جولي مراد شرّعت الضاد على أرمينيا

في كتابها «شعراؤنا/ صانعو مجد أرمينيا» (دار المراد)، تقدّم المترجمة والصحافية اللبنانية صورة عن الشعر الأرمني الذي يكاد يكون مجهولاً بالنسبة إلى غالبية القراء العرب. نصوص تبدأ من أسطورة «فاهاكن» إله الحرب، ولا تنتهي عند «شاعر الحداثة» هنريك إتويان.

قدمت جولي مراد في كتابها «شعراؤنا/ صانعو مجد أرمينيا» (دار المراد) صورة عامة ومختصرة في الوقت نفسه عن الشعر الأرمني الذي يكاد يكون مجهولاً بالنسبة إلى غالبية القراء العرب. ويُضاف الكتاب الصادر بتجليد فني وطباعة أنيقة مزينة باللوحات والزخارف، إلى عدد من الإصدارات المماثلة والنادرة التي حاول أصحابها أن يوسّعوا الصورة النمطية المحفوظة عن الأرمن كشعبٍ تعرّض للإبادة في بدايات القرن الماضي.

ولعل الشعر، والفنون عموماً، هو الأقدر على تعميق هذه المعرفة، وتحويلها إلى هاجس مشترك، وخصوصاً في لبنان، حيث يسهم الأرمن اللبنانيون، إلى جوار الأطياف اللبنانية الأخرى في مجمل نشاطات الحياة اليومية. لكنّ تاريخهم الشعري والفني غير معروف بما يوازي حضورهم الفعلي. هكذا، يأتي الكتاب ليسدّ فجوة في هذا السياق، وليكون بمثابة هدية عابرة من اللغة الأرمنية وشعرائها إلى لغة الضاد وقرائها. يضم الكتاب قصائد لشعراء من أجيال مختلفة، وبترتيب يُراعي التعاقب الزمني، حيث تتوالى أسماء الشعراء مرفقةً بنبذة تعرّف بكل واحد منهم، ويلي ذلك قصيدة أو أكثر تضع في عهدة القارئ مساهمة كل شاعر في كتابة التاريخ الأرمني، وفي تطوير اللغة والموضوعات والمهارات الأسلوبية، وهو ما نراه يتراكم ببطء في القصائد والنصوص التي تبدأ من أسطورة «فاهاكن» إله الحرب والبطولة في الأساطير الأرمنية، ولا تنتهي بـ«شاعر الحداثة» هنريك إتويان المولود سنة 1940، وبينهما تمرّ أسماء شهيرة تحولت إلى أيقونات ثقافية ووجدانية لدى الشعب الأرمني، ونذكر من هؤلاء: يغيشيه تشارنتس، هوفهانس تومانيان، سايات نوفا، كوميداس، وسواهم ممن أظهروا خصوصية الهوية الأرمنية وتاريخها وتراثها الخصب، بينما خلا الكتاب من شعر الأجيال الجديدة، وربما تأجل ذلك إلى جزء ثانٍ تكتمل به صورة الشعر الأرمني.

سفراء اللون

إضافةً إلى الشعر، ضم الكتاب ملحقاً بعنوان «سفراء اللون»، حيث نقرأ مقدمة للرسام والباحث محمود الزيباوي حول «الفنون التشكيلية الأرمنية»، يستذكر فيها عدداً من التجارب التي صنعت هوية المحترف الأرمني منذ التجارب الرائدة التي استلهمت فن الأيقونة، ثم التجارب المتأثرة بالفن الأوروبي الكلاسيكي، قبل أن يشهد هذا المحترف انعطافة كبرى في النصف الثاني من القرن الماضي. وتتوالى عشرات الأسماء مع نبذة تعريفية ونماذج فنية لكل واحد. نماذج تصوغ الانطباع العام عن هذا الفن الذي اختبر فيه الفنانون الأرمن القلق «بين هوية الذات وهوية الآخر»، وابتكروا «طرقاً جديدة تخرج عن الكلاسيكية، وتحمل أسئلة العصر وروحه»، وهو ما نراه في اللوحات التي ينشغل أغلبها بالمناظر الطبيعية والتشخيصات الواقعية.

قصائد “صوتية”

من الواضح أن فكرة إصدار الكتاب ترافقت مع طموح احتفالي واضح، وهو ما يتّضح في الأناقة الباذخة والورق الصقيل واللوحات الملونة. أناقةٌ تعاون فيها الناشر والمترجمة على تأمين رعاية سياسية وثقافية وشعبية للكتاب. هكذا، حظي العمل بكلمة للناشر (دار المراد) بعنوان «صنين يعانق أرارات»، وكلمة ثانية من الرئيس الأرمني سيرج سركيسيان، وكلمة ثالثة من الوزير السابق ميشال إده، وكلمة رابعة ليرتشي صاموئيليان، وتحية كبيرة كتبها الكاتب والروائي اللبناني أنطوان الدويهي، ثم مقدِّمة للمترجمة نفسها، بينما تتضمن كل نسخة من الكتاب «سي دي» يحتوي على قصائد ملقاة بأصوات: جورج قرداحي، باسمة بطولي، زياد عقيقي وجولي مراد.

زينة حداد

الأخبار

Share This