الذكرى 125 لوفاة الكاتب الأرمني رافي

المصدر: د. نورا أريسيان – الموسوعة العربية

يعتبر رافي Raffi (1835-1888) أهم روائي أرمني في فترة السبعينات والثمانينات من القرن التاسع عشر. وقد شكل الشخصية المركزية في الأدب الأرمني في تلك الحقبة. اسمه الحقيقي هاكوب ميليك هاكوبيان.

ولد عام 1835 في منطقة أدرباداكان الإيرانية حيث حصل على تعليمه الأولي. كان والده تاجراً غنياً ، وكان يأخذه معه في أسفاره (1857-1858) مما أتاح له التعرف على أنماط حياة مختلفة وكان يسجل انطباعاته، وقد شكلت تلك الملاحظات لبنة لإبداعاته. وفي فترة (1875-1879) عمل كمدرس للغة الأرمنية. واستقر لاحقاً في تبليسي عاصمة جيورجيا وبدأ حياته الأدبية، حيث عمل في جريدة مشاك (1883) فكان يكتب مقالات تتحدث عن الحياة الاجتماعية للأرمن في إيران.

بدأ رافي بكتابة الشعر والقصص القصيرة، ونجد في جعبته قصائد مثل “سارا” Sara (1874) وقصص مثل “الحرملك” (1874).

أبدع رافي إرثاً أدبياً غنياً من روايات وقصص وقصائد ودراسات ومقالات نقدية .

في البداية ، كانت نقطة الانطلاق التوعية والتنوير. وكان ينظر الى تاريخ الانسانية على أنها الصراع الأبدي بين الخير والشر فيرسم صور العالم بين أقطاب متناقضة.

وقد نسج هذه الحقيقة في أعمال روائية مثل “سالبي” (1911) حيث رسم الاقطاعية في الجهل واستغلال حقوق الانسان وفي منحى آخر رسم الأبطال الذين يسعون لتغيير الحياة بقوانين المنطق.

أما مقدرته النقدية فقد برزت في مقالات نقدية منها “كتابة الرواية لدى الأرمن الروس” (1887) وغيرها من الدراسات حيث تطرق الى شروط تطور الأدب والأرمني وغيرها من المواضيع.

أثرت أحداث الحرب الروسية-التركية 1877-1878 في إبداعات رافي. فيظهر الكاتب كأفضل منادي للتحرر. ويطرح في كتاباته فكرة النضال التحرري الوطني في ظل انعدام الدبلوماسية الاوروبية لحل القضية الأرمنية.

وكان في رواياته ينطلق من مبدأ الوحدة الوطنية، وقد جلبت له الشهرة والشعبية . وتكمن القيمة الابداعية لرافي في هذه الفترة بأنه أدان سياسة الإفناء التي اتبعها السلطان ضد الأرمن. وتغدو هذه الفكرة أكثر وضوحاً في روايات “المجنون” (1881) التي بلغ بها الذروة و”الشرر” Gaytzer (1883) التي تعتبر موسوعة حركات التحرر الأرمنية وأهم ملحمة في الأدب الأرمني الحديث. أما في رواية “دافيد بك” (1882) فتتجلى أحداث حركة التحرر الوطنية في بداية القرن الثامن عشر.

ونلاحظ أن رافي انتقل الى كتابة الرواية التاريخية، نتيجة لتطور تفكيره وبسبب الأوضاع السياسية في بداية الثمانينات.

تعتبر رواية “صامويل” (1886) من أفضل النماذج في الرواية الأرمنية حيث تدخل في عالم الرواية التاريخية بقيمتها الفنية العالية وعمق تأريخها. لقد اختار رافي موضوع الرواية من تاريخ الأرمن في القرن الرابع. فقد قام بجهد كبير في تقديم تلك الحقبة الزمنية المليئة بالأحداث المعقدة .

كان رافي يطرح أفكاره الشجاعة من خلال رواياته، كفكرة تهيئة الشعب للنضال من أجل الوقوف ضد الاستغلال. ففي رواية (الشرر) يثير مسألة توعية الشعب بالروح الوطنية. ينتقل أبطال الرواية من مكان الى آخر، فتتاح بذلك للمؤلف الفرصة لوصف حياة الأرمن والطبيعة بكل سحرها وجمالها.

له دور بارز في تطوير اللغة الأدبية الأرمنية . قام رافي بتقريب الأدب الأرمني من مقاييس الأدب العالمي في تلك الفترة، ورفع من مستوى النثر الأرمني مبدعاً نماذج مميزة من القصة والرسائل والرواية مما جعله يتبوأ منزلة الصدارة بين كتاب عصره.

Share This