واليعازر.

ويسافر من كركوك إلى إربيل التي يقول عنها: تشتهر بزراعة القمح الجيد، وتضم حامية انكشارية، وفي طريقه إلى الموصل يمر بالعديد من القرى المسيحية مثل كرماليس والقوش، ويقول إن بطريرك النسطوريين يقيم في القوش، واسمه إيليا، وأخبره أن مناطق نفوذه تشمل 300 قرية مسيحية…. أول من رسم خارطة الخليج العربي

تجول العالم والرحالة الدانماركي كارستن نيبور في رحلته إلى بلدان عربية، وزار الحجاز في الفترة بين 1761 1767 والهدف من الرحلة الاكتشاف العلمي ورسم بعض الخرائط البحرية. لم يكن كرستين وحيداً في الرحلة، حيث كان معه بعض الرسامين الذين قاموا برسم بعض المشاهد.

إن أهمية رحلة العالم الدانماركي الألماني الأصل كارستن نيبور تنبع من كونه من أقدم الرحالة الأوروبيين الذين تجولوا في بلادنا العربية، وتقديمه وصفاً تفصيلياً لجغرافيا وتاريخ ومجتمعات العرب قبل قرنين ونصف القرن، إضافة إلى تقديمه وصفاً عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في أول نشوئها. وقد وضع خريطة الخليج العربي، التي وضعها كارستن نيبور في الكتاب الذي وصف فيه رحلته إلى الجزيرة العربية، والذي نشرت الطبعة الأولى منه في الدانمرك عام 1772م، علماً بأنه قد قام برحلته عام 1761م.

السفر عبر البلدان العربية

تعتبر خريطة نيبور أول خريطة ورد فيها اسم الكويت، وذكر من المواقع الكويتية خور عبدالله وجزيرتي بوبيان وفيلكا. نيبور من الرحالة الذي نعتبرهم شهود عيان لمرحلة مهمة من التاريخ العربي، وتميز بدقته وأمانته ونبله على عكس كثير من الرحالة. وركز اهتمامه على جمع معلومات صحيحة وموضوعية لتوضع على مكاتب الساسة الأوروبيين الذين سيبنون على ضوء هذه المعلومات سياستهم مع العرب أو الأتراك أيام مجدهم. لذلك اعتمد الإنجليز عليه كثيراً واحترموا آراءه. ويعتبر كتاب الرحالة نيبور «السفر عبر البلدان العربية» من أهم المراجع التاريخية الأوروبية التي تحدثت ووصفت البلاد العربية التي مر بها الرحالة الدنماركي نيبور ورفاقه في سنة 1761.

رفد المكتبة العراقية ومن ثم العربية بكتاب يؤرخ لبغداد في عام 1765. وقد التقى نيبور بكثير من الأرمن خلال رحلته البرية عبر العراق، من البصرة إلى حلب على البحر المتوسط، فأول ما التقى في البصرة كان الأرمن، مميزاً إياهم من لغتهم وملابسهم وعاداتهم وتقاليدهم، مشيراً إلى هجرة الكثير منهم من إيران إلى العراق، بسبب الفتن والثورات المنتشرة فيها، وأن هؤلاء عملوا في التجارة والصناعة في بغداد والبصرة فكانوا من عوامل نهوضهما اقتصادياً.

سيرة

المؤلف هو كارستن نيبور سائح ألماني ولد سنة 1733م وتوفي في 1815 كان من أواصل المستكشفين في جزيرة العرب وبلاد عربية أخرى، وصل البصرة في 1765/8/1 ومنها إلى بغداد وهو الوحيد الذي ظل على قيد الحياة من بعثة دنماركية استغرقت ست سنوات و11 شهراً و 16 يوماً، حيث غادر كوبنهاغن في 1761/1/4 وعادت إليها 1767/1/20. وعلى الرغم من أن نيبور ألماني الأصل والثقافة، إلا أنه كان يحمل جواز سفر دانمركياً، وكان شعوره بدانمركيته قوياً منذ دخوله في خدمة الملك فريدريك الخامس.

كان فلاحاً

أول رحالة كتب عن أرمن بغداد، هو الرحالة الشهير كارستن نيبور، وهو عالم دانمركي من أصل ألماني، ولد بمدينة لدينغورث من مقاطعة لاونبرغ في 17 مارس 1733، لأب فلاح من سيليزيا، وبدأ حياته فلاحاً يساعد والده في الحقل، ثم بدأ تعليمه في سن الثانية والعشرين، حينما التحق بجامعة غوتنجن، لدراسة الرياضيات وعلم الفلك. وفي عام 1760 قرر ملك الدانمرك، فريدريك الخامس، بناء على مشورة يوهان ديفيد ميخائيلس أستاذ اللاهوت المسيحي، وفقه اللغة العبرية بجامعة غوتنجن، إرسال بعثة علمية مشتركة إلى بلدان الشرق الأدنى، وجنوب الجزيرة العربية، لتقصي الأخبار والمعلومات العلمية عنها، فاستدعى نيبور للانضمام إليها.

وقد انقطعت أخبار كارستن نيبور منذ وصوله إلى البصرة، وكان قد ارتدى الملابس العربية منذ أن وطأت أقدامه مدينة البصرة، وانتحل اسم عبدالله.

البيان

Share This